الإبتلاء
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ([1])
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ([2])
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ([3])
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
أحبتى في الله: ألم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [4]) (
والفتن التى يتعرض لها أهل الإيمان كثيرة :
* ومن بين هذه الفتن أن يتعرض المؤمن للأذى والاضطهاد من الباطل وأهله ثم لا يجد النصير الذى يسانده ويدفع عنه الأذى ، ولا يملك لنفسه النصره أو المنعة ولا يجد القوة التى يواجه بها الطغيان ، وهذه هى أبرز الصور التى تقفز للأذهان إذا ما ذكرت الفتن التى يتعرض لها أهلُ الإيمان وبالرغم من ذلك فإن هناك من الفتن التى يتعرض لها أهل الإيمان ما هو أمر وأدهى من ذلك!!
* وهناك فتنه الأهل والأولاد والأحباء الذين يخشى ان يصيبهم الأذى بسببه ؟ وقد يهتفون به ويتوسلون إليه ، وينادونه باسم الحب والقرابة أن يسالم أو يستسلم في الوقت الذى لا يملك عنهم دفعاً وهذه من أشد الفتن .
وقد تزداد الفتنة إذا وقع بهم الأذى والابتلاء أمام عينه وبين يديه وهو لا يستطيع أن يدفع عنهم أذى أو يرد عنهم سوء.
* وهناك فتنة أخرى خطيرة، إنها فتنة إقبال الدنيا على المبطلين والعاصين والمذنبين والظالمين ورؤية الناس لهم ناجحين مرموقين تهتف لهم الدنيا وتصفق لهم الجماهير، وتتحطم في طريقهم العواتق، وتذلل لهم الصعاب، وتفتح لهم الأبواب وتهيئ لهم الأسباب.
تصاغ لهم الأمجاد ، وتصفو لهم الحياة والمؤمن مُهملٌ منكر لا يحس به أحدٌ ، ولا يدافع عنه أحد، ولا يشعر بقسيمة الحق الذى معه إلا القليلون من أمثاله الذين لا يمكلون من أمر الحياة شيئاً.
* وهناك فتنة الغربة في هذا الدين .متى يظهر المؤمن فيرى معظم ما حوله ومَنْ حوله غارقاً في تيار الضلالة والشهوات والشبهات ، وهو وحده غريب طريدٌ شريد.
* وهناك فتنة نراها بارزة في هذه الأيام ألا وهى أن المؤمن يجد أمماً ودولاً غارقة في الرذيلة والمعصية وبالرغم من ذلك فإنها راقية في مجتمعها متحضرة في حياتها ، ويجد الفرد فيها من الرعاية والحماية ما يليق به كإنسان!!!
* وهناك الفتنة الكبرى فتنه النفس والشهوة، وجاذبية الأرض والطين ، وصعوبة الأستقامة على صراط الله المستقيم كل هذه الفتن . فإذا طال الأمد وأبطأ نصر الله ، كانت الفتنة أشد وأقصى ، وكان الابتلاء أشد وأعنف ، ولن يثبت إلا من عصمه الله عز وجل .
فما هى الحكمة من كل هذه الفتن والابتلاءات التى يبتلى الله بها المؤمنين؟! في الوقت الذى ينتشى فيه الظالمون ويبغى فيه المبطلون.
حاشا لله : أن يعذب المؤمنين بالابتلاء وأن يؤذيهم بالفتن كلا ولكن الإعداد الحقيقى لتحمل الأمانة الكبرى والمسئولية العظمى والعقيدة العليا لأنها في حاجة إلى إعداد خاص لا يتم إلا بالمعاناة ، وإلا بالاستعلاء الحقيقى على الشهوات، وإلا بالصبر الحقيقى على الآلام ، وإلا بالثقة الحقيقية في نصر الله أو ثوابه على الرغم من طول الفتنة وشدة الإبتلاء.
فكما تفتن النار الذهب لتفصل بينه وبين العناصر الرخيصة العالقة به ، كذلك تصنع الفتن بالنفوس تصهرها فتنفى عنها الخبث.
وحسب المؤمنين الذين تصيبهم الفتنة ، ويقع عليهم البلاء حسبهم أن يكونوا هم المختارين من الله ليكونوا أمناء على حق الله وعلى دين الله عز وجل.
وأن يشهد الله لهم بان فى دينهم صلابه. وفى عقيدتهم قوة فهو سبحانه يختارهم للابتلاء. .فإنه كما قال المصطفى :
« أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثلُ فالأمثلُ ، يُبتلى الرجلُ على حسب دينه ، فإن كان في دينه صُلباً، اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقةُ ابتُلى على قدْر دينه ، فما يبرحُ البلاءُ بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة »([5])
ويقول المصطفى :« أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون ، لقد كان أحدهم يُبتلى بالفقر حتى ما يجدُ إلا العباءة يجوبها( [6]) ، فيلبسها ، ويُبتلى بالقمَّل حتى يقتلُه ، ولأحدهم كان أشدَّ فرحاَ بالبلاءِ من أحدكم بالعطاء» ([7]) قال ابن القيم رحمه الله
إن الله سبحانه وتعالى اقتضت حكمته أنه لا بد أن يمتحن النفوس.ويبتليها ، فيظهر بالامتحان طيبها من خبيثها ، ومن يصلح لموالاته وكرامته ومن لا يصلح ، وليمحص النفوس التى تصلح له ويخلصها بكير الامتحان كالذهب الذى لا يخلص ولا يصفو من غشه إلا بالامتحان ، إذ النفس في الأصل جاهلة ظالمة ، وقد حصل لها بالجهل والظلم من الخبث ما يحتاج خروجه إلى السبك والتصفية ، فإن خرج فى هذا الدار وإلا ففى كير جهنم ، فإذا هذب العبد ونُقلا أُذن له في دخول الجنة ( [8])
وليس أحدٌ أغير على الحق وأهله من الله .. ولكنها سنة الله الجارية لامتحان القلوب وتمحيص الصفوف.
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِين َ ([9])
فما الذى لا قاه نوح عليه السلام ؟، وما الذى لاقاه إبراهيم؟، وما الذى لاقاه موسى ؟ ، وما الذى لاقاه عيسى؟. وما الذى لاقاه محمد ؟ وهم أطهر الناس وأشرف الناس، واصطفاهم الله عز وجل واختارهم وأحبهم إلى الله وأقربهم إلى الله هو حبيبه ومصطفاه محمد
فلقد ورد في صحيح البخارى أن النبى قام يوماً يصلى فى حجر الكعبة فأقبل عليه عقبة بن أبى معيط فوضع ثوبه في عنق النبى فخنقه خنقاً شديداً فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبى وهو يقول أتقتلون رجلاً أن يقول ربى الله ([10])
وورد في البخاري أيضاً أن هذا الفاجر عقبة بن أبى معيط جاء يوماً على رسول الله بسلى جزور فقذفه على ظهر النبى وهو ساجد فلم يرفع رسول الله رأسه حتى جاءت فاطمة رضى الله عنها فرفعته عن ظهر المصطفى فرفع رأسه ثم قال « الله عليك بقريش ثلاث مرات» [11])
وتعلمون ما الذى حدث له بالطائف فضلاً عن وصفهم له بالسحر والجنون واتهموه في شرفه وعرضه . هاهو ذا رسول الله وهو في الذروة من بنى هاشم ، هاهو ذا يرمى في بيته وفي من؟! في عائشة التى أحبها من قلبه . هاهو ذا يُرمى في طهارة فراشه وهو الطاهر الذى تفيض منه الطهارة. وهاهو ذا يرمى في صيانة حرمته وهو القائم على صيانة الحرامات في أمته. إنها أشد فتنة على الإطلاق تعرض لها رسول الله وهو الحبيب عند ربه جل وعلا . بل أظنها أضخم المعارك التى خاضها رسول الله
إنها الفتن والابتلاءات ولقد ورد أيضاً في صحيح البخاري عن خباب بن الأرت رضى الله عنه قال: أتيت النبى وهو متوسد بردة في ظل الكعبة – وقد لقينا من المشركين شدة – فقلت : يا رسول الله ألا تدعوا الله لنا ، ألا تستنصر لنا ، فقعد وهو مُحمرٌ وجهه فقال: «لقد كان من قبلكن ليمشط بأمشاط من الحديد ما دون عظمه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ، وليتمنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله »([12])
وإذا كانت هذه الاعتداءات على النبى وله من الجلال والوقار في نفوس العامة والخاصة فكيف بالصحابة الكرام، لاسيما الضعفاء منهم فأنتم تعلمون ما الذى كان يُفعل ببلال و خباب وآل ياسر وصهيب وابن مسعود وغيرهم ممن قالوا : لا إله إلا الله .
فضربوا لنا أروع الأمثلة في الصبر على البلاء والتضحية لهذا الدين حتى ولو كانت بالأرواح والأبدان.
فلقد كان الدين عندهم أغلى من أى شئ حتى من أرواحهم وأولادهم وأزواجهم وأموالهم .
ولذلك أيدهم الله بنصره كما نصر المؤمنين من قبلهم وينصر الموحدين من بعدهم.. وتكون العاقبة على من عاداهم وانظر كيف كان عاقبة المجرمين.. !!
* فأين فرعون الذى قال لقومه ما علمت لكم من إله غيرى؟ والذى قال لقومه أنا ربكم الأعلى؟ والذى قال : يا قوم أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى؟ فأجراها الله من فوقه!
* وأين هامان؟ وأين قارون ؟ وأين عاد ؟ وأين ثمود؟: فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا ([13])
وصدق من قال:
أين الظالمون وأين التابعون ******* لهم في الغى بل أين فرعون وهامان؟
وأين من دوخوا الدنيا بسطوتهم ******* وذكرهم في الورى ظلمٌ وطغيان؟
أين الجبارة الطاغون ويحهموا ؟ ******** وأين من غرهم لهو وسلطان ؟
هل أبقى الموت ذا عزٍ لعزته؟ ********* أو هل نجا منه بالأموال إنسان؟
لا و الذى خلق الأكوان من عدم ******** الكل يفنى فلا أنس ولا جان
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِوَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ([14])
فمهلاً أيها الظالمون .. محال أن يموت المظلومون ويبقى الظالمون.. فاعلموا ما شئتم إنا عاملون، وجوروا فإنا بالله مستجيرون واظلموا فإنا إلى الله متظلمون وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ([15])
أيها المظلوم صبراً لا تهن ******* إن عين الله يقظى لا تنام
ثم قرير العين واهنأ خاطراً ******* فعدل الله دائم بين الأنام
وإن أمهل الله يوماً ظالماً ******** فإن أخذه شديد ذو انتقام
« اتقوا دعوة المظلوم فليس بينا وبين الله حجاب يرفعها الله فوق الغمام ويقول لها وعزتى وجلالى لأنصرنك ولو بعد حين » ( [16])
ولا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً ******* فالظلم ترجع عقباه إلى الندمِ
تنام عينك والمظلوم منتبه ******** يدعو عليك وعين الله لا تنم
احذر من المظلوم سهماً صائباً واعلم بان دعاءه لا يحجب.
وتبقى لى نصيحة أخيرة لجميع المسلمين :
فيا أيها المسلمين : إن كان الشيوخ عقول الأمة التى تفكر فإن الشباب هم سواعدها التى تبنى وتعمر وهل يمكن لعقل أن يأتى مجرداً لا يمشى على رجلين، ولا يقوى بساعدين.
إن الشباب هم مستقبل الأمة وعلى أكتافه وسواعده تقوم الحضارات من أجل ذلك فلقد كان الرسول شديد الحفاوة بالشباب فهل هو الذى أخذ برأيهم في غزوة أحد وهو الذى ولى أسامة بن زيد قيادة جيش وهو الشاب الذى لم يبلغ العشرين من عمره وجُند هذا الجيش أبو بكر وعمر وعثمان ،وعلى وخالد وعمرو بن العاص!! وإلى أى الجهات كانت وجهة الجيش ؟! إلى الروم! ليناطح الصخور الصماء.
هكذا ينبغى أن يعامل الشباب لأنه في حاجة إلى توجيه من أبوه حتى أو من أخوة صادقة . إنه في حاجة إلى محاورة .. إلى حديث العقل والروح إنه في حاجة إلى أن تحترم عقولهم وأن تصان آدميتهم وأن يقدر فكرهم .. فهم أبناؤنا وأخواننا وأحبابنا.
* أما أنتم أيها الشباب فتمسكوا بدينكم ، واعتزوا بإسلامكم وتوحيدكم وتخلقوا بأخلاق نبيكم ، وادعوا الناس :إلى هذا الدين بالحكمة والموعظة الحسنة فإن العنف يهدم ولا يبنى وإن الشدة تفسد ولا تصلح
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ( [17])
أيها الشباب دعوا الفرقة بينكم ، وحدوا صفوفكم ، ولا تختلفوا فيما بينكم فتختلف قلوبكم ، واتركوا الألقاب والشعارات ، وتجردوا من كل الأسماء والمسميات واخفضوا جميع الرايات، والشعارات ، إلا راية التوحيد لرب الأرض السموات.
اتحدوا فإن اتحادكم عزاً ورفعه. وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ([18])
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينصر الإسلام ويعز المسلمين وأن يوجد كلمة المسلمين بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين
.. الدعاء
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ([1])
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ([2])
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ([3])
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
أحبتى في الله: ألم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [4]) (
والفتن التى يتعرض لها أهل الإيمان كثيرة :
* ومن بين هذه الفتن أن يتعرض المؤمن للأذى والاضطهاد من الباطل وأهله ثم لا يجد النصير الذى يسانده ويدفع عنه الأذى ، ولا يملك لنفسه النصره أو المنعة ولا يجد القوة التى يواجه بها الطغيان ، وهذه هى أبرز الصور التى تقفز للأذهان إذا ما ذكرت الفتن التى يتعرض لها أهلُ الإيمان وبالرغم من ذلك فإن هناك من الفتن التى يتعرض لها أهل الإيمان ما هو أمر وأدهى من ذلك!!
* وهناك فتنه الأهل والأولاد والأحباء الذين يخشى ان يصيبهم الأذى بسببه ؟ وقد يهتفون به ويتوسلون إليه ، وينادونه باسم الحب والقرابة أن يسالم أو يستسلم في الوقت الذى لا يملك عنهم دفعاً وهذه من أشد الفتن .
وقد تزداد الفتنة إذا وقع بهم الأذى والابتلاء أمام عينه وبين يديه وهو لا يستطيع أن يدفع عنهم أذى أو يرد عنهم سوء.
* وهناك فتنة أخرى خطيرة، إنها فتنة إقبال الدنيا على المبطلين والعاصين والمذنبين والظالمين ورؤية الناس لهم ناجحين مرموقين تهتف لهم الدنيا وتصفق لهم الجماهير، وتتحطم في طريقهم العواتق، وتذلل لهم الصعاب، وتفتح لهم الأبواب وتهيئ لهم الأسباب.
تصاغ لهم الأمجاد ، وتصفو لهم الحياة والمؤمن مُهملٌ منكر لا يحس به أحدٌ ، ولا يدافع عنه أحد، ولا يشعر بقسيمة الحق الذى معه إلا القليلون من أمثاله الذين لا يمكلون من أمر الحياة شيئاً.
* وهناك فتنة الغربة في هذا الدين .متى يظهر المؤمن فيرى معظم ما حوله ومَنْ حوله غارقاً في تيار الضلالة والشهوات والشبهات ، وهو وحده غريب طريدٌ شريد.
* وهناك فتنة نراها بارزة في هذه الأيام ألا وهى أن المؤمن يجد أمماً ودولاً غارقة في الرذيلة والمعصية وبالرغم من ذلك فإنها راقية في مجتمعها متحضرة في حياتها ، ويجد الفرد فيها من الرعاية والحماية ما يليق به كإنسان!!!
* وهناك الفتنة الكبرى فتنه النفس والشهوة، وجاذبية الأرض والطين ، وصعوبة الأستقامة على صراط الله المستقيم كل هذه الفتن . فإذا طال الأمد وأبطأ نصر الله ، كانت الفتنة أشد وأقصى ، وكان الابتلاء أشد وأعنف ، ولن يثبت إلا من عصمه الله عز وجل .
فما هى الحكمة من كل هذه الفتن والابتلاءات التى يبتلى الله بها المؤمنين؟! في الوقت الذى ينتشى فيه الظالمون ويبغى فيه المبطلون.
حاشا لله : أن يعذب المؤمنين بالابتلاء وأن يؤذيهم بالفتن كلا ولكن الإعداد الحقيقى لتحمل الأمانة الكبرى والمسئولية العظمى والعقيدة العليا لأنها في حاجة إلى إعداد خاص لا يتم إلا بالمعاناة ، وإلا بالاستعلاء الحقيقى على الشهوات، وإلا بالصبر الحقيقى على الآلام ، وإلا بالثقة الحقيقية في نصر الله أو ثوابه على الرغم من طول الفتنة وشدة الإبتلاء.
فكما تفتن النار الذهب لتفصل بينه وبين العناصر الرخيصة العالقة به ، كذلك تصنع الفتن بالنفوس تصهرها فتنفى عنها الخبث.
وحسب المؤمنين الذين تصيبهم الفتنة ، ويقع عليهم البلاء حسبهم أن يكونوا هم المختارين من الله ليكونوا أمناء على حق الله وعلى دين الله عز وجل.
وأن يشهد الله لهم بان فى دينهم صلابه. وفى عقيدتهم قوة فهو سبحانه يختارهم للابتلاء. .فإنه كما قال المصطفى :
« أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثلُ فالأمثلُ ، يُبتلى الرجلُ على حسب دينه ، فإن كان في دينه صُلباً، اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقةُ ابتُلى على قدْر دينه ، فما يبرحُ البلاءُ بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة »([5])
ويقول المصطفى :« أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون ، لقد كان أحدهم يُبتلى بالفقر حتى ما يجدُ إلا العباءة يجوبها( [6]) ، فيلبسها ، ويُبتلى بالقمَّل حتى يقتلُه ، ولأحدهم كان أشدَّ فرحاَ بالبلاءِ من أحدكم بالعطاء» ([7]) قال ابن القيم رحمه الله
إن الله سبحانه وتعالى اقتضت حكمته أنه لا بد أن يمتحن النفوس.ويبتليها ، فيظهر بالامتحان طيبها من خبيثها ، ومن يصلح لموالاته وكرامته ومن لا يصلح ، وليمحص النفوس التى تصلح له ويخلصها بكير الامتحان كالذهب الذى لا يخلص ولا يصفو من غشه إلا بالامتحان ، إذ النفس في الأصل جاهلة ظالمة ، وقد حصل لها بالجهل والظلم من الخبث ما يحتاج خروجه إلى السبك والتصفية ، فإن خرج فى هذا الدار وإلا ففى كير جهنم ، فإذا هذب العبد ونُقلا أُذن له في دخول الجنة ( [8])
وليس أحدٌ أغير على الحق وأهله من الله .. ولكنها سنة الله الجارية لامتحان القلوب وتمحيص الصفوف.
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِين َ ([9])
فما الذى لا قاه نوح عليه السلام ؟، وما الذى لاقاه إبراهيم؟، وما الذى لاقاه موسى ؟ ، وما الذى لاقاه عيسى؟. وما الذى لاقاه محمد ؟ وهم أطهر الناس وأشرف الناس، واصطفاهم الله عز وجل واختارهم وأحبهم إلى الله وأقربهم إلى الله هو حبيبه ومصطفاه محمد
فلقد ورد في صحيح البخارى أن النبى قام يوماً يصلى فى حجر الكعبة فأقبل عليه عقبة بن أبى معيط فوضع ثوبه في عنق النبى فخنقه خنقاً شديداً فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبى وهو يقول أتقتلون رجلاً أن يقول ربى الله ([10])
وورد في البخاري أيضاً أن هذا الفاجر عقبة بن أبى معيط جاء يوماً على رسول الله بسلى جزور فقذفه على ظهر النبى وهو ساجد فلم يرفع رسول الله رأسه حتى جاءت فاطمة رضى الله عنها فرفعته عن ظهر المصطفى فرفع رأسه ثم قال « الله عليك بقريش ثلاث مرات» [11])
وتعلمون ما الذى حدث له بالطائف فضلاً عن وصفهم له بالسحر والجنون واتهموه في شرفه وعرضه . هاهو ذا رسول الله وهو في الذروة من بنى هاشم ، هاهو ذا يرمى في بيته وفي من؟! في عائشة التى أحبها من قلبه . هاهو ذا يُرمى في طهارة فراشه وهو الطاهر الذى تفيض منه الطهارة. وهاهو ذا يرمى في صيانة حرمته وهو القائم على صيانة الحرامات في أمته. إنها أشد فتنة على الإطلاق تعرض لها رسول الله وهو الحبيب عند ربه جل وعلا . بل أظنها أضخم المعارك التى خاضها رسول الله
إنها الفتن والابتلاءات ولقد ورد أيضاً في صحيح البخاري عن خباب بن الأرت رضى الله عنه قال: أتيت النبى وهو متوسد بردة في ظل الكعبة – وقد لقينا من المشركين شدة – فقلت : يا رسول الله ألا تدعوا الله لنا ، ألا تستنصر لنا ، فقعد وهو مُحمرٌ وجهه فقال: «لقد كان من قبلكن ليمشط بأمشاط من الحديد ما دون عظمه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ، وليتمنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله »([12])
وإذا كانت هذه الاعتداءات على النبى وله من الجلال والوقار في نفوس العامة والخاصة فكيف بالصحابة الكرام، لاسيما الضعفاء منهم فأنتم تعلمون ما الذى كان يُفعل ببلال و خباب وآل ياسر وصهيب وابن مسعود وغيرهم ممن قالوا : لا إله إلا الله .
فضربوا لنا أروع الأمثلة في الصبر على البلاء والتضحية لهذا الدين حتى ولو كانت بالأرواح والأبدان.
فلقد كان الدين عندهم أغلى من أى شئ حتى من أرواحهم وأولادهم وأزواجهم وأموالهم .
ولذلك أيدهم الله بنصره كما نصر المؤمنين من قبلهم وينصر الموحدين من بعدهم.. وتكون العاقبة على من عاداهم وانظر كيف كان عاقبة المجرمين.. !!
* فأين فرعون الذى قال لقومه ما علمت لكم من إله غيرى؟ والذى قال لقومه أنا ربكم الأعلى؟ والذى قال : يا قوم أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى؟ فأجراها الله من فوقه!
* وأين هامان؟ وأين قارون ؟ وأين عاد ؟ وأين ثمود؟: فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا ([13])
وصدق من قال:
أين الظالمون وأين التابعون ******* لهم في الغى بل أين فرعون وهامان؟
وأين من دوخوا الدنيا بسطوتهم ******* وذكرهم في الورى ظلمٌ وطغيان؟
أين الجبارة الطاغون ويحهموا ؟ ******** وأين من غرهم لهو وسلطان ؟
هل أبقى الموت ذا عزٍ لعزته؟ ********* أو هل نجا منه بالأموال إنسان؟
لا و الذى خلق الأكوان من عدم ******** الكل يفنى فلا أنس ولا جان
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِوَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ([14])
فمهلاً أيها الظالمون .. محال أن يموت المظلومون ويبقى الظالمون.. فاعلموا ما شئتم إنا عاملون، وجوروا فإنا بالله مستجيرون واظلموا فإنا إلى الله متظلمون وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ([15])
أيها المظلوم صبراً لا تهن ******* إن عين الله يقظى لا تنام
ثم قرير العين واهنأ خاطراً ******* فعدل الله دائم بين الأنام
وإن أمهل الله يوماً ظالماً ******** فإن أخذه شديد ذو انتقام
« اتقوا دعوة المظلوم فليس بينا وبين الله حجاب يرفعها الله فوق الغمام ويقول لها وعزتى وجلالى لأنصرنك ولو بعد حين » ( [16])
ولا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً ******* فالظلم ترجع عقباه إلى الندمِ
تنام عينك والمظلوم منتبه ******** يدعو عليك وعين الله لا تنم
احذر من المظلوم سهماً صائباً واعلم بان دعاءه لا يحجب.
وتبقى لى نصيحة أخيرة لجميع المسلمين :
فيا أيها المسلمين : إن كان الشيوخ عقول الأمة التى تفكر فإن الشباب هم سواعدها التى تبنى وتعمر وهل يمكن لعقل أن يأتى مجرداً لا يمشى على رجلين، ولا يقوى بساعدين.
إن الشباب هم مستقبل الأمة وعلى أكتافه وسواعده تقوم الحضارات من أجل ذلك فلقد كان الرسول شديد الحفاوة بالشباب فهل هو الذى أخذ برأيهم في غزوة أحد وهو الذى ولى أسامة بن زيد قيادة جيش وهو الشاب الذى لم يبلغ العشرين من عمره وجُند هذا الجيش أبو بكر وعمر وعثمان ،وعلى وخالد وعمرو بن العاص!! وإلى أى الجهات كانت وجهة الجيش ؟! إلى الروم! ليناطح الصخور الصماء.
هكذا ينبغى أن يعامل الشباب لأنه في حاجة إلى توجيه من أبوه حتى أو من أخوة صادقة . إنه في حاجة إلى محاورة .. إلى حديث العقل والروح إنه في حاجة إلى أن تحترم عقولهم وأن تصان آدميتهم وأن يقدر فكرهم .. فهم أبناؤنا وأخواننا وأحبابنا.
* أما أنتم أيها الشباب فتمسكوا بدينكم ، واعتزوا بإسلامكم وتوحيدكم وتخلقوا بأخلاق نبيكم ، وادعوا الناس :إلى هذا الدين بالحكمة والموعظة الحسنة فإن العنف يهدم ولا يبنى وإن الشدة تفسد ولا تصلح
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ( [17])
أيها الشباب دعوا الفرقة بينكم ، وحدوا صفوفكم ، ولا تختلفوا فيما بينكم فتختلف قلوبكم ، واتركوا الألقاب والشعارات ، وتجردوا من كل الأسماء والمسميات واخفضوا جميع الرايات، والشعارات ، إلا راية التوحيد لرب الأرض السموات.
اتحدوا فإن اتحادكم عزاً ورفعه. وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ([18])
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينصر الإسلام ويعز المسلمين وأن يوجد كلمة المسلمين بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين
.. الدعاء
الماهر