بسم الله الرحمن الرحيم
طارق ابن زياد ....فاتح الاندلس
"طارق بن زياد" من القادة البارزين الذين سجلوا
أسماءهم في صفحات
تاريخ المسلمين المجيدة، مثل "خالد بن الوليد
" و"سعد بن أبى وقاص"
و "عمرو بن العاص" ، و"صلاح الدين الأيوبي
" و"محمد الفاتح"
.
وعلى يد "طارق بن زياد" قامت دولة للمسلمين
في بلاد "الأندلس"
المعروفة الآن بإسبانيا و"البرتغال" ،
وقد ظلت تلك الدولة قائمة
هناك ثمانية قرون .
هذا البطل العظيم ليس من أصل عربي ، ولكنه من أهالي البربر
الذين يسكنون بلاد "المغرب" العربي ، وكثير من هؤلاء
البربر دخل في الإسلام ، منهم "عبد الله" جد "طارق بن زياد"
، وهو أول اسم عربي إسلامي في نسبه ، أما باقي أجداده
فهم من البربر الذين يتميزون بالطول واللون الأشقر .
بدايته :
نشأ "طارق بن زياد" مثلما ينشأ الأطفال المسلمون ، فتعلم
القراءة والكتابة وحفظ سورًا من القرآن الكريم
وبعضا من احاديث النبي – صلى الله عليه وسلم-
، ثم ساعده حبه للجندية في
ان يلتحق بجيش "موسى بن نصير" أمير "المغرب"
، وأن يشترك معه في الفتوح
الإسلامية ، وأظهر شجاعة فائقة في القتال ، ومهارة كبيرة في
القيادة لفتت أنظار"موسى بن نصير" ، فأعجب بمهاراته وقدراته ،
واختاره حاكمًا "طنجة" المغربية التي تطل على البحر
.
المتوسط التفكير في فتح بلاد "الأندلس" :
كانت بلاد "الأندلس" يحكمها ملك ظالم يدعى " لذريق" ،
كرهه الناس وفكروا في خلعه من الحكم والثورة
عليه بالاستعانة بالمسلمين
الذي يحكمون الشمال الإفريقي بعد أن سمعوا كثيرًا عن عدلهم ،
وتوسط لهم الكونت "يوليان" حاكم "سبتة" القريبة من "طنجة"
في إقناع المسلمين بمساعدتهم ، واتصل بطارق بن زياد يعرض
عليه مساعدته في التخلص من "لذريق" حاكم الأندلس ،
" وقد رحب طارق" بهذا الطلب ، ووجد فيه فرصة
طيبة لمواصلة الفتح والجهاد
، ونشر الإسلام وتعريف الشعوب بمبادئه السمحة ،
" فارسل الى موسى بن نصير" أمير "المغرب"
يستأذنه في فتح "الأندلس" ،
فطلب منه الانتظار حتى يرسل إلى خليفة المسلمين "
الوليد بن عبد الملك" بهذا العرض ، ويستأذنه في فتح "الأندلس"
ويشرح له حقيقة الأوضاع هناك ، فأذن له الخليفة
،
وطلب منه ان يسبق الفتح حملة استطلاعية يكشف
بها أحوال "الأندلس"
قبل أن يخوض أهوال البحر .
(حملة "طريف" الإستطلاعية :)
واستجابة لأمر الخليفة بدأ "طارق" يجهز حملة صغيرة
لعبور البحر المتوسط إلى "الأندلس" بقيادة قائد
من البربر يدعى "طريف بن
مالك" ، وتضم خمسمائه من خير جنود المسلمين
وذلك لإستكشاف الامر ومعرفة أحوال "الأندلس"
، وتحركت هذه الحملة في شهر رمضان من
سنة (91 ه = يوليو 710 م) فعبرت في أربع سفن
قدمها لها الكونت "يوليان" ، ونزلت هناك على
الضفة الأخرى في منطقة
سميت بجزيرة طريف نسبه
إلى قائد الحملة ، وقامت هذه الحملة الصغيرة
بدراسة البلاد وتعرفوا جيدًا عليها ، ولم تلق هذه
الحمله ايةمقاومة وعادت بغنائم وفيرة.
· حملة "طارق بن زياد" :
وقد شجعت نتيجة هذا الحملة أن يقوم "طارق بن زياد"
بالاستعداد لفتح بلاد "الأندلس" ، وبعد مرور أقل من عام من
عودة حملة "طريف" خرج "طارق بن زياد"
في سبعة آلاف جندي
معظمهم من البربر المسلمين ، وعبر مضيق البحر المتوسط
إلى " الأندلس" ، وتجمع المسلمون عند جبل صخري عرف
فيما بعد باسم جبل "طارق" في (5 من شهر رجب 92 ه
= 27 من إبريل 711 م) .
وأقام "طارق" بتلك المنطقة عدة أيام ، وبنى بها حصنًا
لتكون قاعدة عسكرية بجوار الجبل ، وعهد بحمايتها
إلى طائفة من جنده لحماية ظهره في حالة
اضطراره إلى الانسحاب .
ثم سار "طارق بن زياد " بجيشه مخترقًا المنطقة المجاورة
بمعاونة الكونت "يوليان" ، وزحف على
ولاية "الجزيرة الخضراء"
واحتل قلاعها ، وفى أثناء ذلك وصلت أنباء الفتح
الى اسماع "لذريق" ، وكان مشغولاً بمحاربة بعض
الثائرين عليه في الشمال
، فترك قتالهم ، وأسرع إلى "طليطلة" عاصمة بلاده
، واستعد لمواجهة جيش المسلمين .
كان "طارق بن زياد" قد سار بجيشه شمالاً
إلى "طليطلة" وعسكرت قواته
في سهل واسع ، يحدها من الشرق نهر "وادي لكة" ، ومن
الغرب نهر "وادي البارباتى" ، وفى الوقت نفسه أكمل "لذريق"
استعداداته ، وجمع جيشًا هائلاً بلغ مائة ألف مقاتل مزودين
بأقوى الأسلحة ، وسار إلى الجنوب للقاء المسلمين ،
وهو واثق كل الثقة من تحقيق النصر .
ولما علم "طارق" بأنباء هذه الحشود
بعث إلى "موسى بن نصير"
يخبره بالأمر ، ويطلب منه المدد ، فبعث إليه
بخمسة آلاف جندي من خيرة الرجال ، وبلغ المسلمون
بذلك اثني عشر ألفًا.
اللقاء المرتقب :
رحل "لذريق" إلى بلدة "شذونة" وأتم بها استعداداته
، ثم اتجه إلى لقاء المسلمين ، ودارت بين الفريقين
معركة فاصلة بالقرب من "شذونة" وكان اللقاء قويًّاابتدأ في
(28 من رمضان 92 ه =18 من يوليو 711م ) وظل مستمرًّا
وظل مستمرا ثمانية أيام ، أبلى المسلمون
خلالها بلاء حسنًا ، وثبتوا
في أرض المعركة كالجبال رغم تفوق عدوهم في
العدد والعدة ، ولم ترهبهم قوته ولا حشوده ،
وتفوقوا عليه بالإعداد الجيد ، والإيمان القوى
، والإخلاص لله، والرغبة في الشهادة في سبيل الله.
وتحقق لهم النصر في اليوم الثامن من بدء المعركة
، وفر "لذريق" آخر ملوك القوط عقب المعركة ،
ولم يعثر له على أثر ، ويبدو أنه فقد حياته
في المعركة التي فقد فيها ملكه .
ما بعد النصر :
وبعد هذا النصر العظيم طارد "طارق بن زياد" فلول الجيش
المنهزم ، وسار بجيشه يفتح البلاد ، ولم يجد مقاومة عنيفة
في سيرة تجاه الشمال ، وفى الطريق إلى "طليطلة" عاصمة
القوط كان "طارق" يرسل حملات عسكرية صغيرة لفتح المدن
، مثل "قرطبة" ، و"غرناطة" و"ألبيرة" و"مالقة"
.
وواصل "طارق" سير شمالاً مخترقًا هضاب "الأندلس"
حتى دخل "طليطلة" بعد رحلة طويلة شاقة بلغت أكثر
ما يزيد على (600) كيلومتر عن ميدان المعركة
التي انتصر فيها .
ولما دخل "طارق" مدينة "طليطلة" أبقى على من ظل بها من
السكان ، وأحسن معاملتهم ، وترك لهم كنائسهم , وتابع
زحفه شمالاً حتى وصل إلى خليج "بسكونيه" ، ثم
عاد ثانية إلى "طليطلة" ، وكتب إلى "موسى بن نصير"
يحيطه بأنباء هذا الفتح وما أحرزه من نصر ، ويطلب منه
المزيد من الرجال والعتاد لمواصلة الفتح ونشر
الإسلام في تلك المناطق وتخليص أهلها من ظلم القوط .
"موسى بن نصير" والمشاركة في فتح "الأندلس" :
كان "موسى بن نصير" يتابع سير الجيش الإسلامي بقيادة
"طارق بن زياد " في "الأندلس" ، وأدرك أنه في حاجة
إلى عون ومساندة ، بعد أن استشهد كثير من المسلمين في
المعارك التي خاضوها ، فعبر إلى "الأندلس"
في ثمانية عشر ألف جندي في (رمضان 93 ه = يونيه 712 م) ،
وسار بجنوده في غير الطريق الذي سلكه "طارق بن زياد"
، ليكون له شرف فتح بلاد جديدة ، حتى وصل
إلى "طليطلة" والتقى بطارق بن زياد
.
وبعد أن استراح القائدان قليلاً في "طليطلة" عاودا
الفتح مرة ثانية ، وافتتحا "سرقسطة" و"طركونة"
و"برشلونة" وغيرها من المدن ، ثم افترق الفاتحان
، وسار كل منهما في ناحية حتى أتما فتح "الأندلس"
.
( العودة إلى "دمشق" :)
بينما القائدان يفتحان البلاد وصلت رسالة من الخليفة
"الوليد بن عبد الملك" يأمرهما فيها بالتوقف عن الفتح ،
والعودة إلى "دمشق" لتقديم بيان عن أخبار الفتح، وكان
القائدان قد نظما شئون البلاد، واتخذا من "إشبيلية"
عاصمة جديدة للأندلس لقربها من البحر .
وبعد ذلك غادر القائدان "الأندلس" وواصلا السير
إلى "دمشق" عاصمة الدولة الأموية ، فوصلاها بعد
تولية "سليمان بن عبد الملك" الخلافة بعد وفاة أخيه
"الوليد"، وقدما له تقريرًا وافيًا عن الفتح ، فاستبقاهما
الخليفة إلى جواره وأقام "طارق بن زياد" هناك ،
مكتفيًا بما حققه من فتوحات عظيمة خَّلدت اسمه
بين الفاتحين العظام من المسلمين .
(شخصية "طارق بن زياد" :)
كان "طارق بن زياد" قائدًا عظيمًا استطاع بإيمانه وصبره
وعزيمته وإصراره أن يصل إلى هذه المكانة العظيمة .
ونجح في تحقيق هذه الانتصارات لأنه كان يفكر في كل خطوة
يخطوها ، ويتأنى في اتخاذ القرار، ويجمع المعلومات قبل
التحرك ، فقبل أن يعبر إلى "الأندلس" أرسل حملة استطلاعية
كشفت له أحوال "الأندلس"
.
كما كان مؤمنا صادق الإيمان على يقين من نصر الله
حتى في أحرج الأوقات ، فظل ثمانية أيام يحارب
عدوه في لقاء غير متكافئ من حيث العدد والعدة
، لكنه تمكن من تحقيق النصر في النهاية بفضل الله تعالى .
"(طارق بن زياد" في سطور:)
- قائد عظيم من أصول غير عربية ، فهو من أبناء
قبائل البربر في بلاد "المغرب" التي فتحها المسلمون .
- مكنته مواهبه العسكرية من الترقى في جيش "موسى بن نصير"
حتى وصل إلى أرفع المناصب .
- ولاه "موسى بن نصير"إمارة مدينة "طنجة" تقديرًا لكفاءته
.
- اتصل به الكونت "يوليان" وطلب منه المساعدة في فتح
"الأندلس" وتخليص أهلها من ظلم القوط .
- عبر "طارق بن زياد" بجنوده البحر المتوسط إلى بلاد
"الأندلس" ، وتجمعوا عند جبل لا يزال يعرف إلى الآن بجبل طارق
- دخل في معركة حاسمة مع "لذريق" ملك القوط في "شذونة" ،
ونجح في تحقيق نصر عظيم بعد ثمانية أيام من القتال العنيف
.
- نجح بعد ذلك في مواصلة الفتح والاستيلاء
على "طليطلة" عاصمة القوط .
- ذهب إليه "موسى بن نصير" ، وقام القائدان
باستكمال فتح الاندلس
.
- بعد إتمام الفتح ذهب إلى "دمشق" حيث مقر الخلافة الأموية
، وقدم تقريرًا عن الفتح للخليفة الأموي ، وأقام هناك ولم يعد
[center]
طارق ابن زياد ....فاتح الاندلس
"طارق بن زياد" من القادة البارزين الذين سجلوا
أسماءهم في صفحات
تاريخ المسلمين المجيدة، مثل "خالد بن الوليد
" و"سعد بن أبى وقاص"
و "عمرو بن العاص" ، و"صلاح الدين الأيوبي
" و"محمد الفاتح"
.
وعلى يد "طارق بن زياد" قامت دولة للمسلمين
في بلاد "الأندلس"
المعروفة الآن بإسبانيا و"البرتغال" ،
وقد ظلت تلك الدولة قائمة
هناك ثمانية قرون .
هذا البطل العظيم ليس من أصل عربي ، ولكنه من أهالي البربر
الذين يسكنون بلاد "المغرب" العربي ، وكثير من هؤلاء
البربر دخل في الإسلام ، منهم "عبد الله" جد "طارق بن زياد"
، وهو أول اسم عربي إسلامي في نسبه ، أما باقي أجداده
فهم من البربر الذين يتميزون بالطول واللون الأشقر .
بدايته :
نشأ "طارق بن زياد" مثلما ينشأ الأطفال المسلمون ، فتعلم
القراءة والكتابة وحفظ سورًا من القرآن الكريم
وبعضا من احاديث النبي – صلى الله عليه وسلم-
، ثم ساعده حبه للجندية في
ان يلتحق بجيش "موسى بن نصير" أمير "المغرب"
، وأن يشترك معه في الفتوح
الإسلامية ، وأظهر شجاعة فائقة في القتال ، ومهارة كبيرة في
القيادة لفتت أنظار"موسى بن نصير" ، فأعجب بمهاراته وقدراته ،
واختاره حاكمًا "طنجة" المغربية التي تطل على البحر
.
المتوسط التفكير في فتح بلاد "الأندلس" :
كانت بلاد "الأندلس" يحكمها ملك ظالم يدعى " لذريق" ،
كرهه الناس وفكروا في خلعه من الحكم والثورة
عليه بالاستعانة بالمسلمين
الذي يحكمون الشمال الإفريقي بعد أن سمعوا كثيرًا عن عدلهم ،
وتوسط لهم الكونت "يوليان" حاكم "سبتة" القريبة من "طنجة"
في إقناع المسلمين بمساعدتهم ، واتصل بطارق بن زياد يعرض
عليه مساعدته في التخلص من "لذريق" حاكم الأندلس ،
" وقد رحب طارق" بهذا الطلب ، ووجد فيه فرصة
طيبة لمواصلة الفتح والجهاد
، ونشر الإسلام وتعريف الشعوب بمبادئه السمحة ،
" فارسل الى موسى بن نصير" أمير "المغرب"
يستأذنه في فتح "الأندلس" ،
فطلب منه الانتظار حتى يرسل إلى خليفة المسلمين "
الوليد بن عبد الملك" بهذا العرض ، ويستأذنه في فتح "الأندلس"
ويشرح له حقيقة الأوضاع هناك ، فأذن له الخليفة
،
وطلب منه ان يسبق الفتح حملة استطلاعية يكشف
بها أحوال "الأندلس"
قبل أن يخوض أهوال البحر .
(حملة "طريف" الإستطلاعية :)
واستجابة لأمر الخليفة بدأ "طارق" يجهز حملة صغيرة
لعبور البحر المتوسط إلى "الأندلس" بقيادة قائد
من البربر يدعى "طريف بن
مالك" ، وتضم خمسمائه من خير جنود المسلمين
وذلك لإستكشاف الامر ومعرفة أحوال "الأندلس"
، وتحركت هذه الحملة في شهر رمضان من
سنة (91 ه = يوليو 710 م) فعبرت في أربع سفن
قدمها لها الكونت "يوليان" ، ونزلت هناك على
الضفة الأخرى في منطقة
سميت بجزيرة طريف نسبه
إلى قائد الحملة ، وقامت هذه الحملة الصغيرة
بدراسة البلاد وتعرفوا جيدًا عليها ، ولم تلق هذه
الحمله ايةمقاومة وعادت بغنائم وفيرة.
· حملة "طارق بن زياد" :
وقد شجعت نتيجة هذا الحملة أن يقوم "طارق بن زياد"
بالاستعداد لفتح بلاد "الأندلس" ، وبعد مرور أقل من عام من
عودة حملة "طريف" خرج "طارق بن زياد"
في سبعة آلاف جندي
معظمهم من البربر المسلمين ، وعبر مضيق البحر المتوسط
إلى " الأندلس" ، وتجمع المسلمون عند جبل صخري عرف
فيما بعد باسم جبل "طارق" في (5 من شهر رجب 92 ه
= 27 من إبريل 711 م) .
وأقام "طارق" بتلك المنطقة عدة أيام ، وبنى بها حصنًا
لتكون قاعدة عسكرية بجوار الجبل ، وعهد بحمايتها
إلى طائفة من جنده لحماية ظهره في حالة
اضطراره إلى الانسحاب .
ثم سار "طارق بن زياد " بجيشه مخترقًا المنطقة المجاورة
بمعاونة الكونت "يوليان" ، وزحف على
ولاية "الجزيرة الخضراء"
واحتل قلاعها ، وفى أثناء ذلك وصلت أنباء الفتح
الى اسماع "لذريق" ، وكان مشغولاً بمحاربة بعض
الثائرين عليه في الشمال
، فترك قتالهم ، وأسرع إلى "طليطلة" عاصمة بلاده
، واستعد لمواجهة جيش المسلمين .
كان "طارق بن زياد" قد سار بجيشه شمالاً
إلى "طليطلة" وعسكرت قواته
في سهل واسع ، يحدها من الشرق نهر "وادي لكة" ، ومن
الغرب نهر "وادي البارباتى" ، وفى الوقت نفسه أكمل "لذريق"
استعداداته ، وجمع جيشًا هائلاً بلغ مائة ألف مقاتل مزودين
بأقوى الأسلحة ، وسار إلى الجنوب للقاء المسلمين ،
وهو واثق كل الثقة من تحقيق النصر .
ولما علم "طارق" بأنباء هذه الحشود
بعث إلى "موسى بن نصير"
يخبره بالأمر ، ويطلب منه المدد ، فبعث إليه
بخمسة آلاف جندي من خيرة الرجال ، وبلغ المسلمون
بذلك اثني عشر ألفًا.
اللقاء المرتقب :
رحل "لذريق" إلى بلدة "شذونة" وأتم بها استعداداته
، ثم اتجه إلى لقاء المسلمين ، ودارت بين الفريقين
معركة فاصلة بالقرب من "شذونة" وكان اللقاء قويًّاابتدأ في
(28 من رمضان 92 ه =18 من يوليو 711م ) وظل مستمرًّا
وظل مستمرا ثمانية أيام ، أبلى المسلمون
خلالها بلاء حسنًا ، وثبتوا
في أرض المعركة كالجبال رغم تفوق عدوهم في
العدد والعدة ، ولم ترهبهم قوته ولا حشوده ،
وتفوقوا عليه بالإعداد الجيد ، والإيمان القوى
، والإخلاص لله، والرغبة في الشهادة في سبيل الله.
وتحقق لهم النصر في اليوم الثامن من بدء المعركة
، وفر "لذريق" آخر ملوك القوط عقب المعركة ،
ولم يعثر له على أثر ، ويبدو أنه فقد حياته
في المعركة التي فقد فيها ملكه .
ما بعد النصر :
وبعد هذا النصر العظيم طارد "طارق بن زياد" فلول الجيش
المنهزم ، وسار بجيشه يفتح البلاد ، ولم يجد مقاومة عنيفة
في سيرة تجاه الشمال ، وفى الطريق إلى "طليطلة" عاصمة
القوط كان "طارق" يرسل حملات عسكرية صغيرة لفتح المدن
، مثل "قرطبة" ، و"غرناطة" و"ألبيرة" و"مالقة"
.
وواصل "طارق" سير شمالاً مخترقًا هضاب "الأندلس"
حتى دخل "طليطلة" بعد رحلة طويلة شاقة بلغت أكثر
ما يزيد على (600) كيلومتر عن ميدان المعركة
التي انتصر فيها .
ولما دخل "طارق" مدينة "طليطلة" أبقى على من ظل بها من
السكان ، وأحسن معاملتهم ، وترك لهم كنائسهم , وتابع
زحفه شمالاً حتى وصل إلى خليج "بسكونيه" ، ثم
عاد ثانية إلى "طليطلة" ، وكتب إلى "موسى بن نصير"
يحيطه بأنباء هذا الفتح وما أحرزه من نصر ، ويطلب منه
المزيد من الرجال والعتاد لمواصلة الفتح ونشر
الإسلام في تلك المناطق وتخليص أهلها من ظلم القوط .
"موسى بن نصير" والمشاركة في فتح "الأندلس" :
كان "موسى بن نصير" يتابع سير الجيش الإسلامي بقيادة
"طارق بن زياد " في "الأندلس" ، وأدرك أنه في حاجة
إلى عون ومساندة ، بعد أن استشهد كثير من المسلمين في
المعارك التي خاضوها ، فعبر إلى "الأندلس"
في ثمانية عشر ألف جندي في (رمضان 93 ه = يونيه 712 م) ،
وسار بجنوده في غير الطريق الذي سلكه "طارق بن زياد"
، ليكون له شرف فتح بلاد جديدة ، حتى وصل
إلى "طليطلة" والتقى بطارق بن زياد
.
وبعد أن استراح القائدان قليلاً في "طليطلة" عاودا
الفتح مرة ثانية ، وافتتحا "سرقسطة" و"طركونة"
و"برشلونة" وغيرها من المدن ، ثم افترق الفاتحان
، وسار كل منهما في ناحية حتى أتما فتح "الأندلس"
.
( العودة إلى "دمشق" :)
بينما القائدان يفتحان البلاد وصلت رسالة من الخليفة
"الوليد بن عبد الملك" يأمرهما فيها بالتوقف عن الفتح ،
والعودة إلى "دمشق" لتقديم بيان عن أخبار الفتح، وكان
القائدان قد نظما شئون البلاد، واتخذا من "إشبيلية"
عاصمة جديدة للأندلس لقربها من البحر .
وبعد ذلك غادر القائدان "الأندلس" وواصلا السير
إلى "دمشق" عاصمة الدولة الأموية ، فوصلاها بعد
تولية "سليمان بن عبد الملك" الخلافة بعد وفاة أخيه
"الوليد"، وقدما له تقريرًا وافيًا عن الفتح ، فاستبقاهما
الخليفة إلى جواره وأقام "طارق بن زياد" هناك ،
مكتفيًا بما حققه من فتوحات عظيمة خَّلدت اسمه
بين الفاتحين العظام من المسلمين .
(شخصية "طارق بن زياد" :)
كان "طارق بن زياد" قائدًا عظيمًا استطاع بإيمانه وصبره
وعزيمته وإصراره أن يصل إلى هذه المكانة العظيمة .
ونجح في تحقيق هذه الانتصارات لأنه كان يفكر في كل خطوة
يخطوها ، ويتأنى في اتخاذ القرار، ويجمع المعلومات قبل
التحرك ، فقبل أن يعبر إلى "الأندلس" أرسل حملة استطلاعية
كشفت له أحوال "الأندلس"
.
كما كان مؤمنا صادق الإيمان على يقين من نصر الله
حتى في أحرج الأوقات ، فظل ثمانية أيام يحارب
عدوه في لقاء غير متكافئ من حيث العدد والعدة
، لكنه تمكن من تحقيق النصر في النهاية بفضل الله تعالى .
"(طارق بن زياد" في سطور:)
- قائد عظيم من أصول غير عربية ، فهو من أبناء
قبائل البربر في بلاد "المغرب" التي فتحها المسلمون .
- مكنته مواهبه العسكرية من الترقى في جيش "موسى بن نصير"
حتى وصل إلى أرفع المناصب .
- ولاه "موسى بن نصير"إمارة مدينة "طنجة" تقديرًا لكفاءته
.
- اتصل به الكونت "يوليان" وطلب منه المساعدة في فتح
"الأندلس" وتخليص أهلها من ظلم القوط .
- عبر "طارق بن زياد" بجنوده البحر المتوسط إلى بلاد
"الأندلس" ، وتجمعوا عند جبل لا يزال يعرف إلى الآن بجبل طارق
- دخل في معركة حاسمة مع "لذريق" ملك القوط في "شذونة" ،
ونجح في تحقيق نصر عظيم بعد ثمانية أيام من القتال العنيف
.
- نجح بعد ذلك في مواصلة الفتح والاستيلاء
على "طليطلة" عاصمة القوط .
- ذهب إليه "موسى بن نصير" ، وقام القائدان
باستكمال فتح الاندلس
.
- بعد إتمام الفتح ذهب إلى "دمشق" حيث مقر الخلافة الأموية
، وقدم تقريرًا عن الفتح للخليفة الأموي ، وأقام هناك ولم يعد
[center]