في المقال السابق توقفنا عند أول درسٍ في الصحافة تلقاه التوأمان مصطفي وعلي أمين من الزعيم سعد زغلول والذي عرف الصحافة بأنها نشر ما يهم الناس ..الدرس علي بساطته بالغ الأهمية فرغم أن وظيفة الصحافة هي نقل المعلومات من هنا وهناك بدقة وتبصر وسرعة وبطريقة تخدم الحقيقة لكن هذه المعلومات لابد وأن تهم الناس...والخبر الصحفي في أبسط تعريفاته هو وصف دقيق - غير متحيز- للحقائق المهمة حول واقعة تهم الناس والتقرير معلومات أكثر عن حدث يهم الناس والتحقيق موضوع صحفي يجيب للناس عن سؤال لماذا حدث الذي حدث والحديث الصحفي هو مقابلة يستجوب فيها الصحفي مسئولا ما أو شخصية ما للاجابة علي اسئلة تهم الناس وبالتالي فإن القاسم المشترك بين كل فنون التحرير الصحفي هو ما يهم الناس .....لكن يبقي السؤال الذي لم يجب عليه سعد زغلول وهو ما الذي يهم الناس ..؟ السؤال علي بساطته بالغ التعقيد فاهتمامات الناس رغم القواسم المشتركة بينهم تختلف باختلاف البيئة والمستوي الثقاقي والاقتصادي والاجتماعي ..صحيح أن هناك أساسيات تجمع كل الناس مثل الملبس والمأكل والمشرب والصرف الصحي - أعظم انجازات القرن العشرين بآراء معظم علماء أوربا - و يرتبط بكل هذا زينة الحياة الدنيا من المال والنساء والبنين والسيارات أحدث موديل إلي آخر القائمة لكن درجات الاهتمام مختلفة فالجائع الذي لا يملك سوي ثمن رغيف خبز لايشغل اهتمامه أسعار اللحوم والمجنحات - الطيور - ولحم البحر الطري - الأسماك بكافة أنواعها علي عكس الذين يأكلون لحوم الأنعام والأغنام والحمام ويملكون من المال الكثير والوفير هؤلاء لا يشغلهم سعر السلعة بل وجودها وجودتها وهناك اهتمامات عامة مثل الدين والسلطة والجنس وهو ما يعرف في مدرسة الإثارة الصحفية بمقولة ياإلهي الملكة حامل....وهناك ماهو شخصي ويشترك فيه الجميع وهوما عبر عنه الحديث الذي رواه الترمذي والذي قال فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم «من أصبح آمنا في سربه .معافي في بدنه.عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها».وفقد الأمن هوالكارثة ولهذا ينفق الحكام وأصحاب السلطة وذوي النفود والشهرة أموالا طائلة لهذا الغرض ولخطورة الأمن وأهميته جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد مرفوعاً ( لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً ) ويقول شراح الحديث لا جاداً ولا هازلاً ومن القصص المؤثرة التي يعرفها الكثيرون ماحدث في عهد وزارة صدقي باشا في الثلاثينيات من القرن الماضي ...ملخص الواقعة أن فلاحا شابا من مركز البداري بأسيوط اسمه أحمد جعيدي ..ضاق به مأمور البداري لأنه لايحني رأسه إذا وقف أمامه فكان عقابه حلق شاربه وتمريغ رأسه في الطين وتعذيب لا يطيقه بشر..... ثم أطلق سراحه فما ان خرج حتي اشتري بندقية وأطلق الرصاص علي المأمور فقتله ..وحكمت عليه محكمة جنايات أسيوط بالإعدام وأعيدت محاكمته أمام عبد العزيز باشا فهمي رئيس محكمة النقض فلما اكتشف بشاعة التعذيب الذي ارتكبه مأمور البداري ضد جعيدي تم إلغاء حكم الإعدام وقال القاضي في حيثياته (إن ما ارتكبه مأمور البداري ضد المتهم إجرام في إجرام ) ووجهت المحكمة خطاباً لوزير العدل لإصدار عفو عن جعيدي وما إن نشرت الصحف الخبر - بوصفه يهم الناس في أمنهم - حتي اهتزت مصر كلها و هكذا كانت مصر حتي أصبح نشر وقائع التعذيب كالتطور الطبيعي للحاجة الساقعة ...بعد هذا الحكم انكشفت الآلاف من قضايا التعذيب ووقعت أزمة بين رئيس الوزراء إسماعيل صدقي ووزير العدل أحمد ماهر ...فقد كان صدقي يريد حماية جهازه الأمني الذي يفاخر به أمام العالم وكان وزير العدل يريد أن يحمي العدل وأحكام القضاء ...لكن الواقعة برمتها وضعت آخر مسمار في نعش صدقي الذي داهمه المرض وللمرض قصة أخري مابين مصر زمان ومصر الآن
3 مشترك
مقتل مامور مركز البدارى
المستشار- Admin
- الجنس :
الابراج :
عدد الرسائل : 6465
تاريخ الميلاد : 04/07/1964
العمر : 60
المزاج : الحمد لله
نقاط : 8484
تاريخ التسجيل : 19/09/2008
- مساهمة رقم 1
مقتل مامور مركز البدارى
المستشار- Admin
- الجنس :
الابراج :
عدد الرسائل : 6465
تاريخ الميلاد : 04/07/1964
العمر : 60
المزاج : الحمد لله
نقاط : 8484
تاريخ التسجيل : 19/09/2008
- مساهمة رقم 2
رد: مقتل مامور مركز البدارى
وتنتصر إرادة البدارى ويفوز مرشح الوفد، ويقرر إسماعيل صدقى أن ينتقم من البدارى شر انتقام فيوعز إلى وزير الداخلية أن يعين لها مأمورا عرف بالقسوة الشديدة ويستجيب وزير الداخلية فيختار يوسف أفندى الشافعى الذى كان أقل ما يمكن أن يوصف به أنه شخصية سادية، ويبدأ يوسف الشافعى حملة التنكيل بالقبض على كل من لا يروق له من المواطنين بسبب أو بدون سبب وقد كان من بين المقبوض عليهم شاب يدعى أحمد جعيدى عبد الحق وشهرته الضرس جعيدى، أما سبب القبض عليه فهو أنه كان يرتدى جلبابا فاخرا من الحرير السكروتة ويمسك فى يده خيزرانة ذات مقبض من العاج ويسير مزهوا بنفسه أمام مركز البوليس، ويتعرض الضرس للضرب فى مركز الشرطة ويقوم يوسف أفندى بنفسه بإدخال العصا فى دبره حتى يتأكد بنفسه أنه لا يجوز لأى إنسان أن يرفع رأسه أمام المركز إلا إذا كان من رجال الشرطة أو من أتباع إسماعيل باشا صدقى!!، ثم يخلى سراحه بعد ذلك بعد أن ناله ما ناله من التعذيب دون أى سبب حقيقى أو ذنب جناه!!، غير أن الحكاية لم تنته عند هذا الحد إذ كان هناك فصل آخر من فصولها فى انتظار المأمور، ففى مساء السبت 19 مارس من عام 1932 وعندما كان يوسف الشافعى أفندى عائدا من زيارته لدار مهندس الرى فهيم أفندى نصيف وعند مدرسة البدارى الابتدائية وخلف حائط متهدم كان هناك من يترصد خطواته وعندما أصبح فى مرمى النار انطلقت رصاصة أودت بحياته!!، ويجن جنون وزارة الداخلية ويقبض على عدد كبير من المواطنين ويتعرضون جميعا لأبشع أنواع التعذيب أملا فى أن يعترف واحد منهم بالجريمة، كان القاتل الحقيقى هو الضرس الذى لاذ بالاختباء فى مكان أمين فى أعقاب قيامه بالثأر لكرامته وكرامة كل أبناء البدارى من الإرهابى المجرم يوسف الشافعى أفندى، ويتم استدعاء فرقة من الهجانة تفرض حظر التجول على جميع مواطنى البدارى وتلزمهم جميعا بالبقاء فى بيوتهم إلى أن يتم القبض على الفاعل، غير أن تلك الإجراءت لم تسفر عن نتيجة فتضطر وزارة الداخلية للجوء إلى العمدة الموقوف -محمد بك نصار-، الذى كان يرى أن واجبه يحتم عليه أن ينقذ البلد من هذا الويل، عندئذ سعى بنفسه إلى مكان اختباء الضرس وأقنعه بأنه قد أدى واجبه بالقصاص من ذلك المجرم، وأنه يتعين عليه الآن أن يسلم نفسه حتى يجنب ذوى قرباه ما يتعرضون له الآن من الأذى، ويستجيب الضرس لرأى العمدة الموقوف الذى كان الجميع يثقون فى رأيه وفى وطنيته ويسلم نفسه إلى السلطات حيث يحاكم ويحكم، عليه بالإعدام،.. ويطعن الضرس فى الحكم أمام محكمة النقض لكن المحكمة تؤيد الحكم، ويسجل عبد العزيز باشا فهمى رئيس المحكمة فى حيثيات حكمه التاريخى أن المحكمة إذ تؤيد الحكم لأنه سليم من الناحية القانونية، فإنها تؤيدة على مضض لأن ما كان يفعله يوسف أفندى الشافعى إجرام فى إجرام، وتناشد المحكمة جلالة الملك فؤاد بأن يستخدم سلطته المقررة له بمقتضى الدستور فى تخفيف الحكم، ويستجيب الملك فؤاد، ويصدر أمرا ملكيا بتخفيف الحكم من الإعدام الى الأشغال الشاقة المؤبدة مراعاة للظروف السياسية التى أحاطت بالجريمة، ويدخل الضرس الليمان ثم يفرج عنه بعد قضاء نصف المدة
سامى سعد محمد سالم- عدد الرسائل : 1
نقاط : 1
تاريخ التسجيل : 26/05/2010
- مساهمة رقم 3
رد: مقتل مامور مركز البدارى
البدارى مركز من مراكزالقوة فى العالم
ابن الصعيد- وسام الادارة
- الجنس :
الابراج :
عدد الرسائل : 4137
تاريخ الميلاد : 14/06/1981
العمر : 43
الموقع : منتدى ابناء الصعيد
المزاج : مبسوط جدا
نقاط : 4560
تاريخ التسجيل : 29/01/2009
- مساهمة رقم 4
رد: مقتل مامور مركز البدارى
الله بيعطيك العافيه
معالى المستشار
معالى المستشار