الفصل الأول :
المقدمة :
تمر المجتمعات في هذا العصر في طور تغيرات تقنية واجتماعية كبيرة مردها حدوث ما يسمى بالثورة المعلوماتية أو الانفجار المعلوماتي، وقد شمل تأثير هذا الانفجار مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المجتمعات الحديثة، بدءاً بالأفراد ومروراً بالمؤسسات والهيئات إلى مستوى الحكومات. ونتيجة لذلك فقد تغير نمط معيشة الإنسان، وتغيرت طبيعة الأعمال التي يقوم بها ، بل تغير نمط وأسلوب تفكير الإنسان في المجتمع الحديث. وهذا الحجم الهائل من التغيرات التي تمر بها المجتمعات مردها الأساسي هو التطور الكبير والسريع في تقنيات المعلومات، ويقصد بتقنيات المعلومات ذلك المزيج من تقنيات الإلكترونيات الدقيقة وتقنيات الحاسب وتقنيات الاتصالات وتقنيات حفظ المعلومات التي شهدت جميعها تطوراً كبيراً وسريعاً في السنوات الثلاثين الأخيرة من هذا القرن. ونتيجة لذلك تحولت المجتمعات في هذا العصر إلى "مجتمعات معلوماتية" يعتمد فيه اقتصادها ورفاهية شعوبها اعتمادا ًكبيراً على تقنيات المعلومات. ولو أننا شبهنا المجتمع بالجسم البشري، فإن أهمية المعلومات في المجتمعات العصرية هي بقدر حاجة جسم الإنسان إلى الدم . والحاسب في المجتمع الحديث ودوره في معالجة البيانات والمعلومات مثل القلب يضخ الدم إلى جميع أنحاء الجسم، فالحاسب والمعلومات في المجتمع هما مثل القلب والدم في جسم الإنسان .
تاريخ تطور الكمبيوتر :
لم يكن الكمبيوتر وليد الصدفة، ولكن كان نتيجة عمل وأبحاث ومحاولات كثيرة من العلماء منذ زمن بعيد، ولو أردنا أن نبحث عن تاريخ الآلات التي تساعد الإنسان في تنفيذ العمليات الحسابية ينبغي لنا أن نعود ما يقارب ثلاثة الآف سنة إلى الوراء، وذلك عندما اخترع الإنسان ذلك الجهاز الذي عرف بالمعداد أو الأباكوس ( Abacus ) والذي استخدمها الصينيون. وفي بداية عام 1833م فكر العالم ( تشارلز باباج ) ببناء آلة حسابية كهربائية تعمل آلياً،ووضع تصميماً لها، ويعتبر تصميم هذه الآلة التي فكر العالم (باباج) بصنعها مشابهاً لتصميم الحاسبات الحديثة الآن! ، إلا أن العالم باباج لم يتمكن من اتمام هذه الآلة بسبب أن التكنولوجيا المتاحة حينئذ لم تكن قادرة على بناءها، وعلى الرغم من أن هذا العالم قد أفنى عمره وثروته لتحقيق هذا الحلم إلا أنه توفي عام 1871م، وعلى الرغم من ذلك يطلق المؤرخون على باباج لقب " أبو الكمبيوتر " . وفي عام 1937م بدأت جامعة هارفارد الأمريكية في صناعة أول حاسب آلي اعتماداً على الفكرة والتصميم الذي وضعه العالم (باباج) وقد سمي "مارك1". ثم كان بعد ذلك أول حاسب آلي يعتمد على الأجزاء الإلكترونية وقد سمي هذا الحاسب " إنياك " وقد اكتمل بناءه عام 1946 تحت رعاية وتمويل وزراة الدفاع الأمريكية ، واعتبر سراً محضوراً ، حيث استخدم لأغراض حربية. ولقد بلغ وزن الحاسب "إنياك" ما يزيد عن 30 طناً، ويبلغ ارتفاعه طابقين ويغطي مساحة 15000 قدماً مربعاً من الأرض (حيز منزل كبير). وكان يحتوي على أكثر من 19000 صماماً مفرغاً وأكثر من نصف مليون نقطة لحام ملحومة باليد! ، وعندما تم تشغيله فإنه يستهلك 200كليووات من الطاقة الكهربائية تكفي لتغذية 600 حاسباً شخصياً حديثاً في الوقت الحاضر! ومن المثير للدهشة أيضاً أنه كان عند تشغيل الحاسب "إنياك" فإن جميع الأضواء الكهربائية في غرب الولاية كانت تنطفئ. ويمكن للحاسب "إنياك" إجراء 500عملية جمع أو 30 عملية ضرب فقط في الثانية الواحدة. ولا يسعنا هنا إلا أن نعرض لك تقريراً كتبه أحد علماء الكمبيوتر بعد دراسة متأنية للتطور المطرد في أبحاث الكمبيوتر حيث قال: " لو أن صناعة السيارات تطورت بنفس المعدل الذي تطورت به صناعة أجهزة الكمبيوتر لأصبح في استطاعتنا شراء سيارة رولزرويس بمبلغ 2,75 دولار ويكون بإمكان تلك السيارة من قطع مسافة 4000ميل باستخدام جالون واحد من الوقود".