مقتطفات من سيرة السيده عائشه أم المؤمنين رضي الله عنها:
إن
دوري لا يتجاوز في هذا العرض.. مجرد النقل لما تيسر عن مكانة.. و علو.. أم
المؤمنين رضي الله عنها و أرضاها.. فقد تواضعت أقلامنا.. بل عجزت.. ان
تأتي بجديد عن أم المؤمنين.. خاصة و قد نزل فيها من القرآن ما يتلى إلى يوم
القيامة.. فهل.. بعد حكم الله.. من أقلام!!.. و هل بعد كلام الله من
كلمات!!. لكنه زمن تمادى البعض فيه.. فأردنا ان نذكر ذلك البعض كـ (..
معذرة إلى ربكم.. و لعلهم يتقون.. /الأعراف 164).
فهي عائشة.. رضي
الله عنها.. ام المؤمنين بنت خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ابي بكر
عبد الله بن ابي قحافة، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، وافقه نساء الأمة
على الإطلاق.... فلا يوجد في امة محمد عليه الصلاة والسلام بل ولا في
النساء مطلقاً امرأة اعلم منها...
ولدت في السنة الخامسة من البعثة
خطبها النبي وهي بنت ست سنين وتزوجها وهي بنت تسع وكان ذلك في السنة
الثانية للهجرة وعندما توفي النبي كان عمرها ثمانية عشر عاما... وهي الزوجة
الوحيدة التي تزوجها النبي بكرا ...
في حديث للبخاري في باب النكاح
عن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله أرأيت لو نزلت واديا وفيه
شجرة قد أكل منها ووجدت شجرا لم يؤكل منها في أيها كنت ترتع
بعيرك قال في الذي لم يرتع منها تعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم
يتزوج بكرا غيرها... وقد ورد في السيرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم
تزوجها بأمر من الله كانت في الرؤيا ...ومن المعلوم أن رؤيا الأنبياء حق.
ورد
في البخاري في المناقب عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال لها أريتك في المنام مرتين أرى أنك في سرقة من حرير ويقول هذه
امرأتك فاكشف عنها فإذا هي أنت فأقول إن يك هذا من عند الله يمضه.
مواقف من حياتها:
كان
رسول الله من حبه لها يداعبها و يمازحها و ورد أنه ذات مره سابقها في وقت
الحرب
فطلب من الجيش التقدم لينفرد بأم المؤمنين عائشة ليسابقها ويعيش معها ذكرى
الحب في جو أراد لها المغرضون أن تعيش جو الحرب وأن تتلطخ به الدماء.
لا ينسى أنه الزوج المحب في وقت الذي هو رجل الحرب.
روى
الامام أحمد في مسنده عن عائشة قالت خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في
بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن فقال للناس تقدموا فتقدموا
ثم قال لي تعالي حتى أسابقك فسابقته فسبقته فسكت عني حتى إذا حملت اللحم و
بدنت و نسيت خرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم قال
تعالي حتى أسابقك فسابقته فسبقني فجعل يضحك وهو يقول هذه
بتلك.
ومما يدل على محبته لها وأنها كانت أحب نساءه إليه ما رواه
البخاري في أن الناس كانوا عندما يهدون النبي شيئا كانوا يفعلون ذلك
ويتعمدون أن يكون(( النبي )) عند عائشه رضي الله عنها
في البخاري، حدثنا
عبد الله بن عبد الوهاب حدثنا حماد حدثنا هشام عن أبيه قال كان الناس
يتحرون بهداياهم يوم عائشة قالت عائشة فاجتمع صواحبي إلى أم سلمه فقلن يا
أم سلمه والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة وإنا نريد الخير كما
تريده عائشة فمري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا
إليه حيث ما كان أو حيث ما دار قالت فذكرت ذلك أم سلمه للنبي
صلى الله عليه وسلم قالت فأعرض عني فلما عاد إلي ذكرت له ذاك فأعرض عني
فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال يا أم سلمه لا تؤذيني في عائشة فإنه
والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها.
وهذا يدل على عظم محبته لها ...بل وأكثر من ذلك يدل الحديث الأتي أن عائشة هي أحب الناس إليه على الإطلاق.
ورد
في البخاري عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت أي الناس أحب إليك قال عائشة فقلت من
الرجال فقال أبوها قلت ثم من قال ثم عمر بن الخطاب فعد رجالا وهي من
النساء اللواتي لن تتكرر ...فقد
ثبت في الصحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران
وآسية امرأة فرعون وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام
.البخاري
حتى أنه لمكانتها عند النبي عليه الصلاة والسلام سلم عليها
جبريل وقد ورد في صحيح بخاري في المناقب إن عائشة رضي الله عنها قالت قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام فقلت
وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ترى ما لا أرى تريد رسول الله صلى الله
عليه وسلم و ورد في سنن الترمذي في كتاب المناقب
باب فضل عائشة ابن أبي مليكة عن عائشة أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير
خضراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن هذه زوجتك في الدنيا والآخرة
وشهد بفضلها الكثير من الصحابة فقد ورد في البخاري في التيمم حدثنا عن
عائشة رضي الله عنها أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت فأرسل رسول الله
صلى الله عليه وسلم ناسا من أصحابه في طلبها فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير
وضوء فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه فنزلت آية التيمم
فقال أسيد بن حضير جزاك الله خيرا فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك
منه مخرجا وجعل للمسلمين فيه بركة.
وورد في
الترمذي أيضا أبي إسحق عن عمرو بن غالب أن رجلا نال من عائشة عند عمار بن
ياسر فقال أغرب مقبوحا منبوحا أتؤذي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
.... قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.
ومن فضلها ومكانتها وحب
الرسول لها كان قبل وفاته ب 3 أيام قد بدأ الوجع يشتد عليه وكان في بيت
السيدة ميمونة ، فقال : ( اجمعوا زوجاتي ) ، فجمعت الزوجات ، فقال النبي : (
أتأذنون لي أن أمرض في بيت عائشة؟) فقلن: أذن لك يا رسول الله فأراد أن
يقوم فما استطاع فجاء علي بن أبي طالب والفضل بن العباس فحملا النبي وخرجوا
به من حجرة السيدة ميمونة إلي حجرة السيدة عائشة رضي الله
عنها.
وقبل وفاته عليه الصلاة والسلام دخل عليه أحد الصحابة وكان معه سواك فطلبه النبي فتقول السيدة عائشة....
عن
عائشة رضي الله عنها قالت دخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك يستن به
فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له أعطني هذا السواك يا عبد
الرحمن فأعطانيه فقصمته ثم مضغته فأعطيته رسول الله صلى الله عليه وسلم
فاستن به وهو مستسند إلى صدري /البخاري وورد أيضا أنها قالت في ذلك : كان
آخر شئ دخل جوف النبي صلى الله عليه وسلم هو ريقي ، فكان من فضل الله علي
أن جمع بين ريقي وريق النبي قبل أن يموت .
قبض عليه الصلاة والسلام وهو
واضع رأسه على صدرها و في البخاري قالت عائشة رضي الله عنها توفي النبي
صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي نوبتي وبين سحري ونحري وجمع الله بين ريقي
وريقه قالت دخل عبد الرحمن بسواك فضعف النبي صلى الله عليه وسلم عنه فأخذته
فمضغته ثم سننته به. تحكي (رضي الله عنها) عن ذلك فتقول ((فضلت على نساء
الرسول بعشر ولا فخر: كنت أحب نسائه إليه، وكان أبي أحب رجاله إليه،
وتزوجني لسبع وبنى بي لتسع (أي دخل بي)، ونزل عذري من السماء (المقصود
حادثة الإفك)،واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم نساءه في مرضه قائلاً: إني
لا أقوى على التردد عليكن،فأذنّ لي أن أبقى عند
بعضكن، فقالت أم سلمه: قد عرفنا من تريد، تريد عائشة، قد أذنا لك، وكان
آخر زاده في الدنيا ريقي، فقد إستاك بسواكي، وقبض بين حجري و نحري، ودفن في
بيتي))
أما حادثة الافك التي ذكرت في كلامها فقد ورد في الصحيحين
بخاري ومسلم وهو حديث طويل فهي باختصار ان النبي صلى الله عليه وسلم إذا
أراد سفرا اقرع بين نسائه فلما أراد التوجه لغزوة بني المصطلق خرجت على
عائشة، فتوجهت معه، وجعل لها هودج... فلما كان اخر ليله من رجوعهم إلى
المدينة تخلفت في طلب عقد كان لأختها أسماء، فحمل الهودج ظنا أنها فيه،
لأنها كانت خفيفة كما أخبرت، فسار القوم...ورجعت فلم
تجدهم فمكثت مكانها منتظره أن يعلموا بفقدها فيعودوا ليأخذوها فغلبها
النوم فمر بها (( صفوان بن المعطل )) وكان يعرفها قبل أية الحجاب فبرك
ناقته وولاها ظهره وصار يذكر الله جهرا حتى استيقظت وحملها على الناقه ولحق
بها النبي صلى الله عليه وسلم ضحوه فأشاع عبد الله بن ابي سلول - لعنه
الله - الافك..
وفشا ذلك بين المنافقين وضعفاء المسلمين فلما أخُبرت
عائشه بذلك تمرضت واستأذنت رسول الله أن تمرض في بيت أمها فأذن لها فلما
فشى ذلك الكلام شق على النبي صلى الله عليه وسلم فجمع الصحابة وقال (( يا
معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل
بيتي؟ فو الله ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عنه الا
خير ))
فقال سعد بن معاذ سيد الأوس انا أعذرك منه إن كان من الأوس
ضربت عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك فقال سعد بن
عباده سيد الخزرج كذبت لا تقدر على قتله فهم الأوس والخزرج بالاقتتال
فأمرهم النبي بالترك و الإعراض عن هذا الامر فأنزل الله العشر آيات من أول
سورة النور يبرئ فيها السيدة عائشة أولها قوله تعالى ((إن الذين جاؤ بالإفك
))
وبذلك ثبت براءتها في القرآن فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم الآيات عليها و على الصحابة ففرحوا فصار كل من رماها
بالزنا كافرا ..لتكذيبه القران. و الآيات وحدها تكفي كدليل على طهارة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فهل منا من يشك بكتاب الله؟؟؟
وكان
ان قالت السيدة عائشة في تبرئ الله لها ما ورد في البخاري عن عائشة قالت
ولكني والله ما كنت أظن أن الله ينزل في براءتي وحيا يتلى ولشأني في نفسي
كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله
صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها فأنزل الله تعالى ((إن
الذين جاءوا بالإفك )) العشر الآيات.
وكان من حيائها بعد وفاة النبي
ما نقله لنا الامام أحمد في مسنده فهي (رضي الله عنها)
بعلمها ودرايتها ساهمت بتصحيح المفاهيم، والتوجيه لإتباع سنة رسول الله
صلى الله عليه وسلم. فقد كان أهل العلم يقصدونها للأخذ من علمها الغزير،
فأصبحت بذلك نبراساً منيراً يضيء على أهل العلم و طلابه.
تلكم هي عائشة بنت أبي بكر الصديق عبد الله بن عثمان، زوجة رسول الله و أفقه نساء المسلمين وأعلمهن بالقرآن والحديث والفقه.
روت
عن الرسول الكريم علماً كثيراً، وقد بلغ مسند عائشة رضي الله عنها ألفين و
مائتين و عشرة أحاديث. وكانت رضي الله عنها أفصح اهل زمانها وأحفظهم
للحديث روى عنها الرواة من الرجال والنساء. وكان مسروق إذا روى عنها يقول:
حدثتني الصديقة بنت الصديق البريئة المبرأة.
توفيت سنة سبع وخمسين.
وقيل: سنة ثمان وخمسين للهجرة ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان،
وأمرت أن تدفن بالبقيع ليلاً، فدفنت وصلى عليها أبو هريرة ونزل قبرها
خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير والقاسم وعبد الله ابنا محمد بن أبي بكر
وعبد الله بن عبد الرحمن.