مصر .. ليست مجرد دولة وشعب وحكومة ، فهي مطبخ الفنون ، ومنهل العلوم .. هي باختصار شديد مزيج الحياة بكل أبعادها واتجاهاتها وتناقضاتها .. مصر أشياء كثيرة ومثيرة ووفيرة ولكن من الأشياء اللافتة لأي متابع لأحداث مصر التي نأمل أن تنتهي على خير لمصر ولشعب مصر ولشباب مصر وتراب مصر ، أن الذاكرة نسيت بسرعة العابر والتافه والاستهلاكي ، واستعادت بسرعة هائلة الأصيل والأجمل .
لذلك رددت شفاه شباب ميدان التحرير كلمات ابو القاسم الشابي الشاعر الذي مات مبكراً «إذا الشعب يوما أراد الحياة» - مع تسجيل تحفظي من الناحيه الشرعيه على الشطرالثاني من البيت - و استعاد العقل و الذاكرة العربية شاعر النيل حافظ ابراهيم صاحب قصيدة « مصر تتحدث عن نفسها » .
و نسوا بسرعة هائلة تامر حسني ومحمد فؤاد و شعرائهم وتذكروا أم كثلوم وحافظ إبراهيم فهكذا هي الايام و الأحداث الكبرى تثبت دائما أن الذاكرة لا ترتهن إلا للجميل والرائع والمبدع، أما الاستهلاكي فهو ابن لحظته وينتهى فوراً ويسقط في قاع النسيان، دون أن يتذكره أحد، ودون أن يحتفي به أحد،
لا أريد أن أتشعب عن الموضوع الرئيس، ولكن أود أن أختم بأن إرادة الشعوب الحية هي التي تصنع المستقبل، وهي التي تضيء عتمة الليل الطويل ، وأن الحريه والكرامة هما الدافعان الحقيقيان والمحرضان الأساسيان لهذه الملايين التي أبت أن تهدر كرامتها على تراب أوطانها الذي يفيض بالخيرات والثروات .. فاجتمعوا ليحققوا نبوءة حافظ ابراهيم حين قال
« وقف الخلق ينظرون جميعا كيف أبني قواعد المجد وحدي » .
هؤلاء هم الشباب الذي كان الجميع يتهمهم بالسطحية يغيرون اليوم وجه التاريخ و يجعلوا كوكب الأرض بقاراته السبع يعيش ويتنفس وينام في ميدان التحرير عبر الشاشات و كل وسائل التواصل و كل قنوات الاتصال ، ولا نعلم متى نعود إلى حياتنا الطبيعية .. و لكن بين النوم واليقظة تهتف دائما قلوبنا مع اخواننا المصريين : تحيا مصر!.