أبناء الصعيد فن ابداع اصالة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كل ما يهم اهل الصعيد من معلومات و ابداع


2 مشترك

    حقيقة العلاقة بين النفس الإنسانية والشيطان

    بندارى
    بندارى
    الحضور المميز


    الجنس : ذكر
    الابراج : القوس
    عدد الرسائل : 825
    تاريخ الميلاد : 21/12/1981
    العمر : 42
    الموقع : لا يهمنى فى من يتكلم وراء ظهرى فقط يكفينى يخرس عندما يرانى
    نقاط : 1153
    تاريخ التسجيل : 21/12/2009

    حقيقة العلاقة بين النفس الإنسانية والشيطان Empty حقيقة العلاقة بين النفس الإنسانية والشيطان

    مُساهمة من طرف بندارى السبت 6 فبراير - 23:43:32


    من القضايا التي يكثر الجدل حولها قضية عداوة الشيطان للإنسان وما تاريخ هذه العداوة ؟ وما سببها؟ وما وسائله التي يتبعها للتأثير على النفس الإنسانية ؟ وما طرق الوقاية من حبائل الشيطان؟ وهل الشيطان ضرورة لا تتحقق الخلافة في الأرض إلا بوجوده؟
    بعد استقصاء الآيات القرآنية المتعلقة بموضوع البحث واستناده عليها فقد توصل الباحث إلى أن العلاقة التي تصل الإنسان بالشيطان قائمة على العداوة الأبدية ، كما أن هناك أساليب ووسائل يتبعها الشيطان للتأثير على النفس الإنسانية كما أن النفس الإنسانية تتعامل مع الشيطان بناءً على بعدها أو قربها من المنهج الذي أمرها خالقها عز وجل بإتباعه كما أن الذين استجابوا لنزغ الشيطان سينتهي مصيرهم يوم القيامة بالتنازع والتخاصم والندم .
    وفيما يتصل بحقيقة العلاقة بين النفس الإنسانية والشيطان فقد توصل الباحث إلى أنها علاقة تقوم على العداوة الأبدية، إذ تتجاوز جذور هذه العداوة عالم الشهادة إلى عالم الغيب، حيث أخبرنا الحق جل وعلا بحقيقة هذه العداوة، ومن أجل الوقوف على طبيعة هذه العداوة وأسبابها ونتائجها يعرض الباحث الآيات القرآنية آلاتية :
    قال تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ(11)قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ(12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ(13)قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(14)قَالَ إِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ (15)قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ(16)ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ(17)قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ(18) وَيَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ(19)فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلا أن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ(20)وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ(21) وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إن الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ(22)قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ(23)قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) الأعراف/11- 24 .
    ومن خلال هذه الآيات الكريمة تتحدد معالم وأبعاد العلاقة بين النفس الإنسانية والشيطان، حيث ظهرت عداوة إبليس للإنسان في وقت مبكر من خلقه ،حيث امتلأ قلبه حسدا لهذا المخلوق الذي حظي بما لم يحظ به غيره من الحفاوة والتكريم ، فكبره وحسده دفعاه إلى رفض الأمر الإلهي مما ترتب على ذلك إخراجه من الجنة وانظاره إلى يوم البعث، حيث عبر عن عداوته الأبدية لآدم وذريته .
    وأما فيما يتعلق بالوسائل والأساليب التي يتبعها الشيطان للتأثير على النفس الإنسانية فقد أشارت الآيات القرآنية إلى الأساليب آلاتية:
    1- الإغواء بشتى الطرق والأساليب وذلك بمحاولة الصد عن اتباع طريق الحق والخير ، ومن خلال المحاولات الحثيثة والمداخل التي يمكن النفاذ إليها للتأثير على الإنسان وإغوائه . قال تعالى على لسان إبليس: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ(16)ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) الأعراف/16- 17 .
    2- الوسوسة بما يحب الإنسان ويتمنى.قال تعالى : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلا أن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ)الأعراف/20 .
    3- التزيين في الأرض .قال تعالى: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(39)إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِين)الحجر/39-40 .
    4- العمل على إنساء الإنسان ذكر الله تعالى ،وذلك من خلال السيطرة الكاملة على الإنسان ليصبح من حزبه .قال تعالى: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إن حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمْ الْخَاسِرُونَ)المجادلة/19.
    5- الوعد بالفقر مما يدفع بالإنسان إلى عدم الإنفاق في سبيل الله تعالى.قال تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم)البقرة/268.
    6- إغواء الإنسان لممارسة المنكرات والتي على رأسها شرب الخمر والقمار ، مما يؤدي إلى إيقاع العداوة والبغضاء بين الناس . قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(90)إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أن يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ)المائدة/90- 91 .
    7- الجدل في الله ، الجدل الذي لا يقوم على علم سليم ينطلق من كتاب الله تعالى . قال تعالى:(وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ) الحج/3.
    ومن خلال ما سبق يتبين إن دور الشيطان نحو الإنسان لا يتجاوز الوسوسة والتزيين والإيحاء،وليس له أي قوة جبرية على الإنسان . كما وأن الإنسان ليس بمقدوره أن يرى الشيطان ،لأنه من طبيعة مختلفة عن الإنسان بينما بمقدور الشيطان أن يرى الإنسان .قال تعالى: (000إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) الأعراف/27 .

    وأما فيما يتعلق بحالات النفس الإنسانية وكيفية تعاملها مع الشيطان فقد توصل الباحث إلى إن طبيعة النفس الإنسانية وما تتمتع به من حرية اختيار، وما جبلت عليه من حب للشهوات بمختلف أصنافها ، وما ينتظر الإنسان من حساب وجزاء يوم القيامة ،جعل النفس الإنسانية تنقسم إلى نوعين : النوع الأول الذي اختار النهج الإلهي وطريق الحق والمتمثل بالخط الرسالي الذي نزل على الأنبياء جميعا،ً وهذا الفريق من الناس تعاملوا مع الشيطان وفق الهدي الإلهي والبيان النبوي الشريف، فعرفوا عدوهم اللدود وأساليبه ووسائله فلم يتمكن من إخضاعهم لسلطانه.لأنهم يتبعون التوجيهات الإلهية على النحو الآتي :
    أولاً- الاستعاذة بالله تعالى والالتجاء إليه . قال تعالى: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم)الأعراف/200 .
    ثانياً- العودة إلى الله باستحضار عظمته وقدرته والوقوف على أوامره ونواهيه .قال تعالى :(إن الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ)الأعراف/201 .
    ثالثاً- اجتناب ما نهى الله عنه. قال تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)المائدة/90 .
    خامساً - عدم مجالسة رفاق السوء . قال تعالى : (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)الأنعام/68 .
    وأما الفريق الثاني من الناس الذين اختاروا متع الحياة الدنيا وزينتها والتي كانت أهدافهم في حدود الحياة الدنيا، فوجد الشيطان عندهم ضالته؛ لما يتمتعون به من صفات، وقد بينت الآيات القرآنية هذه الصفات على النحو آلاتي:
    أولاً - قسوة القلب.ٍ قال تعالى: (فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُون)الأنعام/43.
    ثانياً - عدم إتباع ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم . قال تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِين )الأعراف/175 .
    ثالثاً - ارتكاب الذنوب والمعاصي. قال تعالى : (إن الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا000) آل عمران/150 .
    رابعناً - التبذير والإسراف . قال تعالى:(إن الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ000)الإسراء/27.
    خامساً - التعامي والتغافل عن ذكر الله تعالى .قال تعالى : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)الزخرف/36 .
    أظهرت الدراسة إن محور الشر الأول الذي يواجه النفس الإنسانية هو الشيطان، وأن علاقته بالإنسان ليست علاقة طارئة وإنما علاقته متجذرة تمتد إلى ما قبل الوجود الإنساني على الأرض ،إلى بدايات خلق آدم عليه السلام وأن سبب العداوة الأول هو الكبر الذي استحوذ على إبليس ومنعه أن يسجد لآدم عليه السلام، بالإضافة إلى الحسد الذي سيطر عليه حينما شعر بالمكانة الرفيعة التي نالها آدم عليه السلام ،ومما زاد في العداء ، المصير السيئ الذي آل إليه إبليس مما دفعه إلى توعد الإنسان بالإغواء والإضلال ، ولقد أخبر الحق في كتابه العزيز بتفاصيل الأحداث التي صاحبت الخلق الإنساني خاصة فيما له علاقة بطبيعة العلاقة القائمة على العداوة بين الشيطان والإنسان ، فقد أظهر الحق حقيقة الشيطان من حيث أهدافه العامة ومشروعه الرئيس وهو إضلال الإنسان . قال تعالى على لسان إبليس : ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(82)إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ) ص/82-83 .
    كما كشف عن خططه ووسائله التي سيتبعها في إضلال الإنسان كما ظهر ذلك في النتائج ، كما بين الحق إن الشيطان رغم كل ما يتمتع به من أساليب وحيل ومكر وعداوة للإنسان إلا أنه ضعيف لا يقوى على التأثير على المؤمنين الذين تزودوا بالإيمان والطاعة لله تعالى ، ولقد وصف الحق قدرات الشيطان بالضعف بقوله تعالى : (إن كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)النساء/76
    كما بين الحق انه ليس له سلطان على عباد الله المُخلصين فقال تعالى : (إن عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ)الحجر/42 .
    وفي ضوء الواقع يتضح إن الشيطان ليس سلطة جبرية مسلطة على رقاب الناس لا سبيل إلى التخلص منه ، فقد زود الحق النفس الإنسانية بقدرات واستعدادات ما تستطيع من خلاله التغلب على الشيطان وعلى وسائله ، فإتباع خطوات الشيطان أو عدم إتباعها منوط بحرية النفس الإنسانية واختيارها ، فكما أن إتباعه خيار إنساني مسبوق بما يرسمه الإنسان لنفسه من أهداف وغايات يسعى إلى تحقيقها من خلال إتباع الشيطان، فكذلك عدم إتباعه خيار إنساني مسبوق بالاعتصام بالغاية والهدف الذي حدده الباري عز وجل للإنسان ، فليس هناك عذر لأحد على معصية ارتكبها يلقي بوزرها على إبليس ، فإبليس لا يمتلك من القدرات أن يلغي قدرات الإنسان العقلية وما يتمتع به من إرادة حرة ؛ ولذلك فقد كشف الحق عن مشهد من مشاهد الصراع الذي سيقوم بين إبليس وأتباعه الذين يلومونه ويحملونه مصيرهم المشئوم فقال تعالى : (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إن اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إن الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) إبراهيم /22 .
    كما وأن الشيطان يعد محوراً من محاور الابتلاء والفتنة التي ستخوض معركتها النفس الإنسانية ، فوجوده قريناً للنفس الإنسانية مرتبط بالغاية التي خلق من أجلها الإنسان وهي عبادة الله تعالى ، ليتبين من يستجيب لنزغ الشيطان فيخرج عن الغاية التي خلقه الله تعالى من أجلها من الذين استجابوا لله تعالى ولرسوله ، فلا يصح الابتلاء والاختبار بغير وجود الشيطان ، فبغير وجوده لا يتميز عباد الله المُخلصين عن غيرهم، كما لا قيمة لحرية الإرادة الإنسانية إذا لم تبتل وتختبر وتتعرض للفتنة وذلك من خلال مراودة الشيطان لها وبشكل مستمر ليتميز الخبيث من الطيب .
    وبناء على ذلك فليس هناك نفس إنسانية لا يراودها الشيطان ولا يوسوس أو يزين لها، ولقد عرض القرآن الكريم ما تعرض له الأنبياء من مواقف مع الشيطان وكان أولهم آدم عليه السلام وكذلك إبراهيم عليه السلام وغيرهم من الأنبياء، ولذلك لا يصح بحال من الأحوال أن ينسب لأي إنسان مهما بلغت مكانته أنه لا يراوده الشيطان ولا يقترب منه ، لان وجوده من لوازم التكليف الإنساني إذ لا يصح التكليف بدونه حيث يصبح لا فضل لإنسان على عمل تعطلت نحوه إرادته وحريته . ومن خلال ما توصل إليه الباحث من نتائج يتضح أن لا سبيل إلى رؤية الشيطان، وأنه ليس له قدرة على التشكل وليس بمقدوره أن يضر الإنسان عوضا عن أن ينفعه وذلك لأن له طبيعة مختلفة عن النفس الإنسانية ،وقدراته محدودة وليس بمقدوره أن يتجاوزها بأي حال من الأحوال ، وبناءً على ذلك ، فالادعاء من بعض المشعوذين إن لهم القدرة على التعامل مع الشيطان وتسخيره لقضاء احتياجاتهم ، إنما هو زعم لا يستند إلى دليل من كتاب الله تعالى ولا إلى أثارة من علم . بل يتعارض بصورة مباشرة مع ما جاء في الكتاب العزيز حيث قال تعالى : (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ)الأعراف/27 .
    وبناءً على ما توصل إليه الباحث من نتائج حول حقيقة الشيطان من حيث وسائله وأساليبه وقدراته التي يستخدمها لتحقيق هدفه وغايته وهو إغواء النفس الإنسانية وإضلالها ، فإنه ينبغي على المؤسسة التربوية أن تكون على وعي ومعرفة بهذه الحقائق التي أخبر بها الباري عز وجل ، فالجهل بهذا الجانب الغيبي أوقع الكثير من الناس في أخطاء كثيرة كان لها أسوأ الأثر على معتقدات الناس وممارساتهم السلوكية ، وجعلهم ضحية لكثير من الخرافات التي تتناقض مع ما أوحى به الخالق عز وجل ومع أبسط البدهيات العقلية ، ومن هذا الأخطاء الاعتقاد بأن الشيطان له قدرة على التشكل ، فالكلب من الممكن أن يكون شيطاناً وكذلك القط ، ومن الممكن أن يضرب ويقتل ، وأنه أكثر انتشاراً في الظلام ، ومن أكثر الفئات تضرراً فئة المتعلمين وخاصة الذين هم في المراحل التعليمية الأساسية ، مما جعل الخوف يعشعش في قلوبهم ويستحوذ على أحاسيسهم ومشاعرهم ، وخاصة إذا ما حل الظلام أو إذا ما انفردوا لوحدهم ، وعلى ضوء ما تقدم ينبغي على المؤسسة التربوية أن تتحمل مسؤولياتها نحو تصحيح المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالشيطان ، فالتراث الشعبي الذي لا يمت إلى الحقيقة بصلة ، أصبح الثقافة الشائعة حول هذا الموضوع في كثير من الأوساط ، مما دفع بالكثير من الناس إلى أن يلقي بكل الآثام والموبقات على الشيطان ويثبت البراءة لنفسه. أو يزعم البعض أنه قد رأى الشيطان عياناً .كما شاعت ثقافة الخوف من الشيطان على اعتبار أنه له قدرة على إيذاء الآخرين ، وما إلى ذلك من الأفكار الخاطئة ؛لذا يجب على القائمين في الميدان التربوي أن يوضحوا هذا المفهوم من خلال الحقائق الساطعة في القرآن الكريم .


    المستشار
    المستشار
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    الابراج : السرطان
    عدد الرسائل : 6465
    تاريخ الميلاد : 04/07/1964
    العمر : 59
    المزاج : الحمد لله
    نقاط : 8484
    تاريخ التسجيل : 19/09/2008

    حقيقة العلاقة بين النفس الإنسانية والشيطان Empty رد: حقيقة العلاقة بين النفس الإنسانية والشيطان

    مُساهمة من طرف المستشار الأحد 7 فبراير - 0:17:42

    الموضوع جميل
    بس الخط صغير
    رجاء الاهتمام

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 6 مايو - 13:24:49