أسرار في حياة جمال حمدان
- هو واحد من أكبر عباقرة مصر في العصر الحديث.. هو صاحب الحياة الثرية والإنتاج الفريد والعقلية المبدعة الخلاقة.
- هو صاحب الذهن المتوقد والرؤية المستقبلية الثاقبة.
- هو صاحب الدراسات المتميزة الراقية والأبحاث المتعمقة.
- هو صاحب (شخصية مصر) و (اليهود أنثروبولوجيا) و (إستراتيجية الاستعمار والتحرير) و (بترول العرب) و (إفريقيا الجديدة) و (جغرافية المدن) و (العالم الإسلامي المعاصر) وغيرها من الدراسات والأبحاث التي أثرت الفكر العربي والإسلامي.
- وهو صاحب النهاية المأساوية الغامضة التي توجت مرحلة هامة أكثر غموضا وخصوصية في حياة راهب العلم والفكر، المبدع العبقري والعالم المصري الكبير، الدكتور جمال حمدان.
- سنحاول اليوم بعون الله – بمناسبة مرور ستة عشر عاما على وفاته – تسليط الضوء على بعض أسرار حياته.
- بعد وفاته المأساوية في السادس عشر من ابريل عام 1993م كتب شقيقه الدكتور عبد الحميد صالح حمدان كتابه (جمال حمدان وملامح من عبقرية الزمان).. دعونا نقتطف من هذا الكتاب بعض فقرات نقف بها على محطات هامة في حياة ذلك المفكر الكبير والشخصية النادرة التي قلما تتكرر في تاريخنا – مع بعض التصرف اليسير - وقد آثرنا أن نعنون لكل فقرة بعنوان مستقل من عندنا.
مولود فوق فرن ساخن
- " كان والدي يصحب والدتي قبل شهر من تاريخ الوضع إلى بيت حماته ويأتي لزيارتها والاطمئنان عليها أسبوعيا بعد خروجه من مدرسته التي كان يعمل بها، ويظل بجوارها طوال عطلة الأسبوع، وهكذا ولدت هناك شقيقتي المرحومة شكرية 1922م ثم شقيقي محمد 1924م فشقيقي المرحوم جمال الدين 1926م ثم جمال حمدان في يوم الأربعاء الموافق 4 فبراير 1928م حيث هبط إلى الدنيا في عز أيام الشتاء وفوق فرن ساخن ! "
اسمه لولو
- " تشاء الصدف أن نسكن في شقة مقابلة لشقة عائلة ايطالية من العائلات الكثيرة التي جاءت إلى مصر إما للعمل أو للتجارة، وكان رب الأسرة فنانا يعمل بمدرسة (الدون بوسكو) الايطالية، وتوطدت العلاقات بين الأسرتين بصورة متينة.
- وكنا نعامل مدام فيكتوريا (وهو اسم ربة البيت) كوالدتنا تماما، وكانت هي تعتبرنا أولادها، وكان تأثير هذه السيدة على والدتي كبيرا ً، وتعلمت منها أشياء كثيرة تتصل بفنون تدبير المنزل والطهي، لدرجة أننا دأبنا على تسمية قطع الأثاث في المنزل بأسمائها الايطالية.
- كما أنها كانت هي التي أطلقت على أخي جمال اسمه الذي عرف به بيننا طوال حياته (لولو) وهو تصغير لاسمه جلال الذي كان والدي قد اختاره له عند ولادته، والذي تبين فيما بعد عند تحرير استمارة دخوله امتحان الشهادة الابتدائية أن اسمه قد كتب خطأ في شهادة الميلاد على أنه (جمال) بدلا من جلال، وفشلت جهود أبى في تصحيح الاسم.
- ولم يكن هناك بد من تسمية أخي جلال باسمه الجديد (جمال ) وأصبح فى بيتنا جمال الدين وجمال، ومما هون من الأمر أننا كنا ننادى هذا الأخير باسم ( لولو ) طوال حياته وعرف بيننا بهذا الاسم واشتهر "
( لولو ) ينقذ جمال
- " في أوائل سنة 1945م حضر إلى بيتنا أربعة رجال من البوليس السري وطرقوا الباب ففتحت لهم والدتي، ولما طلبوا منها أن تستدعى ابنها جمال ليذهب معهم إلى قسم البوليس لأخذ أقواله فيما نسب إليه من أنه عضو في حزب مصر الفتاة، فردت عليهم والدتي بكل براءة بأن جمال غير موجود وأنه في طنطا بمعهد إعداد مدرسي الرياضة البدنية ( وكانت تقصد بذلك شقيقي الأكبر جمال الدين ).
- ولما قالوا لها أنه طالب بالجامعة أجابتهم بأن هذا هو ( لولو ) أما جمال فهو في طنطا، وانصرفوا بعد أن تركوا لها طلب الاستدعاء باسم جمال حمدان، الذي ذهب بعدها إلى قسم البوليس ونفى صلته بحزب مصر الفتاة "
حظه مع المرأة
- " وكان أخي طوال فترة دراسته وتحضيره للدكتوراه في انجلترا يراسلنا ويتحفنا ببعض الصور التذكارية التي التقطت له، ومازلت أحتفظ ببعضها عندي حتى الآن.
- وتعرف أثناء وجوده في ريدنج على زميلته في الجامعة الآنسة (ويليما) وارتبط بها ارتباطا وثيقا، ولما انتهى أخي من رسالته عرض عليها الزواج والسفر معه إلى القاهرة، ولكنها ترددت في الانتقال النهائي إلى مصر ووعدته بالتفكير في الموضوع واتخاذ قرارها في هذا الشأن بعد أن فشلت في إقناعه بأن يتزوجا في ريدنج وأن يستقرا بها، واستمر يراسلها بعد عودته إلى مصر ولم تنقطع العلاقة بينهما إلا بعد زواجها.
- وارتبط جمال بعلاقة حب مع إحدى زميلاته في الكلية، ولم تسفر هذه العلاقة الأخيرة عن تحقيق رغبتهما في الزواج نظرا للمشاكل التي صادفها أخي في عمله وانتهت بعد عدة سنوات كسابقتها بزواج زميلته من زميل آخر!.
وزير الشئون البلدية والقروية- قال لي أخي في إحدى المرات، وكنت أزوره في مكتبه بقسم الجغرافيا أنهم وزعوا عليه وعلى زملائه في الجامعة استبيانا فيه سؤال عن الوظيفة التي يرغب في شغلها، والتي يستطيع من خلالها خدمة وطنه ؟.
- فكانت إجابته على هذا السؤال هي: وزير الشئون البلدية والقروية (وكانت قائمة في ذلك الوقت) ولما أعربت له عن دهشتي لاختيار هذه الوزارة، وبأن يكون (وزيرا ً مرة واحدة) قال : يا عزيزي إن من يتولى هذه الوزارة يملك في يده نهضة مصر أو تخلفها، وعدد لي مزايا وفوائد هذه الوزارة ومهامها، وأن الشئون البلدية هي البنية الأساسية التي بدونها لا تستقيم حياة الناس في المدن، وأن الشئون القروية هي العمود الفقري الذي بدونه ينقصم ظهر مصر، وكان – والحق يقال – متحمسا لخدمة مصر في المكان المناسب الذي يستطيع من خلاله أن يحقق لها الرفعة والتقدم.
الديناصورات
- " وساءت الأمور بالنسبة لأخي في قسم الجغرافيا بكلية الآداب، وبدأ الكل يتربصون به الدوائر، وكان من سوء طالعه أن التقى غير عامد ولا متعمد بتلك الكثرة من (الديناصورات) التي كانت لهم صلة بفلان أو علان ممن كانوا يعتبرون ذلك جواز مرورهم صوب اعتلاء المناصب القيادية بلا مجهود أو علم.
- ولم يقتصر الحال على تخطيه في الترقية، بل وصل الأمر إلى حد حرمانه من تدريس مادته المفضلة وهى (جغرافية المدن) وتكليفه بتدريس مادة الخرائط لطلبة السنة الأولى والتي عادة ما كان يقوم بها المعيدون.
- وانتدب جمال للعمل في جامعة القاهرة فرع الخرطوم، وهناك وجد أن أحد الزملاء ممن سبقوه في العمل بالخرطوم قد سطا على كتبه ومحاضراته وطبعها ووزعها على الطلبة على أنها من بنات أفكاره، وأصيب جمال بالدهشة واستولى عليه الغضب وأثبت لطلبته أنه صاحب هذه النصوص.
- وعاد أخي بكل المرارة بعد أن أمضى في الخرطوم فصل دراسي واحد أنجز فيه أحسن دراسة كتبت عن مدينة الخرطوم باللغة الانجليزية، عاد ليجد أن نفس هذا الأستاذ ينافسه على الترقية بل ويحصل عليها قبله دون وجه حق.
- وأيقن في قراره نفسه وبعد أن تأثرت صحته من جراء هذه الترهات أنه لن يقوى على الوقوف أمام هؤلاء (الديناصورات).. وأنه لا سبيل إلى محاربتهم بسلاحه الوحيد الذي كان لا يملك سواه وهو سلاح العلم.
- ورأى أن الأولى به أن ينسحب من هذا الميدان وأن يترك هذه الكعكة ليتقاسموها بينهم، وأن يكرس نفسه لتحقيق مشروعه الكبير الذي كان يحلم به.
- وعندئذ اعتكف بمنزله وأرسل استقالته إلى الجامعة ولكنه حتى في هذه المرة لم ينجح من المضايقات والمعاكسات وعلقت استقالته لمدة سنتين مما أعاقه عن الحصول على حقوقه، ولم يخطئ أخي التقدير؛ فقد كان قراره في ذلك الوقت هو القرار السليم الذي كان لابد من اتخاذه رغم قسوته وتطرفه "
عزلة صارمة
- " ورتب بعدها حياته في العزلة ترتيبا صارما بعد أن اهتدى إلى فكرته المتمثلة في اعتزال العالم والاعتكاف في داره، ليعيش في محراب العلم بين كتبه وأبحاثه، ولزم شقته الصغيرة، ولم يكن يخرج إلا قليلا لقضاء حاجة أو لزيارة مكتبة أو دار نشر".
لم أخلق لهذا
- " سألته في إحدى المرات عن أسباب هذه العزلة الشديدة ؟ فقال بالحرف الواحد: اسمع يا عزيزي، بوسعي أن أجلس في المقاهي والمنتديات وأضع رجلا على رجل وساقا على ساق وأقول: أنا الدكتور جمال حمدان كما يفعل غيري، ويمكن بسهولة أن أمسح جوخ لهذا أو لذلك لأصل كما يصل المتسلقة، ولكنني لم أخلق لهذا أو لذاك، ودعك من التفاهات والمظاهر الكاذبة".
من أجل مصر
- " كان يرى أن الأمر لا يحتمل إلا الجد، وأن مصر تمر بأدق مراحل تاريخها وأنه لابد من التضحية في سبيل تقدمها ونهضتها، وإلا ساد انحلال عام في المعايير والمستويات الحضارية وهو ما يتهددها في الوقت الحاضر، لاسيما بعد أن غرسوا لها في ظهرها دولة إسرائيل".
همزة الوصل
- " كان لا يسمح لأحد بأن يقتحم عليه عزلته دون موعد سابق، وكنت عندما أريد أن أراه أمر عليه في الصباح وأترك له بطاقة بموعد حضوري أو أطرق بابه بطريقة معينة (عبارة عن ثلاث طرقات متقطعة) فإذا فتح الباب وكان مشغولا في عمل أو يقوم بتمريناته الرياضية أجلسني في هدوء في غرفة استقباله المتواضعة حتى ينتهي من عمله أو تمريناته.
- وكان له طباخ يصنع له طعامه ويتولى تنظيف المنزل وشراء الحوائج من السوق، وكان هذا الطباخ - بالإضافة إلى الصحف والمذياع – هو همزة الوصل بين جمال والعالم الخارجي".
نكسة يونيو و( شخصية مصر )
- " كانت نكسة يونيو 1967م هي التي فجرت شرارة ملحمته الكبرى (شخصية مصر) فقد صدمته الهزيمة وهزت كيانه، وكان قد تنبأ بوقوع هذه الجريمة في مقال له صدر بعنوان (هل تملك إسرائيل سلاحا ذريا؟) وذلك في سنة 1965م ولم يكن ممن يستسلمون للإحباط أو فقدان الثقة بل عكف رغم جراحه على انجاز شخصية مصر، وحاول في هذا الكتاب الضخم أن يعرف المواطن العادي والمثقف بجوهر وطنه ويدله على شخصيتها المصرية والعربية، ويحدد له معدنها القومي الأصيل ودورها الإنساني والحضاري".
الزاهد
- " لم يكن أخي يحتفي بالجوائز أو الأوسمة رغم أنها كانت تأتى إليه تجرجر أذيالها دون أن يسعى إليها أو ينتظرها.
- هرولت إليه أزف خبر حصوله على جائزة الدولة التشجيعية في شقته بالدقي، واستقبلني بابتسامته المعهودة، ولما وصلته شهادة الجائزة أهداها إلى العائلة، وتم بروزتها ووضعها بغرفة الاستقبال، ومازالت حتى الآن.
- وحضرت إلى القاهرة في صيف سنة 1986م وكان جمال قد حصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، ولما قدمت له خالص التهنئة على هذا التقدير الذي صادف أهله، قال لي والابتسامة لا تفارقه : لقد رفضتها يا عزيزي وأعدتها بخطاب إلى الراسل.
- والواقع أنه كان يرفض كل ما يأتي من أي جهة رسمية.
- ومنحه أمير الكويت في نفس العام – أي عام 1986م – جائزته للنقد العلمي، وقدرها أحد عشر ألف دولارا أمريكيا، فتقبلها من المبعوث الكويتي الذي زاره في بيته المتواضع، وأخذت له بعض الصور التذكارية وهو يتسلمها، وفى اليوم التالي أرسل قيمة الجائزة إلى شقيقي الأصغر اللواء عبد العظيم وهو من أبطال حرب أكتوبر لتوزيعها على شقيقاتنا وأبنائهن.
- ومنحته الدولة وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى سنة 1988م ولكنه لم يتسلمه "
عدو الصهيونية
- " كان أخي عدوا لدودا للصهيونية والاستعمار الأجنبي – أيا كان وجه هذا الاستعمار – وكان دائما يحذر من أن النفوذ الأجنبي أيا كان لونه ودينه، وكان يحذر من الصهيونية والتمزق العربي وضعف العالم الإسلامي وفقدان العدل الاجتماعي والطغيان السياسي، وكان يعتبر ذلك كله ألد أعداء مصر.
- وقد تناثرت أفكاره ووجهات نظره حول هذه الأمور في معظم كتاباته، وكانت قضية فلسطين هي قضيته الأولى وشغله الشاغل، وصرح بأن الكارثة التي تعرضت لها فلسطين على يد الصهيونية هي سابقة ليس لها مثيل قط في تاريخ العالم الحديث ولا العالم الإسلامي ولا العالم الثالث.
- وكان يرى أن الخطر الصهيوني لا يستهدف الأرض المقدسة في فلسطين فحسب وأن تهديدها لا يقتصر على العالم العربي وحده، وإنما يمتد إلى العالم الإسلامي كله، وكان يندد بهذا وبما يحاك لنا في الخفاء والعلن، ويقول : إن الصهيونيات اليوم هي أكبر خطر يواجه العالم العربي وأن تحرير فلسطين هو وحدة العالم الإسلامي السياسية وأن وحدة العالم الإسلامي إنما هي فلسطين".
الرحيل
- " كان جمال شديد الاعتداد بنفسه وبعلمه، ولكنه كان في الوقت نفسه يحمل بين جنابته قلبا أبيضا ولسانا عفا وشفافية روحية كانت تزداد يوما بعد يوم.
- وظل أخي جمال ممسكا بقلمه حتى آخر لحظة في حياته، ولم يضعه إلا لدقائق معدودات، ذهب فيها إلى مطبخه المتواضع ليعد لنفسه قدحا من الشاي، ولم يكن يعلم أن يد المنون كانت معه على موعد عندما انفجرت أنبوبة البوتاجاز في وجهه وأمسكت النيران بتلابيبه، وحاول وحده إطفاء هذه النيران التي تكاثرت عليه.
- فكانت الصدمة العصبية أشد من أن تحتمل.
- واقتربت النهاية وحان الأجل فودع الدنيا ودفن يوم الأحد 17 ابريل سنة 1993م بمقبرة العائلة بالبساتين، وهى المقبرة التي بناها والدي بعد عودته من السعودية سنة 1966م ودفن بها سنة 1982م ولحقت به أمنا بعد ستة شهور، ويرقد جمال الآن بجوار والديه وبجوار من توفاه الله من إخوتي وأخواتي".
عاش غريبا ومات وحيدا
- "عاش غريبا ومات وحيدا، يرحمه الله.. مات وحده، مات كما تموت الشهب محترقا في السماء.. لا أحد رآه ولا أحد عرف كيف صرخ وكيف بكى.. وإنما سقط رمادا أضيف إلى تراب مصر.. يا أرض مصر قد مات فيلسوفك وشاعرك والشاهد على عبقريتك".. (أنيس منصور – الأهرام 19/ 4/ 1993م ).
خطيئة اسمها الجحود
- "جمال حمدان نموذج فريد من العطاء.. هذا الجهد المثابر العنيد الضاري الذي استطاع به جمال حمدان أن ينجز مثل هذا العمل الضخم الذي يحتاج لعشرات العقول وعشرات السنين، ولكن جمال حمدان استطاع أن يقوم به بمفرده متحديا الواقع الكئيب الذي تصور الأقزام فيه أنهم يمكن أن يطاولوا قامة الرجل وشموخه.
- سوف نذكر في هذا الرجل زهد النفس وترفع الموقف والصبر على البلاء.. وسوف نذكر مع هذا كله عطاء عالم فذ كبير، وسوف نسكب دموعا غزيرة على قبر جمال حمدان، ولكن دموع الدنيا لن تغفر أبدا خطيئة اسمها الجحود " ( فاروق جويدة – الأهرام – 25/ 4/ 1993م )
فى عشق مصر
- " قصة حياة جمال حمدان هي أزمة التفوق والنبوغ والعبقرية حين تصطدم بما حولها من نكران وجحود، في مجتمع مثقل بمشكلات التخلف والمنافسات والحزازات الصغيرة.
- وعلى الرغم من عزوف جمال حمدان عن الشهرة والذيوع ومقاومته لكل محاولة لإخراجه من عزلته، إلا أن كتاباته وكتبه في تحليل شخصية مصر جغرافيا وسياسيا وبشريا وضعته – رغم كل شئ – على القمة مثالا يحتذي لأجيال الحاضر والمستقبل، ونموذجا فريدا لا يتكرر للذين يعملون في صمت وتبتل.. يموتون في عشق مصر دون مقابل، ودون انتظار حتى لكلمة ثناء أو شكر.. رحمه الله " (سلامة أحمد سلامة – الأهرام 22/ 4/ 1993م). منقول
منقووووووووووووووول
- هو واحد من أكبر عباقرة مصر في العصر الحديث.. هو صاحب الحياة الثرية والإنتاج الفريد والعقلية المبدعة الخلاقة.
- هو صاحب الذهن المتوقد والرؤية المستقبلية الثاقبة.
- هو صاحب الدراسات المتميزة الراقية والأبحاث المتعمقة.
- هو صاحب (شخصية مصر) و (اليهود أنثروبولوجيا) و (إستراتيجية الاستعمار والتحرير) و (بترول العرب) و (إفريقيا الجديدة) و (جغرافية المدن) و (العالم الإسلامي المعاصر) وغيرها من الدراسات والأبحاث التي أثرت الفكر العربي والإسلامي.
- وهو صاحب النهاية المأساوية الغامضة التي توجت مرحلة هامة أكثر غموضا وخصوصية في حياة راهب العلم والفكر، المبدع العبقري والعالم المصري الكبير، الدكتور جمال حمدان.
- سنحاول اليوم بعون الله – بمناسبة مرور ستة عشر عاما على وفاته – تسليط الضوء على بعض أسرار حياته.
- بعد وفاته المأساوية في السادس عشر من ابريل عام 1993م كتب شقيقه الدكتور عبد الحميد صالح حمدان كتابه (جمال حمدان وملامح من عبقرية الزمان).. دعونا نقتطف من هذا الكتاب بعض فقرات نقف بها على محطات هامة في حياة ذلك المفكر الكبير والشخصية النادرة التي قلما تتكرر في تاريخنا – مع بعض التصرف اليسير - وقد آثرنا أن نعنون لكل فقرة بعنوان مستقل من عندنا.
مولود فوق فرن ساخن
- " كان والدي يصحب والدتي قبل شهر من تاريخ الوضع إلى بيت حماته ويأتي لزيارتها والاطمئنان عليها أسبوعيا بعد خروجه من مدرسته التي كان يعمل بها، ويظل بجوارها طوال عطلة الأسبوع، وهكذا ولدت هناك شقيقتي المرحومة شكرية 1922م ثم شقيقي محمد 1924م فشقيقي المرحوم جمال الدين 1926م ثم جمال حمدان في يوم الأربعاء الموافق 4 فبراير 1928م حيث هبط إلى الدنيا في عز أيام الشتاء وفوق فرن ساخن ! "
اسمه لولو
- " تشاء الصدف أن نسكن في شقة مقابلة لشقة عائلة ايطالية من العائلات الكثيرة التي جاءت إلى مصر إما للعمل أو للتجارة، وكان رب الأسرة فنانا يعمل بمدرسة (الدون بوسكو) الايطالية، وتوطدت العلاقات بين الأسرتين بصورة متينة.
- وكنا نعامل مدام فيكتوريا (وهو اسم ربة البيت) كوالدتنا تماما، وكانت هي تعتبرنا أولادها، وكان تأثير هذه السيدة على والدتي كبيرا ً، وتعلمت منها أشياء كثيرة تتصل بفنون تدبير المنزل والطهي، لدرجة أننا دأبنا على تسمية قطع الأثاث في المنزل بأسمائها الايطالية.
- كما أنها كانت هي التي أطلقت على أخي جمال اسمه الذي عرف به بيننا طوال حياته (لولو) وهو تصغير لاسمه جلال الذي كان والدي قد اختاره له عند ولادته، والذي تبين فيما بعد عند تحرير استمارة دخوله امتحان الشهادة الابتدائية أن اسمه قد كتب خطأ في شهادة الميلاد على أنه (جمال) بدلا من جلال، وفشلت جهود أبى في تصحيح الاسم.
- ولم يكن هناك بد من تسمية أخي جلال باسمه الجديد (جمال ) وأصبح فى بيتنا جمال الدين وجمال، ومما هون من الأمر أننا كنا ننادى هذا الأخير باسم ( لولو ) طوال حياته وعرف بيننا بهذا الاسم واشتهر "
( لولو ) ينقذ جمال
- " في أوائل سنة 1945م حضر إلى بيتنا أربعة رجال من البوليس السري وطرقوا الباب ففتحت لهم والدتي، ولما طلبوا منها أن تستدعى ابنها جمال ليذهب معهم إلى قسم البوليس لأخذ أقواله فيما نسب إليه من أنه عضو في حزب مصر الفتاة، فردت عليهم والدتي بكل براءة بأن جمال غير موجود وأنه في طنطا بمعهد إعداد مدرسي الرياضة البدنية ( وكانت تقصد بذلك شقيقي الأكبر جمال الدين ).
- ولما قالوا لها أنه طالب بالجامعة أجابتهم بأن هذا هو ( لولو ) أما جمال فهو في طنطا، وانصرفوا بعد أن تركوا لها طلب الاستدعاء باسم جمال حمدان، الذي ذهب بعدها إلى قسم البوليس ونفى صلته بحزب مصر الفتاة "
حظه مع المرأة
- " وكان أخي طوال فترة دراسته وتحضيره للدكتوراه في انجلترا يراسلنا ويتحفنا ببعض الصور التذكارية التي التقطت له، ومازلت أحتفظ ببعضها عندي حتى الآن.
- وتعرف أثناء وجوده في ريدنج على زميلته في الجامعة الآنسة (ويليما) وارتبط بها ارتباطا وثيقا، ولما انتهى أخي من رسالته عرض عليها الزواج والسفر معه إلى القاهرة، ولكنها ترددت في الانتقال النهائي إلى مصر ووعدته بالتفكير في الموضوع واتخاذ قرارها في هذا الشأن بعد أن فشلت في إقناعه بأن يتزوجا في ريدنج وأن يستقرا بها، واستمر يراسلها بعد عودته إلى مصر ولم تنقطع العلاقة بينهما إلا بعد زواجها.
- وارتبط جمال بعلاقة حب مع إحدى زميلاته في الكلية، ولم تسفر هذه العلاقة الأخيرة عن تحقيق رغبتهما في الزواج نظرا للمشاكل التي صادفها أخي في عمله وانتهت بعد عدة سنوات كسابقتها بزواج زميلته من زميل آخر!.
وزير الشئون البلدية والقروية- قال لي أخي في إحدى المرات، وكنت أزوره في مكتبه بقسم الجغرافيا أنهم وزعوا عليه وعلى زملائه في الجامعة استبيانا فيه سؤال عن الوظيفة التي يرغب في شغلها، والتي يستطيع من خلالها خدمة وطنه ؟.
- فكانت إجابته على هذا السؤال هي: وزير الشئون البلدية والقروية (وكانت قائمة في ذلك الوقت) ولما أعربت له عن دهشتي لاختيار هذه الوزارة، وبأن يكون (وزيرا ً مرة واحدة) قال : يا عزيزي إن من يتولى هذه الوزارة يملك في يده نهضة مصر أو تخلفها، وعدد لي مزايا وفوائد هذه الوزارة ومهامها، وأن الشئون البلدية هي البنية الأساسية التي بدونها لا تستقيم حياة الناس في المدن، وأن الشئون القروية هي العمود الفقري الذي بدونه ينقصم ظهر مصر، وكان – والحق يقال – متحمسا لخدمة مصر في المكان المناسب الذي يستطيع من خلاله أن يحقق لها الرفعة والتقدم.
الديناصورات
- " وساءت الأمور بالنسبة لأخي في قسم الجغرافيا بكلية الآداب، وبدأ الكل يتربصون به الدوائر، وكان من سوء طالعه أن التقى غير عامد ولا متعمد بتلك الكثرة من (الديناصورات) التي كانت لهم صلة بفلان أو علان ممن كانوا يعتبرون ذلك جواز مرورهم صوب اعتلاء المناصب القيادية بلا مجهود أو علم.
- ولم يقتصر الحال على تخطيه في الترقية، بل وصل الأمر إلى حد حرمانه من تدريس مادته المفضلة وهى (جغرافية المدن) وتكليفه بتدريس مادة الخرائط لطلبة السنة الأولى والتي عادة ما كان يقوم بها المعيدون.
- وانتدب جمال للعمل في جامعة القاهرة فرع الخرطوم، وهناك وجد أن أحد الزملاء ممن سبقوه في العمل بالخرطوم قد سطا على كتبه ومحاضراته وطبعها ووزعها على الطلبة على أنها من بنات أفكاره، وأصيب جمال بالدهشة واستولى عليه الغضب وأثبت لطلبته أنه صاحب هذه النصوص.
- وعاد أخي بكل المرارة بعد أن أمضى في الخرطوم فصل دراسي واحد أنجز فيه أحسن دراسة كتبت عن مدينة الخرطوم باللغة الانجليزية، عاد ليجد أن نفس هذا الأستاذ ينافسه على الترقية بل ويحصل عليها قبله دون وجه حق.
- وأيقن في قراره نفسه وبعد أن تأثرت صحته من جراء هذه الترهات أنه لن يقوى على الوقوف أمام هؤلاء (الديناصورات).. وأنه لا سبيل إلى محاربتهم بسلاحه الوحيد الذي كان لا يملك سواه وهو سلاح العلم.
- ورأى أن الأولى به أن ينسحب من هذا الميدان وأن يترك هذه الكعكة ليتقاسموها بينهم، وأن يكرس نفسه لتحقيق مشروعه الكبير الذي كان يحلم به.
- وعندئذ اعتكف بمنزله وأرسل استقالته إلى الجامعة ولكنه حتى في هذه المرة لم ينجح من المضايقات والمعاكسات وعلقت استقالته لمدة سنتين مما أعاقه عن الحصول على حقوقه، ولم يخطئ أخي التقدير؛ فقد كان قراره في ذلك الوقت هو القرار السليم الذي كان لابد من اتخاذه رغم قسوته وتطرفه "
عزلة صارمة
- " ورتب بعدها حياته في العزلة ترتيبا صارما بعد أن اهتدى إلى فكرته المتمثلة في اعتزال العالم والاعتكاف في داره، ليعيش في محراب العلم بين كتبه وأبحاثه، ولزم شقته الصغيرة، ولم يكن يخرج إلا قليلا لقضاء حاجة أو لزيارة مكتبة أو دار نشر".
لم أخلق لهذا
- " سألته في إحدى المرات عن أسباب هذه العزلة الشديدة ؟ فقال بالحرف الواحد: اسمع يا عزيزي، بوسعي أن أجلس في المقاهي والمنتديات وأضع رجلا على رجل وساقا على ساق وأقول: أنا الدكتور جمال حمدان كما يفعل غيري، ويمكن بسهولة أن أمسح جوخ لهذا أو لذلك لأصل كما يصل المتسلقة، ولكنني لم أخلق لهذا أو لذاك، ودعك من التفاهات والمظاهر الكاذبة".
من أجل مصر
- " كان يرى أن الأمر لا يحتمل إلا الجد، وأن مصر تمر بأدق مراحل تاريخها وأنه لابد من التضحية في سبيل تقدمها ونهضتها، وإلا ساد انحلال عام في المعايير والمستويات الحضارية وهو ما يتهددها في الوقت الحاضر، لاسيما بعد أن غرسوا لها في ظهرها دولة إسرائيل".
همزة الوصل
- " كان لا يسمح لأحد بأن يقتحم عليه عزلته دون موعد سابق، وكنت عندما أريد أن أراه أمر عليه في الصباح وأترك له بطاقة بموعد حضوري أو أطرق بابه بطريقة معينة (عبارة عن ثلاث طرقات متقطعة) فإذا فتح الباب وكان مشغولا في عمل أو يقوم بتمريناته الرياضية أجلسني في هدوء في غرفة استقباله المتواضعة حتى ينتهي من عمله أو تمريناته.
- وكان له طباخ يصنع له طعامه ويتولى تنظيف المنزل وشراء الحوائج من السوق، وكان هذا الطباخ - بالإضافة إلى الصحف والمذياع – هو همزة الوصل بين جمال والعالم الخارجي".
نكسة يونيو و( شخصية مصر )
- " كانت نكسة يونيو 1967م هي التي فجرت شرارة ملحمته الكبرى (شخصية مصر) فقد صدمته الهزيمة وهزت كيانه، وكان قد تنبأ بوقوع هذه الجريمة في مقال له صدر بعنوان (هل تملك إسرائيل سلاحا ذريا؟) وذلك في سنة 1965م ولم يكن ممن يستسلمون للإحباط أو فقدان الثقة بل عكف رغم جراحه على انجاز شخصية مصر، وحاول في هذا الكتاب الضخم أن يعرف المواطن العادي والمثقف بجوهر وطنه ويدله على شخصيتها المصرية والعربية، ويحدد له معدنها القومي الأصيل ودورها الإنساني والحضاري".
الزاهد
- " لم يكن أخي يحتفي بالجوائز أو الأوسمة رغم أنها كانت تأتى إليه تجرجر أذيالها دون أن يسعى إليها أو ينتظرها.
- هرولت إليه أزف خبر حصوله على جائزة الدولة التشجيعية في شقته بالدقي، واستقبلني بابتسامته المعهودة، ولما وصلته شهادة الجائزة أهداها إلى العائلة، وتم بروزتها ووضعها بغرفة الاستقبال، ومازالت حتى الآن.
- وحضرت إلى القاهرة في صيف سنة 1986م وكان جمال قد حصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، ولما قدمت له خالص التهنئة على هذا التقدير الذي صادف أهله، قال لي والابتسامة لا تفارقه : لقد رفضتها يا عزيزي وأعدتها بخطاب إلى الراسل.
- والواقع أنه كان يرفض كل ما يأتي من أي جهة رسمية.
- ومنحه أمير الكويت في نفس العام – أي عام 1986م – جائزته للنقد العلمي، وقدرها أحد عشر ألف دولارا أمريكيا، فتقبلها من المبعوث الكويتي الذي زاره في بيته المتواضع، وأخذت له بعض الصور التذكارية وهو يتسلمها، وفى اليوم التالي أرسل قيمة الجائزة إلى شقيقي الأصغر اللواء عبد العظيم وهو من أبطال حرب أكتوبر لتوزيعها على شقيقاتنا وأبنائهن.
- ومنحته الدولة وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى سنة 1988م ولكنه لم يتسلمه "
عدو الصهيونية
- " كان أخي عدوا لدودا للصهيونية والاستعمار الأجنبي – أيا كان وجه هذا الاستعمار – وكان دائما يحذر من أن النفوذ الأجنبي أيا كان لونه ودينه، وكان يحذر من الصهيونية والتمزق العربي وضعف العالم الإسلامي وفقدان العدل الاجتماعي والطغيان السياسي، وكان يعتبر ذلك كله ألد أعداء مصر.
- وقد تناثرت أفكاره ووجهات نظره حول هذه الأمور في معظم كتاباته، وكانت قضية فلسطين هي قضيته الأولى وشغله الشاغل، وصرح بأن الكارثة التي تعرضت لها فلسطين على يد الصهيونية هي سابقة ليس لها مثيل قط في تاريخ العالم الحديث ولا العالم الإسلامي ولا العالم الثالث.
- وكان يرى أن الخطر الصهيوني لا يستهدف الأرض المقدسة في فلسطين فحسب وأن تهديدها لا يقتصر على العالم العربي وحده، وإنما يمتد إلى العالم الإسلامي كله، وكان يندد بهذا وبما يحاك لنا في الخفاء والعلن، ويقول : إن الصهيونيات اليوم هي أكبر خطر يواجه العالم العربي وأن تحرير فلسطين هو وحدة العالم الإسلامي السياسية وأن وحدة العالم الإسلامي إنما هي فلسطين".
الرحيل
- " كان جمال شديد الاعتداد بنفسه وبعلمه، ولكنه كان في الوقت نفسه يحمل بين جنابته قلبا أبيضا ولسانا عفا وشفافية روحية كانت تزداد يوما بعد يوم.
- وظل أخي جمال ممسكا بقلمه حتى آخر لحظة في حياته، ولم يضعه إلا لدقائق معدودات، ذهب فيها إلى مطبخه المتواضع ليعد لنفسه قدحا من الشاي، ولم يكن يعلم أن يد المنون كانت معه على موعد عندما انفجرت أنبوبة البوتاجاز في وجهه وأمسكت النيران بتلابيبه، وحاول وحده إطفاء هذه النيران التي تكاثرت عليه.
- فكانت الصدمة العصبية أشد من أن تحتمل.
- واقتربت النهاية وحان الأجل فودع الدنيا ودفن يوم الأحد 17 ابريل سنة 1993م بمقبرة العائلة بالبساتين، وهى المقبرة التي بناها والدي بعد عودته من السعودية سنة 1966م ودفن بها سنة 1982م ولحقت به أمنا بعد ستة شهور، ويرقد جمال الآن بجوار والديه وبجوار من توفاه الله من إخوتي وأخواتي".
عاش غريبا ومات وحيدا
- "عاش غريبا ومات وحيدا، يرحمه الله.. مات وحده، مات كما تموت الشهب محترقا في السماء.. لا أحد رآه ولا أحد عرف كيف صرخ وكيف بكى.. وإنما سقط رمادا أضيف إلى تراب مصر.. يا أرض مصر قد مات فيلسوفك وشاعرك والشاهد على عبقريتك".. (أنيس منصور – الأهرام 19/ 4/ 1993م ).
خطيئة اسمها الجحود
- "جمال حمدان نموذج فريد من العطاء.. هذا الجهد المثابر العنيد الضاري الذي استطاع به جمال حمدان أن ينجز مثل هذا العمل الضخم الذي يحتاج لعشرات العقول وعشرات السنين، ولكن جمال حمدان استطاع أن يقوم به بمفرده متحديا الواقع الكئيب الذي تصور الأقزام فيه أنهم يمكن أن يطاولوا قامة الرجل وشموخه.
- سوف نذكر في هذا الرجل زهد النفس وترفع الموقف والصبر على البلاء.. وسوف نذكر مع هذا كله عطاء عالم فذ كبير، وسوف نسكب دموعا غزيرة على قبر جمال حمدان، ولكن دموع الدنيا لن تغفر أبدا خطيئة اسمها الجحود " ( فاروق جويدة – الأهرام – 25/ 4/ 1993م )
فى عشق مصر
- " قصة حياة جمال حمدان هي أزمة التفوق والنبوغ والعبقرية حين تصطدم بما حولها من نكران وجحود، في مجتمع مثقل بمشكلات التخلف والمنافسات والحزازات الصغيرة.
- وعلى الرغم من عزوف جمال حمدان عن الشهرة والذيوع ومقاومته لكل محاولة لإخراجه من عزلته، إلا أن كتاباته وكتبه في تحليل شخصية مصر جغرافيا وسياسيا وبشريا وضعته – رغم كل شئ – على القمة مثالا يحتذي لأجيال الحاضر والمستقبل، ونموذجا فريدا لا يتكرر للذين يعملون في صمت وتبتل.. يموتون في عشق مصر دون مقابل، ودون انتظار حتى لكلمة ثناء أو شكر.. رحمه الله " (سلامة أحمد سلامة – الأهرام 22/ 4/ 1993م). منقول
منقووووووووووووووول