لقد
أثنى الله على أوَّل رسولٍ بعثه إلى أهل الأرض بالشكر فقال: ( ذُرّيَّةَ
مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ) [الإسراء:2].
و أمر عبدَه موسى أن يتلقَّى ما آتاه من النبوة و الرسالة و التكليم
بالشكر فقال عز وجل ؛ ( يٰمُوسَىٰ إِنْى ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ
بِرِسَـٰلَـٰتِي وَ بِكَلَـٰمِي فَخُذْ مَا ءاتَيْتُكَ وَ كُنْ مّنَ
ٱلشَّـٰكِرِينَ )[الأعراف:144] .
و أثنى على خليله إبراهيم بشكر نعمه:(
إِنَّ إِبْرٰهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَـٰنِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَ لَمْ يَكُ
مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ شَاكِراً لأنْعُمِهِ ) [النحل:120، 121].
و أمر
الله به داود فقال: ( ٱعْمَلُواْ ءالَ دَاوُودَ شُكْراً )[سبأ:12]، و دعا
سليمان عليه السلام ربَّه أن يكون من الشاكرين: ( رَبّ أَوْزِعْنِى أَنْ
أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَ عَلَىٰ وٰلِدَىَّ
)[الأحقاف:15].
و أمر الله رسوله محمداً بالشكر فقال: ( بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ ) [الزمر:66].
و أمر الله لقمانَ بالشكر فقال: ( وَ لَقَدْ ءاتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ ) [لقمان:12].
و أوَّلُ وصية و صَّى بها ربُّنا الإنسانَ [هي الوصية] بالشكر له و
للوالدين فقال: ( أَنِ ٱشْكُرْ لِى وَ لِوٰلِدَيْكَ إِلَىَّ ٱلْمَصِيرُ )
[لقمان:14].
و هذه وصية النبي لأصحابه، فقد قال: يا معاذ، أني أحبُّك، فلا تدعنّ أن تقول دبرَ كلّ صلاة :
(( اللهم أعنِّي على ذكرك و شُكرك وحسن عبادتك)).
و نبيُّنا محمد صلى الله عليه و سلم ، أشكرُ الخلق لربّه، خرج من الدنيا و
لم يشبع من خبز الشعير، و ربط على بطنه الحجرَ من الجوع، و غُفر له ما
تقدَّم من ذنبه و ما تأخَّر، و يقوم من الليل حتى تتفطَّر قدماه، و يقول:
(( أفلا أكون عبداً شكورا؟! )) .
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (
النعمة موصولةٌ بالشكر، و الشكر يتعلّق بالمزيد، و لا ينقطع المزيد من
الله حتى ينقطع الشكر ). و يقول الحسن رحمه الله: "إن الله يمتِّع بالنعمة
ما شاء، فإذا لم يشكر عليها قلبها عذاباً". و إذا رأيت ربَّك يوالي عليك
نعمَه و أنتَ تعصيه فاحذره، قال سبحانه:( سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مّنْ حَيْثُ
لاَ يَعْلَمُونَ ) [القلم:44]، قال سفيان رحمه الله: "يُسبغ عليهم النعم و
يمنعهم الشكر".
و من رُزق الشكرَ رُزق الزيادة، ( وَ إِذْ تَأَذَّنَ
رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ
عَذَابِى لَشَدِيدٌ )[إبراهيم:7]، يقول أبو قلابة: "لا تضرّكم دنيًا
شكرتموها". و قد ذمَّ سبحانه الكنودَ من عباده و هو الذي لا يشكر نعمه فقال
سبحانه:( إِنَّ ٱلإِنسَـٰنَ لِرَبّهِ لَكَنُودٌ ) [العاديات:6].
بشكر
الله و طاعته تتفتَّح للعبد أبوابُ الدنيا و الآخرة، قال عز وجل:( وَ لَوْ
أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءامَنُواْ وَ ٱتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم
بَرَكَـٰتٍ مّنَ ٱلسَّمَاء وَ ٱلأرْضِ ) [الأعراف:96]
و شُكر الله يكون بالقلب و اللسان و الجوارح.
فيكون بالقلب بنسبة النعم إلى بارئها، قال جل وعلا: ( وَ مَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ )[النحل:53].
و يكون باللسان بالإكثار من الحمد لمُسديها، يقول عليه الصلاة و السلام:
(( الحمد لله تملأ الميزان )) رواه مسلم ، فالحمد رأسُ الشكر و أوَّله ، و
هو أول آية في كتاب الله المجيد: ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ ، و
قد أمر الله نبيَّه محمداً أن يحدِّث بنعم الله فقال سبحانه: ( وَ أَمَّا
بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ ) [الضحى:11].
و الشكرُ بالجوارح يكون
بالاستعانة بها على مرضاة الله، و منع استخدامها في مساخطه و عصيانه، و لذا
فشكرُ العين أن لا يبصرَ بها ما حرّم الله، و لا يطلق بصرَه على حرمات
الله، و شكرُ اللسان أن لا يتحدَّث به إلا حقاً، و لا ينطقَ به إلا صدقاً، و
شكرُ الأذنين أن لا يستمع بهما إلى غيبة و بهتان ومحرَّم.
و قد أمر
الله بشكر الوالدين بقوله: ( أَنِ ٱشْكُرْ لِى وَ لِوٰلِدَيْكَ
)[لقمان:14]، و من شكرهما برّهُما و الإحسان إليهما و الدعاءُ لهما، و
التودّد و التلطف لرضاهما، و خفضُ جناح الذلّ لهما، و من العصيان عقوقهما و
التأفّفُ و التنكّر لأوامرهما، و التثاقل عن طاعتهما. و أسعدُ الناس من
جعل النعمَ و سائلَ إلى الله و الدار الآخرة، و أشقاهم من توّصل بنعمه إلى
هواه و نيل ملذاته.
و صل اللهم على محمد و على اله و صحبه و سلم تسليما
أثنى الله على أوَّل رسولٍ بعثه إلى أهل الأرض بالشكر فقال: ( ذُرّيَّةَ
مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ) [الإسراء:2].
و أمر عبدَه موسى أن يتلقَّى ما آتاه من النبوة و الرسالة و التكليم
بالشكر فقال عز وجل ؛ ( يٰمُوسَىٰ إِنْى ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ
بِرِسَـٰلَـٰتِي وَ بِكَلَـٰمِي فَخُذْ مَا ءاتَيْتُكَ وَ كُنْ مّنَ
ٱلشَّـٰكِرِينَ )[الأعراف:144] .
و أثنى على خليله إبراهيم بشكر نعمه:(
إِنَّ إِبْرٰهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَـٰنِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَ لَمْ يَكُ
مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ شَاكِراً لأنْعُمِهِ ) [النحل:120، 121].
و أمر
الله به داود فقال: ( ٱعْمَلُواْ ءالَ دَاوُودَ شُكْراً )[سبأ:12]، و دعا
سليمان عليه السلام ربَّه أن يكون من الشاكرين: ( رَبّ أَوْزِعْنِى أَنْ
أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَ عَلَىٰ وٰلِدَىَّ
)[الأحقاف:15].
و أمر الله رسوله محمداً بالشكر فقال: ( بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ ) [الزمر:66].
و أمر الله لقمانَ بالشكر فقال: ( وَ لَقَدْ ءاتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ ) [لقمان:12].
و أوَّلُ وصية و صَّى بها ربُّنا الإنسانَ [هي الوصية] بالشكر له و
للوالدين فقال: ( أَنِ ٱشْكُرْ لِى وَ لِوٰلِدَيْكَ إِلَىَّ ٱلْمَصِيرُ )
[لقمان:14].
و هذه وصية النبي لأصحابه، فقد قال: يا معاذ، أني أحبُّك، فلا تدعنّ أن تقول دبرَ كلّ صلاة :
(( اللهم أعنِّي على ذكرك و شُكرك وحسن عبادتك)).
و نبيُّنا محمد صلى الله عليه و سلم ، أشكرُ الخلق لربّه، خرج من الدنيا و
لم يشبع من خبز الشعير، و ربط على بطنه الحجرَ من الجوع، و غُفر له ما
تقدَّم من ذنبه و ما تأخَّر، و يقوم من الليل حتى تتفطَّر قدماه، و يقول:
(( أفلا أكون عبداً شكورا؟! )) .
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (
النعمة موصولةٌ بالشكر، و الشكر يتعلّق بالمزيد، و لا ينقطع المزيد من
الله حتى ينقطع الشكر ). و يقول الحسن رحمه الله: "إن الله يمتِّع بالنعمة
ما شاء، فإذا لم يشكر عليها قلبها عذاباً". و إذا رأيت ربَّك يوالي عليك
نعمَه و أنتَ تعصيه فاحذره، قال سبحانه:( سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مّنْ حَيْثُ
لاَ يَعْلَمُونَ ) [القلم:44]، قال سفيان رحمه الله: "يُسبغ عليهم النعم و
يمنعهم الشكر".
و من رُزق الشكرَ رُزق الزيادة، ( وَ إِذْ تَأَذَّنَ
رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ
عَذَابِى لَشَدِيدٌ )[إبراهيم:7]، يقول أبو قلابة: "لا تضرّكم دنيًا
شكرتموها". و قد ذمَّ سبحانه الكنودَ من عباده و هو الذي لا يشكر نعمه فقال
سبحانه:( إِنَّ ٱلإِنسَـٰنَ لِرَبّهِ لَكَنُودٌ ) [العاديات:6].
بشكر
الله و طاعته تتفتَّح للعبد أبوابُ الدنيا و الآخرة، قال عز وجل:( وَ لَوْ
أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءامَنُواْ وَ ٱتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم
بَرَكَـٰتٍ مّنَ ٱلسَّمَاء وَ ٱلأرْضِ ) [الأعراف:96]
و شُكر الله يكون بالقلب و اللسان و الجوارح.
فيكون بالقلب بنسبة النعم إلى بارئها، قال جل وعلا: ( وَ مَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ )[النحل:53].
و يكون باللسان بالإكثار من الحمد لمُسديها، يقول عليه الصلاة و السلام:
(( الحمد لله تملأ الميزان )) رواه مسلم ، فالحمد رأسُ الشكر و أوَّله ، و
هو أول آية في كتاب الله المجيد: ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ ، و
قد أمر الله نبيَّه محمداً أن يحدِّث بنعم الله فقال سبحانه: ( وَ أَمَّا
بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ ) [الضحى:11].
و الشكرُ بالجوارح يكون
بالاستعانة بها على مرضاة الله، و منع استخدامها في مساخطه و عصيانه، و لذا
فشكرُ العين أن لا يبصرَ بها ما حرّم الله، و لا يطلق بصرَه على حرمات
الله، و شكرُ اللسان أن لا يتحدَّث به إلا حقاً، و لا ينطقَ به إلا صدقاً، و
شكرُ الأذنين أن لا يستمع بهما إلى غيبة و بهتان ومحرَّم.
و قد أمر
الله بشكر الوالدين بقوله: ( أَنِ ٱشْكُرْ لِى وَ لِوٰلِدَيْكَ
)[لقمان:14]، و من شكرهما برّهُما و الإحسان إليهما و الدعاءُ لهما، و
التودّد و التلطف لرضاهما، و خفضُ جناح الذلّ لهما، و من العصيان عقوقهما و
التأفّفُ و التنكّر لأوامرهما، و التثاقل عن طاعتهما. و أسعدُ الناس من
جعل النعمَ و سائلَ إلى الله و الدار الآخرة، و أشقاهم من توّصل بنعمه إلى
هواه و نيل ملذاته.
و صل اللهم على محمد و على اله و صحبه و سلم تسليما