أبناء الصعيد فن ابداع اصالة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كل ما يهم اهل الصعيد من معلومات و ابداع


    كان عندنا نهر النيل

    مون نور
    مون نور
    وسام التكريم


    الجنس : انثى
    الابراج : العذراء
    عدد الرسائل : 1045
    تاريخ الميلاد : 01/09/1985
    العمر : 38
    الموقع : الهمس فى ضى القمر
    المزاج : حزين
    نقاط : 2113
    تاريخ التسجيل : 07/08/2010

    خبر جديد كان عندنا نهر النيل

    مُساهمة من طرف مون نور الثلاثاء 17 أغسطس - 8:28:32

    في عام 2050م يسأل الطفل والده باستغراب وهو يمشي أعلى كوبري عباس الذي كان يعبر نهر النيل ليربط بين محافظتي القاهرة والجيزة:

    "هو ليه عاملين كوبري أعلى الأرض يا بابا؟..

    وليه الحفرة دي مش مردومة عشان نمشي على الأرض بدل الكوبري؟!"،

    فيرد الأب وهو يرجع بالذاكرة سنوات بل مئات بل آلاف السنين ليقول لابنه:

    "أصل كان هنا بيمشي زمااااااان حاجة اسمها نهر النيل"، فيرد الطفل بسؤال آخر:

    "مش دا اللي مكتوب عنه في كتب المدرسة إنه كان شريان الحياة في مصر.. هو راح فين؟!" ف
    يرد الأب "كان يا ولدي زي حاجات كثيرة فرطنا فيها".

    هذا بالطبع حوار من الخيال دار في ذهني خلال متابعة أخبار توقيع أربع دول من دول المنبع لاتفاقية جديدة لتقسم مياه النيل، والرد المصري الهزيل على الاتفاقية الذي يؤكد على الحقوق التاريخية واحترام الاتفاقيات القانونية، والاتحاد الأوروبي زعلان وإريتريا وجيبوتي مش عاجبهم الوضع، وأن هناك حشدًا دوليًّا مصريًّا لضبط النفس وأهمية علاج المشكلة بالحوار.

    المشكلة ليست في الدول الأربعة التي وقعت على الاتفاقية وهي إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا، ليقرروا إعادة توزيع حصص مياه النيل التي تحددها الاتفاقيات القديمة لعام 1929م.

    وإنما المشكلة فيمن يقف وراء هذه الدول ويدفعها نحو خنق مصر وقطع شريان حياتها، وهي بالطبع الكيان الصهيوني الذي تغلغل في إثيوبيا، وتمكن منها ورمى شباكه في معظم دول القرن الإفريقي وكذلك دول منابع النيل، ولن نذهب بعيدًا إلى كينيا أو تنزانيا أو أوغندا والكونغو، بل يكفي أن نعرف أن الموساد الصهيوني يمتلك من خلال شركات تابعة له أكثر من 80% من الفنادق الموجودة في جنوب السودان والتي تعد إحدى البوابات المهمة لنهر النيل قبل عبوره لمصر عن طريق شمال السودان حيث يلتقي النيلان الأبيض والأزرق، ليمتزجا في صورة كونية رائعة متجهين إلى مصر.

    ولعل هناك من يسأل وما تأثير امتلاك الفنادق على مياه النيل؟...

    الإجابة كانت على لسان أحد الباحثين المهتمين بتتبع التوغل الصهيوني في إفريقيا، والذي أكد أن هذه الفنادق هي مكان الإقامة الوحيد للبعثات الدولية والإفريقية في جنوب السودان الفقير في الأساس لكل مقومات الدولة الحديثة، ومع المكاسب المالية التي يحققها الموساد يوميًّا من هذه الفنادق والتي تتجاوز 300 ألف دولار في اليوم، فإن هناك سيطرة صهيونية على الفنادق وهي السيطرة التي تمتد إلى ساكنيها إما من خلال التجسس عليهم أو من خلال تجنيدهم للعمل لصالح الموساد، وبالتالي فرض رأي الموساد على صناع القرار فيما يتعلق بدول القرن الإفريقي ودول منابع النيل، وفي النهاية حصار مصر وتضييق الخناق عليها بشكل غير عسكري.

    هذه صورة ضمن ألبوم كبير يحوي العديد من المشاهد للتوغل الصهيوني في إفريقيا، وقديمًا درسنا في الجامعة وتحديدًا في قسم اللغة العبرية بجامعة الأزهر خطورة التوغل الصهيوني في دول مثل غانا وإثيوبيا وغينيا وكينيا ومعظم الدول الإفريقية، التي كانت ترتبط بمصر ارتباطًا كبيرًا، وكانت القاهرة بالنسبة لها مثل واشنطن لحكامنا العرب حاليًّا، وفي مذكرات الدكتور محمد حسن الزيات وزير خارجية مصر الأسبق، يروي الرجل قصة توقيع الدستور الانتقالي الصومالي وكيف أنه كان مهندسًا لهذا الدستور عندما كان سفيرًا لمصر هناك، وأنه كان يجلس على منصة التوقيع يتوسط قادة القبائل المتناحرة، بينما كان يجلس في القاعة سفير بريطانيا مثله مثل باقي المدعوين على شرف الاتفاقية.

    وما حدث في الصومال لم يكن بعيدًا عما حدث في إفريقيا كلها بعد هزيمة 1967م؛ حيث استطاعت الدبلوماسية المصرية طرد الوجود الصهيوني في القارة السمراء، وكانت مصر هي الأب الروحي للتحرر الإفريقي من الاستعمار سواء الفرنسي أو البريطاني والبرتغالي أو الإسباني، كما كانت مصر بالضبط هي بوابة الإسلام لإفريقيا كلها.

    هكذا كانت مصر عندما كان مفهوم الأمن القومي المصري يمتد إلى أدغال إفريقيا وإلى ما بعد بحيرة فكتوريا؛ للحفاظ على البحيرة التي تعد المورد الأول لمياه النيل، مصر التي كانت تعتبر الحفاظ على حدودها الشمالية يبدأ من قبرص واليونان وحددوها الشرقية تمتد إلى سوريا والأردن ولبنان.

    أما الآن فالنظريات تبدلت والمفاهيم تغيرت؛ مما قلَّص دور مصر، وقزَّم أداء خارجيتها التي باتت أضعف من اتخاذ موقف يحمي أحد أبنائها في نيجيريا أو غينيا وغيرهما من دول إفريقيا، وبل ومعظم الدول العربية والغربية، وبالتالي أصبحت فاشلة في حماية شريان حياتها.

    القضية ليست في شن حرب لإلغاء الاتفاقية؛

    لأن العنترية لم يعد لها مكان في النظام العالمي الجديد
    إلا إذا كان لها حماية كما يحدث في فلسطين والعراق وأفغانستان،

    وإنما بضرورة المعالجة السريعة والعاجلة للدور المصري الخارجي وتأثيره في صناعة القرار؛

    لأن ما حدث في الأساس ضربة موجعة لهيبة مصر زعيمة القارة السمراء ورائدة تحررها.
    --------


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 17 مايو - 8:15:42