أبناء الصعيد فن ابداع اصالة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كل ما يهم اهل الصعيد من معلومات و ابداع


    العلمانية واللبرالية فى ميزان الإسلام

    ابن مصر
    ابن مصر
    وسام التكريم


    الجنس : ذكر
    الابراج : الثور
    عدد الرسائل : 1394
    تاريخ الميلاد : 01/05/1978
    العمر : 46
    نقاط : 2300
    تاريخ التسجيل : 02/01/2011

    للاهمية العلمانية واللبرالية فى ميزان الإسلام

    مُساهمة من طرف ابن مصر الثلاثاء 16 أغسطس - 22:48:17

    مـقـدمـة
    الحمدُ لله العليّ الكَبِير، وأَشهَدُ أَن لا إِلهَ إلاّ هُو وَحدَه
    لاشَريكَ لَهُ الحكيمُ الخبير، أَنزَلَ القُرآنَ، وَأَمَرَ بالإِيمان،
    وَجَعَلَ الإِسلامَ الدينَ الثابتَ الأَركان، وَفَرَضَ الدخولَ فِيِه
    كافَّة على الكافَّةِ من الإنسِ والجان، وحَكَم على كُّلِّ مَنهَجٍ
    يُعارِضُه، أَنَّه ضَربُُ مِن الشِركِ والعصيان، وتخليطٌ مِنَ الهَذَيان،
    واتِّباعُُ للشَيطان، وَسَبيلٌ إِلى الضلالِ والخُسران.
    وأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ علَيهِ وَعلى آلِه وَصحبِهِ
    وَسَلّم، عبدُ الله ورسولُه، أَرسَلَه بالمحجّة البيضاء، والملَّة
    السَمحاء، فَأَتى بأَوضِحِ البَراهِين لأَقوَم ديِن، وَأَبان مَحَجّةَ
    السالِكِين، وَحَكَمَ عَلى كلِّ مَن عَصاه وَخالفَ مَنهَجَهُ أَنَّه مِن
    الضّالِّين الخاسِرِين،


    وَبَعـــــد :



    قد كثر في هذه الأيام العصيبة ترديد كلمة ( الدولة المدنية)، (
    الديمقراطية)، ( الليبرالية، العلمانية)؛ ذلك لأن فساد البلاد في السنين
    الماضية أدى إلى أن يعتلي منابر الدولة من إعلام ومؤسسات ثقافية ثلة من
    العلمانيين الذين ابتعدوا عن نهج رب العالمين، ولهم دعوة واضحة يريدون أن
    يجعلوها الآن على أرض الواقع ويغيروا هوية مصر الإسلامية.
    دعوتهم ترك الاحتكام إلى الشريعة الإلهية، دعوتهم إلغاء المادة الثانية من
    الدستور التي تنص على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية
    ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، دعوتهم الهبوط من سمو
    الأخلاق الإسلامية إلى حضيض الرذائل البهيمية تحت شعار الحرية الشخصية،
    دعوتهم حصر الدين في المسجد وإلغاؤه من حياة الناس، يصفون أحكام رب البرية
    بالتخلف والرجعية.
    فلما كان الأمر كذلك، رأينا أن نكتب هذه الرسالة الموجزة بعبارة قريبة من
    القارئ العادي مبينين حقيقة هذه المذاهب الضالة و مواطن السم القاتل في هذه
    المذاهب، واضعين بين يدي القارئ ما الذي سيؤدي إليه انجراف المسلمين وراء
    هذه المذاهب في هذه الأيام العصيبة وذلك لتستبين سبيل المجرمين، وليهلك من
    هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، ولإقامة الحجة وبيان المحجة، وليقذف الله
    بإذنه بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.
    اللجنة العلمية بجمعية الترتيل
    **********












    العلمانية
    يطلق هذا الفكر في اللغة الإنجليزية (Secularism) وتعني اللادينية أو
    الدنيوية غير أنها اشتهرت باسم العلمانية ولعل ذلك كان مقصودا بغية إظهارها
    بمظهر يجعلها مقبولة بين المسلمين؛ لأن العلم في اللغة الإنجليزية
    (Science) والمذهب العلمي (Scientism) وهذا تلبيس شديد حتى يفهم الناس أن
    هذا المذهب المقصود به العلم والانفتاح العلمي، وليس هذا هو المراد.
    والعلمانية في قاموس ( أكسفورد): مفهوم يرى ضرورة أن تقوم الأخلاق والتعليم على أساس غير ديني.
    وترجع جذور هذا الفكر الذي نشأ في أوروبا نتيجة الظلم والاستبداد على يد
    الكنيسة لاسيما في العصور الوسطى حيث طغى رجال الكنيسة بدينهم المحرف
    وسيطروا على الحكام والمجتمعات وأرادوا السيطرة على حقائق العالم فنفوا من
    هذه الحقائق ما خالف تصوراتهم، وأقيمت على الشعوب هناك مذابح دموية وسميت
    بمحاكم التفتيش قتل فيها النساء والرجال بالآلاف، ومما يذكر من آلات
    التعذيب آلات كسر العظام وتقطيع الأطراف وانتزاع أثداء النساء وخلع الأظفار
    وكلاليب التعليق وقطع الألسنة وألوان شتى من ألوان التعذيب.
    وقد صاحب هذا فساد في أحوالهم الدينية، فصكوا صكوك الغفران وزعموا أنه لا تقبل عبادة العباد إلا من خلال رجال الكنائس.
    ورويدا رويدا بدأ التململ والتذمر الذي انتهى بالثورة والتي من أبرزها
    الفرنسية التي آلت على نفسها محاربة الملكية وتسلط القساوسة معا بتطرف
    يلخصه شعارها ( اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس) أي تخلصوا من كل الملوك
    ورجال الدين.
    ثم قامت الثورة بحصار على الدين في شعائر تعبدية فقط لا علاقة لها بالحياة،
    وأقامت حضارتها على المادية المحضة وفي اعتقادها أن العلم ضد الدين.
    وللعلمانية أركان ثلاثة:
    1. قصر الاهتمام الإنساني على الدنيا فقط وتأخير منزلة الدين في الحياة،
    فلا يصح أن يتدخل الدين في الحياة العامة بل هو محصور في المسجد فقط.
    2. فصل العلم والأخلاق والفكر والثقافة عن الالتزام بتعاليم الدين - أي
    دين كان- فالأخلاق والمبادئ عندهم من الأمور النسبية، بينما هي في الإسلام
    من الأمور الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل، فالزنا مثلا في الإسلام حرام
    ومناف للأخلاق من عهد النبي  إلى يوم القيامة، أما في العلمانية فالأمر
    نسبي فلا حرج طالما أن الاثنين متفقان على هذا.
    3. إقامة دولة ذات مؤسسات سياسية على أساس غير ديني.

    آراء العلمانيين في مذهبهم:


    فإذا سألت العلماني: هل أنزل الله تعالى دين الإسلام ليكون هاديا لنا في كل
    أمور حياتنا، فلا يجوز لنا أن نرفض شيئا منه؟ فإن جوابه لا يخرج عن ثلاثة
    احتمالات:
    1. أن يفر من الجواب.
    2. أو يقول بوضوح وصراحة: إن الدين يجب أن نعزله عن السياسة والثقافة
    والفكر وعن حياتنا الاجتماعية، وقد يكون لطيفا فيقول: إن الدين علاقة بين
    الإنسان وربه ولا يخرج عن أن يكون مسألة شخصية.
    يقول يوسف القعيد: إن مفهومي الشخصي للدين هو المسجد أو الكنيسة أو المعبد،
    وتقول منى مكرم عبيد رئيسة لجنة العلاقات الخارجية بحزب الوفد: لا بد أن
    تتصدى الدولة لدعاة الدولة الدينية، أما مصطفى الفقي عضو مجلس الشورى فيريد
    أن يضع الدين في مكانه المقدس كما يقول: ( دون الهبوط به إلى صراعات
    السياسة)، وهذا معناه كما يقولون لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة،
    فأحكام الله تعالى التي في قرآنه أو سنة نبيه  نضرب بها عرض الحائط ولا
    نأخذ منها إلا أحكام الوضوء والصلاة والعبادة!!.
    3. أو يقول العلماني: إن الدين كله حق والاحتكام إليه واجب، ولكن أين
    الذين يطبقونه كما أنزل، ثم يأخذ بعد ذلك بالطعن في حملة الدين ويسمونهم
    بالمتاجرين بالدين إلخ، وهو يقصد الطعن في الدين نفسه، فإذن النتيجة واحدة
    وهي أنه لا يمكن للناس بحال من الأحوال تحكيم الشريعة الإسلامية في شئون
    حياتهم.
    التقليد الأعمى:
    إذن أيها المسلمون هؤلاء العلمانيون يقلدون الغرب تقليدا أعمى عاريا عن
    الفهم والعقل فضلا عن الدين، فالكنيسة في أوروبا كانت هي الحاكمة على الشعب
    وعلى السلطة بدين محرف يعذبون ويقتلون، فقامت الثورة على الكنيسة وحجمت
    الدين في الكنيسة وواجهت الدنيا بهذا الفكر العلماني.
    أما في بلاد الإسلام فالمسجد لم يسيطر لا على الحكام ولا على الشعب، بل كان
    مضطهدا في كثير من الأحيان، ثم إن شرع الإسلام عظيم فيه صلاح الدنيا
    والآخرة، فنقول للعلمانيين: هذا تقليد أعمى يؤدي بكم إلى التهلكة إن لم
    تدرككم رحمة الله.
    ضلال العلمانيين:
    فالعلماني قد يكون ذلك الشخص الذي يطعن في الدين جهارا أو يسب القرآن
    والسنة أو يستهزئ بهما، وقد لا يكون كذلك ولكن يعتقد أنه غير مُلْزَم
    باتباع جميع ما جاء عن الرسول ، أو يعتقد أنه مخير بين أن يرفض بعض أحكام
    دين الإسلام، أو يعتقد أن الدين ليس شاملا لكل الحياة.
    فقد يقول لك على سبيل المثال: إن المرأة غير ملزمة بالحجاب الشرعي؛ لأنه لا
    يصلح لهذا الزمان، أو أن الحدود الشرعية لا تصلح للتطبيق في هذا الزمان؛
    لأنها وحشية، أو يقول إن النظام الاقتصادي لابد أن يقوم على الربا.
    ونسي هؤلاء المساكين أن الله تعالى قال: ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) (
    الأنعام: 57)، ( كُلٌّ مِنْ عِندِ اللَّهِ) ( النساء: 78)، (
    أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) ( البقرة:
    85)، ( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (
    المائدة: 50)، ( وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ
    هُمُ الْكَافِرُونَ) ( المائدة: 44)، ( وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا
    أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ( المائدة: 45)، (
    وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)
    ( المائدة: 47)، ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ
    فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً
    مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ( النساء: 65).
    نسي هؤلاء أنهم خالفوا مفهوم الربوبية؛ لأن من معاني كلمة ( رب) السيادة والملك، ومن تمام الملك أن يُنَفَّذَ حكم الملك فيما يملك.
    فكما أن لله الخلق فله كذلك الأمر: ( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ
    تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) ( الأعراف: 54)، فلله الأمر أي
    الحكم، كما في قوله تعالى: ( فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ
    رَبِّهِمْ) ( الأعراف: 77) أي حكم ربهم.
    ونسي هؤلاء العلمانيون أنهم خالفوا مفهوم الألوهية، فالإله هو المعبود
    والألوهية العبودية، فالعبادة هي حق الله على خلقه والمطلوب أن يؤدي العبد
    ما أمره به الله: ( اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)
    ( الأعراف: 59)، فيفرد الله بكمال الخضوع لأمره ونهيه واتباعه فيما
    أحل وحرم.






    الليبرالية







    هي وجه آخر من وجوه العلمانيَّة، وهي تعني في الأصل الحريَّة، غير أن
    معتنقيها يقصدون بها أن يكون الإنسان حراً في أن يفعل ما يشاء ويقول ما
    يشاء ويعتقد ما يشاء ويحكم بما يشاء، فالإنسان عند الليبراليين إله نفسه،
    وعابد هواه، غير محكوم بشريعة من الله تعالى الذي قال: ( قُلْ إِنَّ
    صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (
    162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
    (163)) ( الأنعام: 162، 163)؛ ولهذا فإن الليبراليَّة لا تُعطيك إجابات
    حاسمة على الأسئلة التالية مثلا: النظام الإسلاميُّ حق أم لا؟ وهل الربا
    حرام أم حلال؟ وهل القمار حلال أم حرام؟ وهل نسمح بالخمر أم نمنعها؟، وهل
    للمرأة أن تتبرج أم عليها أن تتحجب؟، وهل تساوي الرجل في كل شيء أم تختلف
    معه في بعض الأمور؟، وهل الزنا جريمة أم علاقة شخصية وإشباع لغريزة طبيعية
    إذا وقعت برضا الطرفين؟، وما هي القيم التي تحكم المجتمع؟، وهل الإجهاض
    مسموح أم ممنوع؟، وهل الشذوذ الجنسي حق أم باطل؟، وهل نسمح بحرية نشر أي
    شيء أم نمنع نشر الإلحاد والإباحية؟.
    مبدأ الليبرالية:

    فالليبراليّة ليس عندها جواب تعطيه للناس على هذه الأسئلة، ومبدؤها العام
    هو: دعوا الناس كلُّ إله لنفسه وعابد لهواه، فهم أحرار في الإجابة على هذه
    الأسئلة كما يشتهون ويشاءون، وأما ما يجب أن يسود المجتمع من القوانين
    والأحكام، فليس هناك سبيل إلا التصويت الديمقراطي، وبه وحده تُعرَف
    القوانين التي تحكم الحياة العامة، وهو شريعة الناس لا شريعة لهم سواها.
    ولا يقيم الليبراليون أي وزن لشريعة الله تعالى، إذا ناقض التصويتُ
    الديمقراطي أحكامَها المحكمة المنزلة من الله تعالى، ولا يبالون أن يضربوا
    بأحكامها عرض الحائط، حتى لو كان الحكم النهائي الناتج من التصويت هو عدم
    تجريم الزنا، أو عدم تجريم شرب الخمر، أو كان تحليلاً للربا، أو كان السماح
    بتبرج النساء، أو التعري والشذوذ الجنسي والإجهاض، أو نشر الإلحاد تحت
    ذريعة حرية الرأي، وكل شيء في المذهب الليبراليِّ متغيِّر، وقابل للجدل
    والأخذ والردِّ حتى أحكام القرآن المحكمة القطعيَّة.
    فإذن إله الليبراليَّة الحاكم على كل شيء بالصواب أو الخطأ، حرية الإنسان
    وهواه وعقله وفكره، وحكم الأغلبيَّة من الأصوات هو القول الفصل في كل شئون
    حياة الناس العامة، سواءٌ عندهم عارض الشريعة الإلهيَّة أو وافقها، غير أن
    العجب كلَّ العجب أنَّه لو صار حكمُ الأغلبيَّة هو الدين، واختار عامة
    الشعب الحكم بالإسلام، واتباع منهج الله تعالى فإن الليبراليّة هنا تنزعج
    انزعاجاً شديداً، وتشن على هذا الاختيار الشعبي حرباً شعواء، فيتشبهون
    بهؤلاء الذين قال عنهم الله: ( وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ
    اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا
    ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) ( الزمر: 45).
    فالليبراليَّة إذاً عندما تقول للناس دعوا عبادة الله تعالى واتباع شريعته
    إلى طاعة وعبادة الهوى والشيطان، فهي تدعو إلى الشرك والكفر وفعل الفحشاء
    والمنكر، وهي عندما تزعم أنَّه لا يوجد حقٌ مطلق إلا الحريَّة والتغيُّر،
    فإنها تكفر بثوابت القرآن والسنة، وبأحكام الشريعة المحكمة التي أنزلها
    الله تعالى، والليبراليّة عندما تسوي بين دين الله الحق وغيره من الأهواء
    الباطلة، وعندما تسوّي بين المؤمنين بالله تعالى المتبعين لدينه والكافرين
    به بزعم أن الجميع سواء في مبدأ الحريّة، فهي بذلك تشرّع شريعة تناقض شريعة
    الله تعالى القائل: ( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً
    لا يَسْتَوُونَ) ( السجدة: 18).











    الديمقراطية












    هي في الأصل كلمة لاتينية مكونة من شقين وهما Demos وتعني الحكم أو السلطة،
    و Kratos وتعني الشعب، وبذلك فإن الديمقراطية هي حكم أو سلطة الشعب، ويقصد
    بها حكم الشعب بواسطة الشعب أو من خلال اختيار الشعب لمن ينوب عنه في
    الحكم، ويمكن القول بأن تداول كلمة الديمقراطية في أوروبا ازداد منذ القرن
    السابع عشر وخاصة في القرن الثامن عشر وذلك من خلال ازدهار الليبرالية
    السياسية، أما بالنسبة للعرب فلم تدخل كلمة الديمقراطية اللغة العربية إلا
    من خلال الغرب في أواخر القرن التاسع عشر.
    عناصر الديمقراطية:
    فقد أجمع العديد من المفكرين الغربيين على ضرورة وجود عناصر أساسية لاعتبار
    النظام القائم ديمقراطيًا، ومن بين هؤلاء المفكرين ( روبرت دال)، ويمكن
    دمج هذه العناصر مع بعضها البعض في عناصر خمسة أساسية وهي:
    1. توافر الحريات الأساسية مثل حرية التعبير عن الرأي، حرية الصحافة، حرية إنشاء جمعيات سياسية، وكذلك الحرية الدينية.
    2. وجود انتخابات حرة ونزيهة تعقد بشكل دوري كل سنتين أو مرة كل أربع سنوات.
    3. التعددية السياسية بمعنى وجود حزبين سياسيين أو أكثر تتنافس للوصول إلى السلطة.
    4. فصل السلطات، وهو فصل السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية، وكذلك
    فصلهما عن السلطة القضائية مع تحديد وظيفة كل من هذه السلطات.
    5. مبدأ سيادة القانون، وهو أن الجميع متساوون أمام القانون حتى ولو كان
    رئيسًا للدولة أو أعلى منصب سياسي في الدولة، فمن يخالف القانون يجب أن
    يحاكم ويعاقب.
    هذا عن الوجه الحسن للديمقراطية، أما الوجه الآخر القبيح الذي لا يفصح عنه الكثير فهو ما يلي:
    إن أهم عناصر الديمقراطية عنصران:

    الأول: سيادة الشعب.


    الثاني: الحقوق والحريات مكفولة.
    فمعنى السيادة للشعب: أي هو سيد السلطات الثلاثة التشريعية والقضائية
    والتنفيذية، فالسلطة التشريعية فيها يشرع الشعب ما يريد ولو خالف حكم الله،
    والسلطة القضائية فيها يقضي الشعب بما شرعه، والسلطة التنفيذية فيها ينفذ
    الشعب ما قضى به.
    إذن أين الله ورسوله من هذه الأحكام؟!! غير موجودين، مع أن الله تعالى قال:
    ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ)، فالسلطة التشريعية من الله تعالى من
    كتابه وسنة نبيه ، والسلطة القضائية والتنفيذية من الشعب على مراد الله
    تعالى.
    أما معنى الحقوق والحريات مكفولة: فكل واحد حر، ففي النظام الديمقراطي حرية
    الردة مكفولة، ينتقل بين الأديان كيف شاء ويسب ويلعن في القرآن والسنة كيف
    شاء تحت مظلة القانون الديمقراطي، وفي النظام الديمقراطي تحمل المرأة من
    سفاح فحريتها مكفولة، وفي النظام الديمقراطي لا دين ولا رجولة ولا أنوثة لا
    مسلم لا كافر لا بوذي لا شيء يمس الدين، كلهم سواسية.
    إن الديمقراطية هي حكم الشعب للشعب، إن الديمقراطية تعني أن نحتكم إلى
    الشعب ولا نحتكم إلى شريعة ربنا، إن الديمقراطية تعني أن نحكِّم المجالس
    التشريعية حتى ولو خالفت شريعة ربنا، إن الديمقراطية تعني أن نطبق ما وافق
    عليه غالبية أعضاء المجلس ولو كان مخالفا لشريعة ربنا.
    وهذه أيها الأفاضل مخالفة صريحة لما أمرنا الله عز وجل به من الاحتكام إلى
    شريعته ونبذ قوانين البشر؛ حيث يقول: ( إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ
    أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ) ( يوسف: 40)، وقال تعالى: (
    وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ
    أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) ( الأحزاب: 36).
    إن الديمقراطية من وضع وتأصيل أعداء الإسلام، واجهوا بها علماء ضلال
    ووثنية، وكهنة شر وفساد، أما نحن المسلمين فلسنا بحاجة إلى الديمقراطية،
    وإنما أبدلنا الله بها شريعته الإسلامية فإذا كانوا يتحاكمون إلى قوانين
    البشر، فنحن نتحاكم إلى قوانين رب البشر: ( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ
    حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) ( المائدة: 50) .
    الشورى ليست الديمقراطية:
    وأما ما يتعلق بالشورى -كما يُلَبِّس البعض- أي أنهم يُلَبِّسون على الناس
    ويقولون إن الديمقراطية مثل الشورى في الإسلام، فالشورى في الإسلام في
    الأمور التي لا نص فيها قطعيا، وفي تنفيذ الشرع، فإذا نزلت بنا نازلة، كيف
    نقيم حكم الله في هذه النازلة؟ أي نص ينطبق على هذه النازلة؟ هنا تكون
    الشورى، إما بالنص إذا كان النص آيةً أو حديثاً، وإما بالاستنباط، (
    وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ
    وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ
    لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) ( النساء: 83)،
    فنستنبط ونجتمع ونأخذ الرأي من أهله، إذا كانت مشكلةً أو نازلةً حربية
    مثلاً، يجمع العسكريون مع العلماء مع من يكون فيهم الثقة، ويقال لهم ما
    رأيكم في هذا؟ كيف نواجههم؟ كيف نقاومهم؟
    أما الآيات والأحاديث نحن ما اجتمعنا إلا لنعمل بها ولنقيمها، ولا نقاش في
    ذلك، لكن أهل الديمقراطية يجتمعون يقولون: نحرم الخمر أو لا نحرم, بل وصل
    الأمر والعياذ بالله إلى أن بعض مجالسهم الديمقراطية أباحت اللواط زواجاً
    أي أن يعقد للرجل على الرجل والعياذ بالله، هذه هي الديمقراطية نسأل الله
    العفو والعافية.
    إذن فالشورى في الإسلام النقاش: في كيف نطبق شرع الله على مراد الله وما هي
    الأدلة التي توافق المسائل، أما الديمقراطية: النقاش في كيف نشرع الشرائع
    ولو خالفت حكم الله.

    الدولة المدنية



    مفهوم الدولة المدنية:


    لا يقوم النظام الديمقراطي بداية إلا في دولة مدنية أو نستطيع أن نقول بعبارة أخرى إن الدولة الديمقراطية هي بالضرورة دولة مدنية.
    فما هي الدولة المدنية؟ الدولة المدنية هي دولة تقوم على أساس المواطنة
    المتساوية، بمعنى أن كل مواطن في الدولة يتساوى مع كل مواطن آخر فيها.
    المواطنون في الدولة المدنية سواء في الحقوق والواجبات لا تفرقة بينهم لأي
    سبب من الأسباب طالما كانوا يحملون جنسية الدولة أي طالما كانوا مواطنين في
    الدولة، والدولة المدنية على هذا النحو لا يمكن أن تكون دولة دينية أو
    دولة بوليسية، لأن الدولة الدينية تفرق بين المواطنين على أساس الانتماء
    الديني، أما الدولة البوليسية فهي لا تعرف الحق في المساواة، ومن ثم لا
    تعرف المعنى الصحيح للمواطنة.
    ومما قالوه أيضا إن الدولة المدنية ليست معادية للدين. الدين ضرورة
    اجتماعية وضرورة أخلاقية، ولكن الدين يجب أن يظل بعيداً عن السياسة
    والسياسة يجب أن تظل بعيدة عن الدين.
    يقول د.أحمد كمال أبو المجد وزير الإعلام الأسبق: فالدولة المدنية يمكن أن
    توضع في سياقين أحدهما هو الدولة المدنية المقابلة لمفهوم الدولة العسكرية
    والآخر يعني الدولة المدنية في مقابل الدولة الدينية.
    والحاصل أن الدولة المدنية ترتكز على دعائم ثلاثة وهي:
    • العلمانية أو اللادينية Secularism.

    • القومية أو الوطنية Nationalism.

    • الديمقراطية أو حكم الشعب Democracy.

    فالدولة المدنية الحديثة دولة علمانية، والعلمانية تعني فصل الدين عن الحياة، وعدم الالتزام بالعقيدة الدينية أو الهدي السماوي ... إلخ كما ذكر فيما سبق عن العلمانية.
    الدولة المدنية الحديثة دولة قومية:
    تبني الدولة المدنية الحديثة معاملاتها الداخلية والخارجية وفق نظرة ضيقة
    تتعصب للوطن ولأبناء الوطن، وتسعى لاستعلاء هذا الوطن وأبنائه على غيرهم،
    وهذه الغاية تبرر اتخاذ كافة الوسائل لتحقيقها دون ارتباط بقيم أو مراعاة
    لمبادئ وإن كانت سماوية، وصارت القومية والوطنية غاية تبرر الوسيلة، والويل
    كل الويل للشعوب المغلوبة من استعلاء الشعوب المنتصرة، وتحولت حياة الشعوب
    إلى صراع من أجل العلو في الأرض والزعامة الدنيوية. والإسلام يرفض استعلاء
    جنس على جنس أو قومية على قومية، ودعوة الإسلام دعوة عالمية، لا تنحصر في
    إقليم أو حدود أرضية أو جنس.
    الدولة المدنية الحديثة دولة ديمقراطية:
    بعد أن أبعدت العلمانية الدولة عن هدي السماء، ودفعتها القومية والوطنية
    إلى الأنانية والاستعلاء على الآخرين، تبنت الدولة المدنية الحديثة النظام
    الديمقراطي في الحكم، ليكون الحكم بمقتضى مصالح كل شعب ورغباته، فالحق
    والصواب ما يحقق منافع الأمة الدنيوية، والخطأ والباطل ما كان لا يحقق
    مصالحها، وتقدير المنافع والمصالح تحدده رغبات الشعوب وأهواؤها، وما كان
    مرفوضاً بالأمس يقبل اليوم، وما يقبل اليوم قد يرفض غداً.

    هدف هذه المذاهب الضالة:


    وبهذا العرض السابق لهذه الأفكار والمذاهب الغربية الضالة نعلم علم اليقين
    كيف أن هؤلاء العلمانيين الذين اعتلوا منابر الدولة الثقافية والفكرية
    والفنية كيف أنهم يريدون أن يغيروا هوية مصر الإسلامية، فيبدأون بإلغاء
    المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الإسلام دين الدولة واللغة
    العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع،
    وبهذا يتحقق مرادهم من إنشاء دولة مدنية فيها ما فيها من عفونات الأفكار
    الغربية الملحدة، وماذا عليهم لو تحاكموا بشريعة الله تعالى الذي أمرنا
    بها، فهو الخالق الملك: ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ
    الْخَبِيرُ) ( الملك: 14).



    وجوب التحاكم



    بالكتاب والسنة




    لم يقرر القرآن أصلا بعد توحيد الألوهية كما قرر هذا الأصل العظيم وجوب
    الاحتكام إلى الكتاب والسنة وطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في كل ما
    جاء به، مما يُؤذن بخطر التهاون في هذا الشأن العظيم، كيف وقد قرر القرآن
    أن الإعراض عن الشريعة واتباع غيرها عبادة للطاغوت ، ورحم الله العلامة ابن
    القيم إذ يقول: فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو
    يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما
    لا يعلمون أنه طاعة لله، فهذه طواغيت العالم إذا تدبرتها وتأملت أحوال
    الناس معها رأيت أكثرهم ( عدلوا) من عبادة الله إلى عبادة الطاغوت ( إعلام
    الموقعين (1/5)).



    وبين يديك بعض هذه الأدلة التي تدل على التحاكم بالكتاب والسنة، هذه الأدلة
    التي هي من كلام ربنا في كتابه العظيم، كي تنجو الأمة من براثين الضلالة
    والشرك:


    ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) ( يوسف: 40)،
    ( وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) ( الرعد:41 )،
    ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) ( المائدة: 50)،
    ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) ( الملك: 14)،
    ( وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) ( المائدة: 44)،
    ( وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ( المائدة: 45)،
    ( وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) ( المائدة: 47)
    ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) ( البقرة:216).
    ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ
    بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ
    وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) ( النساء:65)،
    ( وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ
    أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ
    اللَّهُ إِلَيْكَ) ( المائدة:49)،
    ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ
    وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن
    يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) (
    الأحزاب:36)،
    ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ
    إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ
    وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) ( النساء:59)،
    ( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا) ( النساء:66)،
    ( سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) ( البقرة:285)،
    ( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ) ( الأعراف:54)،
    ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ( النور:63)،
    ( وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) ( النور:54)،
    ( لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ) ( الحجرات: 1)،
    وقوله : ( تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ) ( رواه مسلم).
    وكذلك لا يجوز أن نأخذ بعض شرع الله ونترك البعض، فالدين لا يقبل أن يتجزأ
    من جهة القبول والإذعان له، قال سبحانه وتعالى: ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ
    الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) ( البقرة: 85).
    قال سبحانه: ( وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ
    وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150) أُولَئِكَ هُمُ
    الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً
    (151)) ( النساء: 150، 151).
    وقال سبحانه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا
    نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُم مِن قَبْلِ أَن نَطْمِسَ وُجُوهاً
    فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا
    أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً) (
    النساء: 47).
    وقال سبحانه: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ
    الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ
    كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً ( 51)
    أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن
    تَجِدَ لَهُ نَصِيراً (52)) ( النساء: 51، 52).
    وقال سبحانه: ( قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا
    أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
    وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن
    رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
    (84) وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ
    وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)) ( آل
    عمران: 84، 85).
    وقال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ
    كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ
    مُبِينٌ) (البقرة: 208).
    وقال سبحانه: ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً
    وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124) قَالَ رَبِّ لِمَ
    حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ
    آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126) وَكَذَلِكَ
    نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ
    الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)) ( طه: 124:
    127).
    وقول الحق تعالى: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ
    آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن
    يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ
    وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا
    قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ
    رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً (61)) ( النساء: 60،
    61).

    وأخيرا أيها المسلمون المؤمنون قد جعلنا الله سبحانه وتعالى في عصر قد
    تُحَدد فيه هوية مصر بل هوية الأمة الإسلامية كلها، وقد اختارنا الله
    لنجاهد بألسنتنا ودعوتنا للدفاع عن هذه الهوية الإسلامية، فإن سلبت في هذا
    العصر فقد يمتد هذا الضلال لسنوات بل لعقود قادمة، ثم ماذا نقول لربنا غدا
    عندما يسألنا: ( مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) (القصص: 65).







    محاسن الشريعة الإسلامية






    إن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم ومصالح العباد في المعاش والمعاد،
    وهي عدل كلها ورحمة كلها وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الظلم،
    وعن الرحمة إلى القسوة، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث
    فليست من الشريعة، فالشريعة عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه وحكمته
    الدالة عليه وعلى صدق رسوله r، وهداه الذي اهتدى به الأولون، وشفاؤه التام
    الذي به دواء كل عليل، فالشريعة قرة العيون وحياة القلوب ولذة الأرواح، فكل
    خير في الوجود فإنما مستفاد منها وحاصل بها، وكل نقص في الوجود فسببه
    إضاعتها، ولولا شيء تبقى منها لخربت الدنيا، فبالشريعة يمسك الله السماوات
    والأرض أن تزولا ،
    والأمثلة على ذلك كثيرة منها:
    في الطهارة؛ أحلت الشريعة الغراء التيمم، أي استعمال التراب لمن لم يجد
    الماء أو لمن يحدث له ضرر باستعماله؛ فقال جل شأنه: ( فَتَيَمَّمُوا
    صَعِيدًا طَيِّبًا) ( النساء: 43)، وليس على المتيمم إعادة حتى لو وجد
    الماء أو استطاع استعماله، وكذلك من كان على يده جبيرة لكسر أو لغيره فيمسح
    عليها ولا يكلف بغسل يده.
    وفي الصلاة؛ التي هي عمود الإسلام وأهم قواعده تجد يسر الشريعة وحكمتها
    ورحمتها، فقد قال r: ( مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا
    ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ) ، وكذلك تجد هذه الرحمة
    والتيسير في الصلاة للمسافر فله أن يقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين وله أن
    يجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء، وكذلك إذا مرض المكلف فإنه
    يصلي قائما فإن لم يستطع فقاعدا فإن عجز فعلى جنبه.
    وفي الزكاة؛ فتشريعها كله تيسير ورحمة ومصلحة، فالفقراء والمساكين يأخذونها
    ليسدوا حاجتهم، والأغنياء يدفعونها لتطهر أموالهم وتعلمهم البذل والعطاء
    والمروءة.
    وفي الصوم؛ قال تعالى: ( فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ
    فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) ( البقرة: 184)، فهذا التخفيف من الشريعة
    على المريض بحيث يصوم في وقت آخر يستطيع أن يقضي الصيام فإن كان مرضه
    ملازما له أطعم عن كل يوم مسكينا.
    وفي الحج؛ من المعروف أن النبي  رتب المناسك، ومع ذلك حتى لا يتعرض
    المسلمون للمشقة فقد خففت الشريعة على المكلفين، يقول عبد الله بن عمرو بن
    العاص رضي الله عنهما: ( فَمَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ  عَنْ شَيْءٍ
    قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ، إِلَّا قَالَ: افْعَلْ وَلَا حَرَجَ) ، وغير ذلك
    كثير في باب العبادات.
    وكذلك في باب المعاملات:
    ففي البيوع؛ أحلت الشريعة الغراء جميع البيوع وجميع العقود طالما أنه ليس
    فيها ظلم ولا ربا ولا غرر أي ( مقامرة أو خداع)، لتفتح الشريعة المجال
    كاملا لكل اقتصاد في كل بقعة في العالم محافظا على عدم الظلم والبغض بين
    الناس عامة.
    وفي النكاح؛ اعتنت الشريعة باختيار الزوج والزوجة لدوام العشرة والمودة
    والرحمة، بل وأوجب على المرأة إذا طلقها زوجها أن لا تترك بيت الزوجية، وفي
    ذلك من المصلحة ما هو معلوم، فالغضب سوف يزول عنهما وتبقى المودة والرحمة
    فيراجعها، أما إذا خرجت إلى بيت أهلها ازدادت الخلافات وعظم الشقاق.
    وفي الأطعمة؛ حرمت الشريعة أكل الميتة، ومع ذلك أحلتها بل أوجبتها إن اضطر الإنسان أن يأكلها حتى لا يموت، وكل ذلك إبقاء على حياته.
    وفي الحدود؛ فالقاعدة العظيمة في الشريعة:
    ( ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ)،
    فلا يقام حد إلا عن يقين، ثم تجد الشريعة في إقامة الحدود تنظر لأمر عظيم
    وهو عدم فعل ما يوجب الحدود، يقول تعالى: ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ
    حَيَاةٌ) ( البقرة: 179)، يعني لمَّا يعلم القاتل أنه سيُقتَل فلن
    يَقتُل، فيُبقِي حينئذ على حياته وحياة المقتول، بل وأكثر من ذلك، فقد قال
    النبي : ( لَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ) ، فلو سرق أحد من
    المسلمين في غزوة لا تقطع يده؛ لأنه قد تترتب عليه مفسدة وهي أن ينحاز إلى
    العدو خشية قطع يده.
    وفي القضاء؛ منعت الشريعة الغراء القاضي أن يقضي وهو غضبان حتى لا يقضي
    قضاء فيه ظلم لأحد المتخاصمين، وكذلك كفلت الشريعة العدل بين الخصوم عند
    القاضي مما لا يخطر على بال.
    وفي الحسبة؛ ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) منعت الشريعة إنكار المنكر
    لو أن ذلك الإنكار يستلزم ما هو أنكر منه، فقد كان النبي  وأصحابه  في
    مكة ولم يمسوا الأصنام التي حول الكعبة بسوء خشية أن يقع منكر أعظم وهو أن
    يقتلهم المشركون فتتوقف دعوة الإسلام، فلما عاد إلى مكة فاتحا أنكر المنكر
    وحطم الأصنام، فالقاعدة في الشريعة الغراء هي: ( المشقة
    تجلب التيسير)،
    وقد تأكدت محاسن الشريعة في المؤتمرات الدولية التي تصدت لدراسة الفقه
    الإسلامي وعرضت فيها بعض نظريات الشريعة الإسلامية فقد أعلن خبراء القانون
    من علماء غير المسلمين في العالم في هذه المؤتمرات أن للفقه الإسلامي قيمة
    تشريعية لا يمار فيها وأنه ينبغي أن يكون مصدرا للتشريع العام؛ لأن مبادئه
    تحقق التقدم وتلاحق التطور وأنها أقدر من غيرها على تلبية حاجات الأمم
    وتحقيق مصالح الشعوب كما أشار هؤلاء الخبراء غير المسلمين إلى وجوب وضع
    فهرس موضوعي للفقه الإسلامي يسهل الرجوع إليه والبحث فيه والأخذ منه.
    ومن أهم هذه المؤتمرات المؤتمر الدولي للقانون المقام في مدينة لاهاي
    بهولندا سنة 1931 ثم 1937 ومؤتمر المحامين الدولي المنعقد في لاهاي سنة
    1948.
    والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

    فواجب الوقت الآن:


    أولا: أن تصلح من نفسك وتتبع كتاب ربك الذي قال: ( إِنَّ اللَّهَ لا
    يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) ( الرعد:
    11)، وأن ترجع إلى الله وتتوب إليه وتبتعد عن المعاصي، وأن تنصر الله
    سبحانه وتعالى الذي قال: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا
    اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد:7)، وأن تتقي
    المعاصي خشية من الله القائل: ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ
    وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي
    عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم:41)، ولا تظلم نفسك بالمعاصي ولا
    تظلم غيرك حتى لا تكون تحت هذا الوعيد في قوله تعالى: ( وَكَذَلِكَ
    نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)
    (الأنعام: 129)، بل عليك أن تتقي الله وترجع إليه وتتجنب المعاصي وتصلح من
    عيوبك وتلتزم المساجد وكتاب ربك وأن تتضرع إليه استجابة لقوله تعالى: (
    فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا) ( الأنعام:43).
    ثانيا: أن تدعو الناس إلى وجوب التحاكم بالكتاب والسنة، وتبين لهم فساد هذه
    المذاهب الضالة التي تريد أن تجعل مصر بل الأمة الإسلامية غير إسلامية أو
    بمعنى أصح يكون الدين داخل المسجد ويتعامل الناس أفرادا وجماعات بحكم
    الجاهلية كل يتبع هواه كالحيوانات بل هم أضل.
    والله الموفق وهو المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
    وصل اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا


      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 23 نوفمبر - 22:41:02