أبناء الصعيد فن ابداع اصالة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كل ما يهم اهل الصعيد من معلومات و ابداع


    إوعي تجول للندل يا عم.. ولو كان علي السرج راكب عبد الرحمن الابنودى

    المستشار
    المستشار
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    الابراج : السرطان
    عدد الرسائل : 6465
    تاريخ الميلاد : 04/07/1964
    العمر : 60
    المزاج : الحمد لله
    نقاط : 8484
    تاريخ التسجيل : 19/09/2008

    إوعي تجول للندل يا عم.. ولو كان علي السرج راكب عبد الرحمن الابنودى Empty إوعي تجول للندل يا عم.. ولو كان علي السرج راكب عبد الرحمن الابنودى

    مُساهمة من طرف المستشار الإثنين 25 مايو - 21:16:44

    توفيق حنا المدرس الأول بمدرسة قنا الثانوية والمهاجر إلي أمريكا يكتب عن تلميذه النجيب
    إوعي تجول للندل يا عم.. ولو كان علي السرج راكب

    تحت كلمة إهداء.. يقول عبدالرحمن الأبنودي: (..ولكنني ـ وإلي أن أرحل ـ سوف أظل مدينا لقريتي «أبنود»، وسوف أظل أشكر الأقدار علي أن وهبتني تلك الطفولة الغنية التي قد يراها البعض فقيرة وقاسية ومعذبة» ثم يهدي «أيامي الحلوة».
    «إلي طفلتي الحبيبتين: آية ونور وإلي نهال كمال.. زوجتي التي كنت أكتب ذلك أسبوعيا، فقط لتبتسم.
    وإلي قريتي أبنود وأهلها، عشقي الأول والأخير.
    وإلي جريدة «الأهرام» والأستاذ محمد زايد رئيس تحرير ملحق «أيامنا الحلوة»، وأنا سوف أظل أشكر الأقدار التي بفضلها نقلت من مدرسة الخديوية في القاهرة إلي قنا مدرسا أول في مدرسة قنا الثانوية ـ ذلك البناء الجميل الأنيق ـ عام 1955/1956.. وسوف أظل أشكر تلك الأقدار أن كان ضمن تلاميذي عبدالرحمن الأبنودي ـ شاعر العامية ـ وأمل ونقل ـ شاعر الفصحي ـ وأيضا د. محمد سلامة آدم.. أستاذ الفلسفة.. وغيرهم.
    وأنا هنا أسجل في بداية كلمتي تحية تقدير لهذا الوفاء الذي تجسد عملا جميلا.. رائعا.. ورائدا في «أيامي الحلوة».. وكم هي رقيقة وعذبة كلمة «حلوة» لأيام كانت كلها فقراً وعذاباً وآلاماً وعناء.. ولكنها كانت ـ رغم كل شيء ـ أياما حلوة.. حملتها إلينا هذه الذاكرة الواعية.. البصيرة.. ويقال بحق إننا كلما تقدم بنا العمر نشطت ذاكرة الطفولة.. وقدمت لنا الماضي البعيد في صور ممتلئة بالحياة والحنان والحنين.. وهنا أشكر الصديق عبدالرحمن الأبنودي لإهدائي نسخة من «أيامي الحلوة» عندما التقينا في القاهرة فقد قضيت في قراءتها وفي الكتابة عنها أياما حلوة ـ بحق وحقيق ـ وأنا بعيد عن الوطن الحبيب.

    في عام 1955/1956 سعدت بإقامتي في قنا.. هذه المدينة السعيدية التي أحببتها وأحببت أهلها وسعدت بتلاميذي في قنا الثانوية.. عبدالرحمن الأبنودي وأمل دنقل ومحمد سلامة آدم وأبوالوفا القاضي.. وغيرهم.. وكنت أدفعهم إلي الكتابة عن قراهم.. ومازلت أحتفظ بما كتبه لي أمل دنقل في ورقتين من كلمات تتردد في قريته «القلعة» ومعانيها كذلك هذه المجموعة الكبيرة من المواويل سجلها لي محمد سلامة آدم «أستاذ الفلسفة».. وفي ذلك العام السعيد أرسلت للأستاذ يحيي حقي ـ مدير مصلحة الفنون ـ حكاية «ياليل يا عين» مع اقتراح بتقديم لوحات شعبية مع هذه الحكاية.
    وأكرر أني أحببت قنا وأهل قنا وكل الأماكن في هذه المدينة.. ولقد ترددت علي معبد دندرة أكثر من مرة.. كما سعدت بمشاهدة مولد سيدي عبدالرحيم القنائي بكل ما فيه من مأثورات ومشاهد ولوحات وألعاب شعبية.
    ولم أبق في مدينة قنا إلا عاما واحدا.. وقال لي صديق قنائي: إن من أحب قنا ينقل منها سريعا.. وكنت فعلا قد أحببت قنا.
    قرأت «أيامي الحلوة» في هذه الطبعة الأنيقة التي صدرت في مكتبة الأسرة.. هذا المشروع العظيم، ولا أكون مبالغا عندما أقرر أن هذا العمل من أهم إصدارات مكتبة الأسرة، وذلك لأنها تدفع القارئ والقارئة، لأن يسجل ـ هو أو هي ـ ذكريات القرية التي ولد أو ولدت فيها، مثلما فعل الشاعر عبدالرحمن الأبنودي.. وفاء لقريته «أبنود».
    >>>
    كانت شخصية الأم ـ فاطنة قنديل ـ أجمل افتتاحية لهذا العمل الرائع «أيامي الحلوة».. هذه الأم المصرية التي جاهدت الجهاد الحسن.. وبذلت ما في وسعها.. لإنقاذ ابنها ـ عبدالرحمن ـ من الموت.. وكيف استفادت هذه الأم ـ الواعية البصيرة الخبيرة ـ من كل ألوان الطب الشعبي التي ورثتها من أيام رب الطب المصري امنحتب «وهو أيضا المهندس العظيم الذي صمم هرم سقارة المدرج، وافتتح به عصر الأهرامات.. المجيد».
    عملان بطوليان قامت بهما فاطنة قنديل.. أما أولا وزوجة ثانيا.. أما عن الأم فيحدثنا عن عملها البطولي ابنها عبدالرحمن في الفصول عن: المريض الفولكوري:
    «في أوائل الخمسينيات لم نكن قد رأينا الطبيب ـ في قريتنا ـ رأي العين، وإنما كان طبيبنا ميراثنا الفولكلوري مما خلفه الأجداد للأحفاد من وصفات وخبرات، مواد مصنعة من بيئتنا إلي جانب أوراق الأشجار ونبات الحقول وحجارة الأرض المعطاءة ولبن بز الأم.. قبل أن تبني حكومة الثورة «الوحدة المجمعة» وتعين لنا طبيبا خاصا بأهالي قريتنا أبنود بمحافظة قنا» وعن مولده يقول:
    «ولدتني أمي في الحسومات، والحسومات حسب التقويم القبطي الذي مازال أهلنا يتبعونه هناك جميعا، أيام تسعة، تأتي في وقت معين من السنة القبطية، من يولد فيها من النادر أن يعيش، إنسانا كان أو حيوانا، وإذا عاش فإنه يعيش مثلي معلولا مكلولا مملولا محلولاً»، ويقول: «كنت ضعيفا، نحيلا وعليلا مزمنا، ضئيل البدن، أصفر الوجه، لدرجة أن أمي كانت ـ وأنا طفل لا أعي ـ تربط ركبتي المنحلتين بأشرطة من القماش تمسك الساقين اللتين تشبهان أعواد البوص كي لا تنفرطا»، ولكن من أين جاءت للأم هذه الخبرة.. يقول عبدالرحمن الأبنودي: «رأت أمي في أيام الحمل والوحم حمارة ولدت جحشا رفيعا عليلا.. رأت أمي الجحش الهزيل، ورأتهم يربطون ركبتيه بحبال كي تتماسكا، لذلك حين أنجبت ابنها السقيم ـ فيما بعد ـ ورأته غير قادر علي استعمال ركبتيه استوحت فكرة حبال الجحش، ونقلتها من ركبتي الحيوان إلي ركبتي الإنسان»، ويعترف عبدالرحمن الأبنودي بفضل أمه وحرصها علي علاج ابنها بكل ما تملك من خبرة ومن حب ومن إصرار:
    «كانت فاطنة قنديل أمي تفخر بأنها حققت ـ بي ـ أكبر معجزة في الدنيا وهي أنها أبقتني علي قيد الحياة، في قتال مرير وحرب ضروس ضد الطبيعية وقوانين الوجود وبخبرتها الطيبة النادرة ووعيها بتجارب السابقين.. هذه الأم التي تخوض النار ـ حقيقة لا مجازا ـ من أجل إنقاذ طفل لديها عشرة أفضل منه.. إنها الحياة».
    ويقدم لنا هذا الابن الذي كله وفاء هذه الأم في مشهد من مشاهد مر بها ضد المرض.. ضد الموت وكأن كلماته قصيدة من نثر:
    «كانت تصعد بعد أن يتشرب الغروب استمراره المعتق،

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 15 نوفمبر - 2:08:33