لا تحـــــــــزن..إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرورأنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدهالله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنمحمداً عبده ورسوله... أما بعد:
اخي واختي المسلمهيامن تملّك الحزن قلبك.. وكتم الهمّ نفسك.. وضيّق صدرك .. فتكدرت بك الأحوال.. وأظلمتأمامك الآمال.. فضاقت عليك الحياة على سعتك.. وضاقت بك نفسك وأيامك.. وساعتهاوأنفاسها !لاتحزن..فما الحزن للأكدار علاج.. لا تيأسي فاليأس يعكرالمزاج.. والأمل قد لاح من كل فج بل فجاج !
لا تحزن .. فالبلوى تمحيص.. والمصيبة بإذن اللهاختبار.. والنازلة امتحان.. وعند الامتحان يعز المرء أو يهان !
ماذا عساه أن يكون سبب حزنك؟ !إن يكن سببهمرض..فهو لك خير.. وعاقبته الشفاء.. قال : « من يرد الله به خيراً يصب منه» ، وقال الله جل وعلا: { وَإِذَامَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } [الشعراء:80].
وإن يكن سبب حزنك...ذنباقترفته أو خطيئةفتأمل خطاب مولاك الذي هو أرحم بكمن نفسك: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَأَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَيَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} [الزمر:53].
وإن يكن سبب حزنك...ظلمحلّ بك من زوج أو قريب أو بعيد، فقد وعدك الله بالنصر ووعد ظالمك بالخذلانوالذل. فقال تعالى: { وَاللّهُ لاً يُحِبُّالظَّالِمِينَ} [آل عمران:140]، وقال تعالى في الحديثالقدسي للمظلوم: « وعزتي وجلالي لأنصرنك ولوبعد حين» .
وقال سبحانه: { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِيزَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّاللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [المجادلة:1].
وإن يكن سبب حزنك...الفقروالحاجة، فاصبر وأبشر..قال الله تعالى: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِوَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِالصَّابِرِينَ} [البقرة:155].
وإن يكن سبب حزنك...انعدام أو قلة الولد،فلستأول من يعدم الولد، ولست مسؤولة عن خلقه.
قال تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِيَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُالذُّكُورَ ، أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُعَقِيماً} [الشورى:50،49].
فهل أنت من شاء العقم؟أم الله الذي جعلك بمشيئته كذلك !
وهللك لأن تعترضي على حكم الله ومشيئته !
أو هل لزوجك أو سواه أن يلومك علىذلك.. إنه إن فعل كان معترضاً على الله لا عليك ومغالباً لحكمالله ومعقباًعليه..
فعلام الحزن إذن والأمر كله لله !
لا تحزني.. مهما بلغ بك البلاء !وتذكر أن ما يجري لك أقدار وقضاء يسري.. وأن الليلوإن طال فلا بد من طلوع الفجر !
وإليك أختي المسلمة.. كلمات نيرة تدفعين بهاالهموم.. انتقيتها لك من مشكاة النبوة لننير لك الطريق..
وتكشف عنك بإذنالله الأحزان.
أولاً: كوني ابنةيومكاجعلي شعارك في الحياة:
ما مضى فاتوالمؤمل غيبُولك الساعة التي أنت فيهاوأحسن منه وأجمل قول ابن عمررضي الله عنه: « إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح،وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك» [رواه البخاري].
وتأمليكيف استعاذ النبي من الهم والحزن إذ قال: « اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وقهرالدين وغلبة الرجال» [رواه البخاريومسلم].
فالحزن يكون على الأمور الماضية التي لا يمكن ردها ولا استدراكها.. والهم يكون بسبب الخوف منالمستقبل والتشاؤم فيه.
أختي المسلمة..يومكيومك تسعدي.. أشغلي فيه نفسك بالأعمال النافعة..
واجتهدي في لحظاته بالصلاحوالإصلاح.. استثمري فيه لحظاتك في الصلاة..
في ذكر الله.. في قراءة القرآن.. في طلب العلم.. في التشاغل بالخير..
في معروف تجدينه يوم العرض على الله.. { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْمِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَاوَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً} [آل عمران:30].
ثانياً: تعبدي اللهبالرضالا تحزني.. اجعلي شعارك عند وقوع البلاء: إنا لله وإنا إليهراجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيراًمنها.... اهتفي بهذه الكلماتعند أول صدمة.. تنقلب في حقك.... البلية.. مزية.. والمحنة منحة.. والهلكة.. عطاء وبركة !
تأملي في أدب البلاء في هذه الآية: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِوَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ،الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـاإِلَيْهِ رَاجِعونَ ، أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌوَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:155-157].
استرجع عند الجوع والفقر.. وعند الحاجة والفاقة.. وعندالمرض والمصيبة.. وأبشر بالرحمة من الله وحده !
ثالثاً: افقه سرالبلاءلا تحزن.. فالبلاء جزء لايتجزأ من الحياة.. لا يخلو منه.. غني ولا فقير.. ولا ملك ولا مملوك.. ولا نبيمرسل.. ولا عظيم مبجل.. فالناس مشتركون في وقوعه.. ومختلفون في كيفيته ودرجاته.. {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد:4].
هكذا الحياةخلقت مجالاً للبلاء..
{ الَّذِيخَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك:2].. { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْوَالصَّابِرِينَ} [محمد:31]..
إذن البلاءهو التمحيص ليعلم المجاهد فيأجر.. والصابر فيثاب !
لا تحزن..واستشعر في كلبلاء أنك رشحت لامتحان من الله !..
تثبت وتأمل وتمالك وهدئ الأعصاب.. وكأنمنادياً يقول لك في خفاء هامساً ومذكراً:
أنت الآن في إمتحان جديد.. فاحذريالفشل. تأملي قوله : « من يرد الله به خيراًيفقه في الدين» [رواه البخاري]، ثم قوله : « من يرد الله به خيراً يصب منه» [رواه البخاري].
فطالبالعلم.. والمبتلي بالمصائب يشتركان في خير أراده الله لهما.. وهذا أمرفي غايةالأهمية !
فكما أن العلم شرف.. يريده الله لمن يحب من عباده ! فكذلكالبلاء شرف يريده الله لمن يحب منعباده ! يغفر به ذنباً.. ويفرج به كرباً.. ويمحي به عيباً.. ويحدث بعده أمراً لم يكن في الحسبان.
{ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَأَمْراً} [الطلاق:1]، وفي الحديث: « إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخطفله السخط» [رواه البخاري].
رابعاً: لا تقلقالمريض سيشفى.. والغائب سيعود.. والمحزون سيفرح.. والكرب سيرفع.. والضائقة ستزول.. وهذاوعد الله إن اللهلا يخلف الميعاد.. {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِيُسْراً ، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً } [الشرح:6،5].
لا تحزن.. فإنما كرر الله اليُسْر في الآية.. ليطمئن قلبك.. وينشرح صدرك.. وقال : « لن يغلب عُسر يُسرين».. العسِير يعقبة اليُسر.. كما الليل يعقبة الفجر.. خامساً: اجعل همك فياللهاخي واختي في الله.. إذا اشتدت عليك هموم الأرض.. فاطلب ذهاب همك من اللهتعالى .. ففي الحديث: « من جعل الهموم هماً واحداً هم المعاد، كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت بهالهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك» [صحيح الجامع: 6189].
لا تحزن.. فرزقك مقسوم.. وقدرك محسوم.. وأحوال الدنيا لا تستحق الهموم.. لأنها كلها إلى زوال..
{ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَاإِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [الحديد20].
إذا آوى إليك الهم.. فأوي به إلىالله.. والهج بذكره: ( الله الله ربي لا أشركبه أحداً)،( يا حي يا قيوم برحمتكأستغيث )،( رب إني مغلوبفانتصر)، فكلها أوراد شرعية يُغفر بها الذنبويَنفرج بها الكرب.
اطلب السكينةفي كثرة الإستغفار.. استغفر بصدق مرة ومرتين ومائة ومائتين وألف.. دون تحديدمتلذذة بحلاوة الاستغفار.. ونشوة التوبة والإنابة.. {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَوَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:222].
اطلب الطمأنينة في الأذكار بالتسبيح، والتهليل،والصلاة على النبي الأمين ، وتلاوة القرآن، { أَلاً بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28].. { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌلِّلْمُؤْمِنِينَ } [الإسراء:82].
لا تحزن.. وافزع إلى الله بالدعاء.. لا تعجز ففيالحديث « أعجز الناس من عجز عن الدعاء»
تضرع إلى الله في ظلم الليالي.. وأدبارالصلوات.. اختلي بنفسك في قعر بيتك شاكيةً إليه.. باكيةً لديه..
سائلةًفَرَجُه ونَصره وفتحه.. وألحِّي عليه.. مرة واثنتين وعشراً فهو يحب المُلحين فيالدعاء.. { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّيفَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } [البقرة:186].
لا تحزن ولا تيأس.. { إِنَّهُلاً يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } [يوسف:87].
ستنجلي الظلمة.. وتزولِّ الغمة.. وتعود البسمة.. فافرش لها فراش الصبر.. وهاتفها بالدعاء والذكر.. وظن بالله خيراً.. يكن عند حسن ظنك.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبهأجمعين
اخي واختي المسلمهيامن تملّك الحزن قلبك.. وكتم الهمّ نفسك.. وضيّق صدرك .. فتكدرت بك الأحوال.. وأظلمتأمامك الآمال.. فضاقت عليك الحياة على سعتك.. وضاقت بك نفسك وأيامك.. وساعتهاوأنفاسها !لاتحزن..فما الحزن للأكدار علاج.. لا تيأسي فاليأس يعكرالمزاج.. والأمل قد لاح من كل فج بل فجاج !
لا تحزن .. فالبلوى تمحيص.. والمصيبة بإذن اللهاختبار.. والنازلة امتحان.. وعند الامتحان يعز المرء أو يهان !
ماذا عساه أن يكون سبب حزنك؟ !إن يكن سببهمرض..فهو لك خير.. وعاقبته الشفاء.. قال : « من يرد الله به خيراً يصب منه» ، وقال الله جل وعلا: { وَإِذَامَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } [الشعراء:80].
وإن يكن سبب حزنك...ذنباقترفته أو خطيئةفتأمل خطاب مولاك الذي هو أرحم بكمن نفسك: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَأَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَيَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} [الزمر:53].
وإن يكن سبب حزنك...ظلمحلّ بك من زوج أو قريب أو بعيد، فقد وعدك الله بالنصر ووعد ظالمك بالخذلانوالذل. فقال تعالى: { وَاللّهُ لاً يُحِبُّالظَّالِمِينَ} [آل عمران:140]، وقال تعالى في الحديثالقدسي للمظلوم: « وعزتي وجلالي لأنصرنك ولوبعد حين» .
وقال سبحانه: { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِيزَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّاللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [المجادلة:1].
وإن يكن سبب حزنك...الفقروالحاجة، فاصبر وأبشر..قال الله تعالى: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِوَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِالصَّابِرِينَ} [البقرة:155].
وإن يكن سبب حزنك...انعدام أو قلة الولد،فلستأول من يعدم الولد، ولست مسؤولة عن خلقه.
قال تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِيَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُالذُّكُورَ ، أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُعَقِيماً} [الشورى:50،49].
فهل أنت من شاء العقم؟أم الله الذي جعلك بمشيئته كذلك !
وهللك لأن تعترضي على حكم الله ومشيئته !
أو هل لزوجك أو سواه أن يلومك علىذلك.. إنه إن فعل كان معترضاً على الله لا عليك ومغالباً لحكمالله ومعقباًعليه..
فعلام الحزن إذن والأمر كله لله !
لا تحزني.. مهما بلغ بك البلاء !وتذكر أن ما يجري لك أقدار وقضاء يسري.. وأن الليلوإن طال فلا بد من طلوع الفجر !
وإليك أختي المسلمة.. كلمات نيرة تدفعين بهاالهموم.. انتقيتها لك من مشكاة النبوة لننير لك الطريق..
وتكشف عنك بإذنالله الأحزان.
أولاً: كوني ابنةيومكاجعلي شعارك في الحياة:
ما مضى فاتوالمؤمل غيبُولك الساعة التي أنت فيهاوأحسن منه وأجمل قول ابن عمررضي الله عنه: « إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح،وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك» [رواه البخاري].
وتأمليكيف استعاذ النبي من الهم والحزن إذ قال: « اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وقهرالدين وغلبة الرجال» [رواه البخاريومسلم].
فالحزن يكون على الأمور الماضية التي لا يمكن ردها ولا استدراكها.. والهم يكون بسبب الخوف منالمستقبل والتشاؤم فيه.
أختي المسلمة..يومكيومك تسعدي.. أشغلي فيه نفسك بالأعمال النافعة..
واجتهدي في لحظاته بالصلاحوالإصلاح.. استثمري فيه لحظاتك في الصلاة..
في ذكر الله.. في قراءة القرآن.. في طلب العلم.. في التشاغل بالخير..
في معروف تجدينه يوم العرض على الله.. { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْمِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَاوَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً} [آل عمران:30].
ثانياً: تعبدي اللهبالرضالا تحزني.. اجعلي شعارك عند وقوع البلاء: إنا لله وإنا إليهراجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيراًمنها.... اهتفي بهذه الكلماتعند أول صدمة.. تنقلب في حقك.... البلية.. مزية.. والمحنة منحة.. والهلكة.. عطاء وبركة !
تأملي في أدب البلاء في هذه الآية: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِوَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ،الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـاإِلَيْهِ رَاجِعونَ ، أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌوَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:155-157].
استرجع عند الجوع والفقر.. وعند الحاجة والفاقة.. وعندالمرض والمصيبة.. وأبشر بالرحمة من الله وحده !
ثالثاً: افقه سرالبلاءلا تحزن.. فالبلاء جزء لايتجزأ من الحياة.. لا يخلو منه.. غني ولا فقير.. ولا ملك ولا مملوك.. ولا نبيمرسل.. ولا عظيم مبجل.. فالناس مشتركون في وقوعه.. ومختلفون في كيفيته ودرجاته.. {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد:4].
هكذا الحياةخلقت مجالاً للبلاء..
{ الَّذِيخَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك:2].. { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْوَالصَّابِرِينَ} [محمد:31]..
إذن البلاءهو التمحيص ليعلم المجاهد فيأجر.. والصابر فيثاب !
لا تحزن..واستشعر في كلبلاء أنك رشحت لامتحان من الله !..
تثبت وتأمل وتمالك وهدئ الأعصاب.. وكأنمنادياً يقول لك في خفاء هامساً ومذكراً:
أنت الآن في إمتحان جديد.. فاحذريالفشل. تأملي قوله : « من يرد الله به خيراًيفقه في الدين» [رواه البخاري]، ثم قوله : « من يرد الله به خيراً يصب منه» [رواه البخاري].
فطالبالعلم.. والمبتلي بالمصائب يشتركان في خير أراده الله لهما.. وهذا أمرفي غايةالأهمية !
فكما أن العلم شرف.. يريده الله لمن يحب من عباده ! فكذلكالبلاء شرف يريده الله لمن يحب منعباده ! يغفر به ذنباً.. ويفرج به كرباً.. ويمحي به عيباً.. ويحدث بعده أمراً لم يكن في الحسبان.
{ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَأَمْراً} [الطلاق:1]، وفي الحديث: « إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخطفله السخط» [رواه البخاري].
رابعاً: لا تقلقالمريض سيشفى.. والغائب سيعود.. والمحزون سيفرح.. والكرب سيرفع.. والضائقة ستزول.. وهذاوعد الله إن اللهلا يخلف الميعاد.. {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِيُسْراً ، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً } [الشرح:6،5].
لا تحزن.. فإنما كرر الله اليُسْر في الآية.. ليطمئن قلبك.. وينشرح صدرك.. وقال : « لن يغلب عُسر يُسرين».. العسِير يعقبة اليُسر.. كما الليل يعقبة الفجر.. خامساً: اجعل همك فياللهاخي واختي في الله.. إذا اشتدت عليك هموم الأرض.. فاطلب ذهاب همك من اللهتعالى .. ففي الحديث: « من جعل الهموم هماً واحداً هم المعاد، كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت بهالهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك» [صحيح الجامع: 6189].
لا تحزن.. فرزقك مقسوم.. وقدرك محسوم.. وأحوال الدنيا لا تستحق الهموم.. لأنها كلها إلى زوال..
{ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَاإِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [الحديد20].
إذا آوى إليك الهم.. فأوي به إلىالله.. والهج بذكره: ( الله الله ربي لا أشركبه أحداً)،( يا حي يا قيوم برحمتكأستغيث )،( رب إني مغلوبفانتصر)، فكلها أوراد شرعية يُغفر بها الذنبويَنفرج بها الكرب.
اطلب السكينةفي كثرة الإستغفار.. استغفر بصدق مرة ومرتين ومائة ومائتين وألف.. دون تحديدمتلذذة بحلاوة الاستغفار.. ونشوة التوبة والإنابة.. {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَوَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:222].
اطلب الطمأنينة في الأذكار بالتسبيح، والتهليل،والصلاة على النبي الأمين ، وتلاوة القرآن، { أَلاً بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28].. { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌلِّلْمُؤْمِنِينَ } [الإسراء:82].
لا تحزن.. وافزع إلى الله بالدعاء.. لا تعجز ففيالحديث « أعجز الناس من عجز عن الدعاء»
تضرع إلى الله في ظلم الليالي.. وأدبارالصلوات.. اختلي بنفسك في قعر بيتك شاكيةً إليه.. باكيةً لديه..
سائلةًفَرَجُه ونَصره وفتحه.. وألحِّي عليه.. مرة واثنتين وعشراً فهو يحب المُلحين فيالدعاء.. { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّيفَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } [البقرة:186].
لا تحزن ولا تيأس.. { إِنَّهُلاً يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } [يوسف:87].
ستنجلي الظلمة.. وتزولِّ الغمة.. وتعود البسمة.. فافرش لها فراش الصبر.. وهاتفها بالدعاء والذكر.. وظن بالله خيراً.. يكن عند حسن ظنك.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبهأجمعين