قصيدة سلوا قلبي
لامير
الشعراء أحمد شوقي انقلها لكم
سلوا قلبي غداةَ سلا و تاب لعلَّ على الجمالِ له عِتابَا
ويُسأَلُ في الحوادثِ ذو صوابٍ فهل تَركَ الجمالُ له صوابا؟َ
وكنتُ إذا سألتُ القلبَ يوما تولَّى الدمعُ عن قلبي الجواباَ
ولى بين الضلوع دمٌ ولحمٌ هما الواهي الذى ثَكِلَ الشباباَ
تَسَّربَ فى الدموع فقلتُ ولّّى وصفَّقَ فى الضلوعِ فقلت ثاباَ
ولو خُلِقَتْ قلوبٌ من حديدٍ لما حَمَلَتْ كما حَمَلَ العذاباَ
وأحبابٍ سُقيتُ بهم سُلافاً وكانَ الوصلُ من قِصَرٍحَبَاَبا
ونادَمْنَا الشبابَ على بساطٍ من اللذاتِ مختلفٍ شرابا
وكلُّ بِساطِ عيشٍ سوف يُطوى وإن طالَ الزمانُ به وطابا
كأنَّ القلبَ بعدهُم غريبٌ إذا عادته ذكرى الأهلِ ذابا
ولا يُنبيكَ عن خُلُقِ الليالى كمن فقَدَ الأحبة و الصَّحابا
أخا الدنيا،أرى دنياكَ أفعى تُبدَّل كلَّ آونةٍ إهابا
وأن الرُّقط أيقظُ هاجعاتٍ وأترع في ظلالِ السَّلم نابا
ومن عَجَبٍ تُشَّيبُ عاشِقِيها وتُفنيهِم وما بَرِحَتْ كَعضابا
فمن يغترُّ بالدنيا فإِنى لبِسْتُ بها فأبليتُ الثياباَ
لها ضَحكُ القيان الى غبيٍّ ولي ضحكُ اللبيب إِذا تغابا
جَنَيْتُ بروضِها ورداً وشوكاً وذقتُ بكأْسِها شُهْداً وصَابا
فلم أرَ غيرَ حكمِ الله حكماً ولم أر دون باب الله بابَا
ولا عظَّمْتُ في الأَشياء إلا صحيحَ العلم،والأدبَ اللُّبابا
ولا كرَّمتُ إلا وجهَ حرٍ يقلَّد قومَهُ المنَنَ الرَّغَابا
ولم أرَ مثلَ جمعِ المالِ داءً ولا مثلَ البخيلِ به مُصَابا
فلا تقتلْكَ شهوتُه، وزِنْها كما تزنُ الطعامَ أو الشرابا
وخذ لبنيك والآيام ذخراً وأعط اللهَ حِصَّتَه احتسابا
فلو طالعتَ أحداث الليالي وجدتَ الفقرَ أقرَبَها انتِيابا
وأن البر َّخيرٌ فى حياةٍ وأبقى بعد صاحبه ثـوابا
وأن الشرَّ يصدعُ فاعليهِ ولم أر خيَّراً بالشر آبا
فرفقاً بالبنين إذا الليالي على الأعقاب أوقعتِ العِقابا
ولم يتقلَّدوا شكرَ اليتامى ولا ادَّرعوا الدعاء المستجابا
عجبت لمعشر صلوا وصاموا ظواهر خشيةٍ وتقىً كذابا
وتلفيهم حيال المال صمَّاً إذا داعى الزكاة بهم اهابا
لقد كتموا نصيب الله منه كأن الله لم يحص النصابا
ومن يعدل بحبَّ الله شيئاً كحب المال ضلَّ هوىً وخابا
أراد الله بالفقراء براً وبالأيتام حبَّاً وارتبابا
فربَّ صغير قوم علَّموه سما وحمى المسوَّمة العرابا
وكان لقومه نفعاً وفخراً ولو تركوه مان أذًى وعابا
فعلَّم ما استطعت،لعل جيلاً سيأتي يحدث العجب العجابا
ولا ترهق شباب الحيّ يأساً فإن اليأس يخترم الشبابا
يريد الخالق الرزق اشتراكا وان يك خصَّ أقواماً وحابا
فما حرم المجدَّ جنى يديه ولا نسىَ الشقىَّ ولا المصابا
ولا البخل لم يهلك فريق على الأقدار تلقاهم غضابا
تعبت بأهله لوماً، وقبلي دعاة البر قد سئموا الخطابا
ولو أني خطبت على جماد فجرت به الينابيع العذابا
ألم تر للهواء جرى فأفضى الى الأكواخ واخترق القبابا
وأن الشمس في الآفاق تغشى حمى كسرى كما تغشى اليبابا
وأن الماء تروي الأسد منه ويشفي من تلعلعها الكلابا
وسرَّى الله بينكم المنايا ووسدكم مع الرسل الترابا
وأرسل عائلاً منكم يتيماً دنا من ذي الجلال فكان قابا
نبى البر بيّنه سبيلا وسن خلاله وهدى الشعاباَ
تفرَّق بعد عيسى الناس فيه فلما جاء كان اهم متابا
وشافي النفس من نزعات شرٍ كشافٍ من طبائعها الذئابا
وكان بيانه فى الهدى سبلا وكانت خيله للحق غابَا
وعلمنا بناء المجد حتى أخذنا إمرة الأرض اغتصاباَ
وما نيل المطالب بالتمنى ولكن تؤخذ الدنيا غلابَا
وما استعصى على قوم منال إذا الإقدام كان لهم ركابَا
تجلى مولد الهادي وعمت بشائره البوادي والقصابا
وأسدت للبرية بنت وهبٍ يداً بيضاء طوقت الرقابا
لقد وضعته وهَّجاً منيراً كما تلد السماوات الشَّهابا
فقام على سماء البيت نوراً يضيءُ جبال مكة والنَّقابا
وضاعت يثرب الفيحاء مسكاً وفاح القاع أرجاءً وطابا
أبا الزهراء قد جاوزت قدرى بمدحك بيد أن لى انتساباَ
فما عرف البلاغة ذو بيان اذا لم يتخذك له كتابَا
مدحت المالكين فزدت قدراً وحين مدحتك اجتزت السحابَا
سألت الله فى ابناء دينى اذا ما الصبر مستهموا ونابَا
وما للمسلمين سواك حصن فإن تكن الوسيلة لى أجابا
كأن النحس حين جرى عليهم أطار بكل مملكة غرابا
ولو حفظوا سبيلك كان نوراً وكان من النُّحوس لهم حجابا
بنيت لهم من الأخلاق ركناً فخانوا الركن فانهدم اضطرابا
وكان جنابهم فيها مهيباً وللأخلاق أجدر أن تهابا
فلولاها لساوى الليث ذئباً وساوى الصارم الماضي قرابا
فإن قرنت مكارمهم بعلم تذلَّلت العلا بهما صعابا
وفي هذا الزمان مسيح علمٍ يردُّ على بني الأمم الشبابا