سأحكي ثلاثة مشاهد :
المشهد الأول : كنت أتابع ذات مساء برنامجاً حوارياً في أحد القنوات يتحدث عن علاقة المرأة بالرجل .. وكانت إحدى النساء ( تسمي نفسها ناشطة) تتحدث بانفعال شديد عن الرجل ، وكيف أن هذا الكائن المتوحش سرق منها كل شيء .. في المداخلة الثانية تحدثت هذه الناشطة عن الأولاد وعن الأسرة .. وفجأة سقطت من عينها دمعة ! حارت مقدمة اللقاء في تفسيرها ! لكن حينما أعدت سماع اللقاء مرة أخرى أدركت أن سر الدمعة هو أنه "مرَّ" ذكر الأولاد والأسرة في حديثها .. فكأن لها – فيما يبدو- قصة حرمان مؤلمة.
المشهد الثاني : إحدى النساء امتهنت مهنة التقديم الإذاعي في دولة "ما" .. وكانت هذه المرأة هي أول امرأة تمتطي هذه المهنة في مجتمعها .. تطور بها الأمر حتى أسند إليها مهمة إجراء لقاء تلفزيوني مع مسؤول كبير في دولة صديقة ، وفي أثناء اللقاء ارتفع مؤشر الضغط لديها فأصيبت بجلطة حادة سقطت في آخر الحوار .. وإلى الساعة وهي تعاني من مرضها (أسبغ الله عليها عافيته) .
المشهد الثالث : دكتورة كبيرة شاركت في الحوار الوطني وتماست في حوار عاصف مع أحد الرجال في القسم الآخر من الحوار .. فما كان منها إلا أن انخرطت - أمام الحاضرات - في بكاء مر ومثير للشفقة ..
هذه المشاهد وغيرها أيها السادة تحكي أن المرأة في مجتمعنا تدفع إلى غير فطرتها التي خلقها الله عليها .. إن المرأة أيها الناشطون والناشطات ليست بحاجة إلى زعيقكم ولا إلى هتافاتكم .. لا حاجة لها أن تكون مذيعة أو إعلامية.. لا حاجة لها أن تخالط الرجال وتزاحمهم .. .. فقط وفروا لها العيش الكريم والزوج المحترم والأسرة الهادئة وعندها سأضمن لكم أنكم لن تسمعوا لها همساً ..
فنشوا في أحوال كثير من الناشطات - التي يتكاثرن هذه الأيام - وستجدون بالتأكيد أن خلف كل ناشطة : قصة حرمان مؤلمة دفعتها – من حيث تشعر أو لا تشعر – إلى أن تصرخ وتطالب بحقوقها ..
إن المرأة اليوم دفعت من غير أن تشعر إلى أن تكون خصماً للرجل .. ومساوية له .. لا أيها السادة ليست هذه الفطرة التي فطر الله الناس عليها .. (وللرجال عليهن درجة) .. إننا –والله- نظلم المرأة ونجني عليها حينما نطالبها أن تكون مساوية للرجل .. لأننا سنحملها واجبات وتكاليف كانت في أصلها على الرجل .. مثل النفقة والرعاية بالأسرة ونحو ذلك ..
إن كنتم تريدون أن تناضلوا من أجل المرأة وصادقين في هذا فناضلوا من أجل أن تحترم المرأة من بعض أشباه الرجال في البيوت .. ناضلوا من أجل أن تنتزع البنت حقها من أبيها الذي حرمها من الزواج ظلماً وعدواناً .. ناضلوا من أجل أن يكف الزوج / اللص عن أخذ مال زوجته بغير حق .. ناضلوا واصرخوا في وجوه الذين لا يرقبون في المرأة إلا ولا ذمة...
فاصلة : لقد مرَّت جدتي في هذا العالم وذهبت (رحمها الله) ولا أتذكر أنها رفعت صوتها لتطالب حقوقها المسلوبة من زوجها ، ولا أتذكر أنها ضجرت من كونها امرأة .. أو أنها صرخت في وجه زوجها لتكون مساوية له .. لقد كانت تدرك بفطرتها السوية أنها لم تخلق لهذا .. لا أتذكر أنها خرجت مرة إلى السوق .. خرجت من الدنيا وإني لأظنها من أسعد الناس قلباً ..ورغم مرضها الشديد كنت لا أرها إلا تلهج بالحمد والثناء لربها .. حتى مضت إلى ربها بسلام .. فرحمها الله رحمة واسعة ..
لا تقولوا لي ياسادة (العالم تغير) .. نعم العالم تغير ويتغير كل يوم ، لكن الفطرة لا تتغير ..