(عقيل بن ابي طالب)
شقيق علي واسن من جعفر بعشر سنين وكان من أحب الناس الي النبي صلي الله عليه وسلم لقرابته منه اولا ولحب عمه له ثانيا وبالرغم من خروجه علي بني هاشم مع المشركين في غزوة بدر وحكاية اسره وفداء عمه له مبسوطه فى كل كتب التاريخ.
رجع بعد بدر الي مكه ولم يزل بها حتي هاجر الي المدينه سنة 8 هــ فشهد غزوة مؤته , ثم عرض له مرض فلم يسمع له خبر فى فتح مكه والطائف وحنين .
وكان سريع الجواب المسكت المفحم للخصم , وله فى ذلك اخبار طويله وكان اعلم اهل قريش بالنسب واعلمهم بوقائعها وحروبها لكنه كان مبغضا اليها لانه كان يعدد مساوئها ويكثر من مثالبها ، لذلك عادته ، وقالت فيه بالحق وبالباطل ، ونسبت اليه الحمق ، واختلقت عليه الاحاديث المزوره.
وأعان علي ذلك عداوته لبني هاشم وخروجه علي أخيه علي ومسيره الي معاويه بالشام ـ وكان عقيل زوج خالته فاطمه بنت عتبه ـ
قال ابن الاثير ما ملخصه :
وكان سبب قدومه علي اخيه علي أن لزمه دين فقصده فى الكوفه ، فأمر ابنه الحسين فكساه ، ولما أمسي قدم له الطعام ، فرفض الاكل حتي يوفي دينه ، فقل له كم دينك ؟ قال اربعون الفا ، قال علي ما عندي ولكن اصب حتي يخرج عطائي فأنه اربعة الاف فأدفعه اليك ، فقال له عقيل بيوت المال بيديك وأنت تسوفني بعطائك ، فقال علي أتأمرني أن ادفع لك أموال المسلمين وقد أئتمنوني عليها ، فقال عقيل اني أت معاويه.
فلما أتي معاويه قال له يا أبا زيد كيف تركت عليا ؟ قال: كأنهم اصحاب محمد الا انني لم أر رسول الله صلي الله عليه وسلم . وكأنك وأصحابك أبو سفيان وأصحابه الا أني لا أرى أبا سفيان.
فلما كان من الغد ، جلس معاويه علي سريره ثم أذن للناس فدخلوا ، وأمر بكرسي الي جانب السرير ، واجلس عليه الضحاك بن قيس ، ثم أذن لعقيل فدخل عليه . فقال يا معاويه من هذا الذي معك ، فقال الضحاك بن قيس ، فقال عقيل الحمد لله الذي رفع الخسيسه وتمم النقيصه ، هذا الذي كان أبوه يخصى بهمنا بالابطح ، لقد كان بخصائها رفيقا ، فقال الضحاك : اني لعالم بمحاسن قريش ، وان عقيلا عالم بمساوئها ، ثم أمر له معاويه بخمسين الف درهم فأخذها ورجع.
ولما استقر الملك بقريش فى المدينه ، قال الوليد بن هشام بن المغيره لعمر بن الخطاب ، لقد جئت الشام فرأيت ملوكها قد دونوا ديوانا وجندوا جندا ، فدون ديوانا وجند جندا ، فأخذ عمر بقوله ، ودعا عقيلا ومخرمه بن نوفل ، وجبير بن مطعم وكانوا لسان قريش ، وقال لهم : أكتبوا الناس علي منازلهم فبدأوا ببني هاشم ، ثم أتبعوهم أبا بكر وقومه ، ثم عمر وقومه ، فغضب عمر من ذلك وقال : أبدأوا بقرابة النبي صلي الله عليه وسلم ، الاقرب فالاقرب وضعوا عمرا حيث وضعه الله تعالي .
كان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال الرسول لعمه يوما : ان أبا طالب كثير العيال ، فانطلق بنا نخفف عن عيال أبي طالب . فأنطلقا اليه ، وأعلماه ما أرادا . فقال أبو طالب . أتركا لي عقيلا وأصنعا ماشئتما ، فأخذ النبي عليا ، وأخذ العباس جعفرا .
فلما مات أبو طالب خص النبي عقيلا بعطفه ، فوهبه البيت الذي ولد فيه بمكه ، وهي الدار التي اشتراها محمد بن يوسف أخو الحجاج من عقيل وعرفت بعد ذلك بدار بن يوسف ، وهي التي اشترتها الخيزران أم الرشيد وحولتها مسجدا وبقي عقيل بمكه حتي السنه الثامنه ثم لحق بالمدينه .
ثم قدم أخيرا للكوفه وبني دارا له بجانب دار أخيع علي ـ علي باب مسجدها الجامع ، ولكنه رجع ثانيه للمدينه ، ثم عرض خدمه علي أخيه علي حين أغار الضحاك بن قيس علي الحيره فرفض علي في أسلوب أدبي بليغ ، وقد عمر عقيل بعد ذلك طويلا وعمى في أخر عمره ومات في خلافة معاويه سنة 50 هــ .
وحيث عرفنا نهاية عقيل ننتقل الي اعقابه ، فقد أجمع النسابون علي أن كل من انتسب الي من غير ولده محمد فهو دعي كذاب ، هكذا يقول صاحب المشجرالكشاف.
ومن اعقاب محمد في الحجاز والشام والعراق ومصر وفارس والهند والافغان أكثر من خمسة وعشرين بطنا فيهم الحضر والباديه .
أما مسلم بن عقيل الشهيد فقد قتله عبدالله بن زياد سنة 60 هــ حين بعثه الامام الحسين ليأخذ له البيعه فى الكوفه . وقد أعقب ثلاثه انقرضوا جميعا .