الخجــــــــــل
عناصر البحث :
- مقدمة
- مفهوم الخجل
- المظاهر النفسية للخجل
- أسباب الخجل
- طرائق علاج الخجل
- درا سة حالة
- خاتمة
مقدمة:
إ ن الطفل الخجول دائما يتجنب الأخرين وهو دائما خائفا غير واثق ومتواضع ومهزوم, ومتردد لا يعرض نفسه للمواقف , إنه ينكمش من الألفة أومن الإتصال مع الاخرين , وفي المواقف الاجتماعية لا يبدأ أو يتطوع, وهو غالب ساكت يتكلم بلطف ويتجنب النظر في وجوه الاخرين. يعتبرهم قاسين ويحب إجتنابهم وهذا يقوده الى مزيد من الخجل , ونادرا ما يسبب الطفل الخجول مشاكل في المدرسة . ولا يلاحظه أحد, وبعض تصرفات الراشدين تعزز الخجل عنده.
إن الطفل قبل ذهابه الى المدرسة وفي سن المدرسة يجد صعوبة في الاشتراك مع الاخرين , وقد حدد العلماء فترة الخجل من سن 5 الى 6 سنوات, فما هو يا ترى الخجل وكيف نتخلص منه ؟.
مفهوم الخجل:
إن الخوف من التقييم السالب غالبا ما يكون مصحوبا بالسلوك الاجتماعي غير المتكيف, ويمكن أن نقول أن السبب الرئيسي لحدوث الخجل هو فقدان الثقة بالنفس مع عدم القدرة على التعبير في مواقف محددة, وقد يشعر الطفل بالخجل عند عجزه على مواجهة التحديات , فمثلا الطفل المنطوي على نفسه يرفض الاندماج في أي مجتمع ويعجز عن القيام بأبسط العلاقات المألوفة, كالردعلى الاسئلة ورد السلام. وهو صامت دائما, من الصعب أن يبعد عن والديه ولا يأمن لغيرهم.
في حين نرى أن الأطفال المنطلقين في الحديث يستجيبون لأي مداعبة مع الغرباء أو الأقرباء.
فالطفل الذي يفتح عينيه على إجراءات متزمة من الوالدين يحاط بمثالية زائدة تبعده عن الاندماج بالمجتمع وتكون النتيجة في الاخير الخجل, أما خلفيات هذا السلوك(الخجل) فيوضحها الدكتور ألفرد ألدر كما يلي : إن عبارة الخجل تشير إلى إنتقاص في تقدير الشخص لنفسه أو في التقدير المفرط للأخرين .(1)
مظاهر الخجل:
إذا حاولنا أن نحدد مظاهر الخجل لوجدنا مجموعة من الصور تتكرر بشكل أو باخر وتتفاوت في شدتها بين الأشخاص, هناك إحمرار الوجه والأذنين عند الاحساس بالخجل أو التعلثم في الكلام او العرق الذي يغطي الوجه, وحتى الاطراف يمكن أن تتأثر بالخجل فترتعش اليدان وتزداد ضربات القلب , وتكتمل الصورة بهذا الاحساس بأن الشخص على وشك الاغماء من الخجل (الكسوف) وهناك إحساس داخلي للمكسوف يصعب تصويره بالكلمات .
وكذلك إضطرابات في الاحاسيس والنطق والذاكرة , قد يعاني الولد الخجول من إضطرابات في الاحاسيس والنطق والذاكرة . من شأنها أن تعيق علاقاته الاجتماعية وتحصيله المدرسي , فقد يقوده اضطرابه النفسي إلى التأتأة خاصة عندما يخاطب أ شخاص يخشى حكمهم عليه, وقد لا يسمع السؤال الموجه إليه من أحد معلميه بسبب ما يعتريه من طنين الأذنين في تلك اللحظة . بفعل قلقه الشديد وقد يشكو من حجاب ينتصب أمام عينيه ويحلول دون رؤيته للمتحدث إليه, أمابشأن اضطرابات الذاكرة فكثيرا ما يشكو أهل الأولاد الخجولين مما شكت منه تلك الوالدة التي واجهت المعلم بشأن تقصسر ولدها في دروسه فأخبرته بأنه يحفظ دروسه يشكل سريع وجيد وأنه يسمعها لها صباحا ويعيدها مساءا, فتساءلت الأم ما الذي يدهي ولدها بين المنزل و المدرسة ويحول دون معرفته للدرس إذا سئل عنه في الصف , بحيث يحصل أحيانا على علامة صفر. والجواب أن وضع الولد في البيت يختلف عن وضعه في المدرسة, ففي البيت يجد أما تتلأنى عليه وتصبر وتليه إهتماما خاصا وقد تبدي له إعجابها , أما في المدرسة فيرى الولد نفسه أمام أولاد لن يوفروا عليه إلا النقد والسخرية إذا ما أخطأ أو قصر , فعندئذ يعتريه شك بقدرته الذاتيه فيتردد وينسى كل ما كان يعرفه , وإذا به يوصم بالصفر.
العجز عن التعبير عن حاجته : قد يتحكم الخجل في الطفل إلى حد أنه لا يجرأ على التعبير للمعلم عن عدم فهمه للدرس أو حتى عن حاجاته البيولوجية.
التهرب من العلاقات الاجتماعية: ومن مظاهر الخجل تهرب الطفل من العلاقات الاجتماعية فتراه يتوارى إذا ما أتى زائر إلى المنزل , وبشكل عام يتجنب الاتصالات الاجتماعية لأنها بالنسبة إليه شاقة ومكلفة وبهذا ينعزل عن الاخرين. فيتوهمون أنه متعجرف.
تجنب الألعاب الجماعية: فالطفل الخجول ينفر من الالعاب الجماعية التي تقتضي النشاط المشترك, إذ يخشى أن لا يصل فيها إلى المستوى اللائق ومثل هؤلاء الاطفال يدعون بأنهم لا يحبون سوى المطالعة
...........................
(1) سيكولوجية الطفولة و المراهقة - تأليف : شيفر ولمان –طفلك ومشكلاته النفسيه –د/ احمد علي بديوي
وأن اللعب لم يعد لا ئقا بسنهم . وكثيرا ما تكون مطالعتهم موجهة بشكل تعويضي نحو روايات المغامرات والاستكشافات والأسفار.
السعي إظهور بمظهر أقوى: لكي يتسنى للطفل الخجول التعويض عن فشله في العلاقات الاجتماعية تراه يسعى الى الأوضاع التي يضمن فيها إمكانية الظهور بمظهر أقوى كأن يأتلى الأوضاع التي تضمن له الي بأطفال أقل منه سنا يسمعون لاوامره بسهولة أو أطفال أقل منه ثراءا يتباهى أمامهم بوضعه الاجتماعي أو
تلاميذ أدنى منه ذكاءا يظهر تفوقه في المعلومات المدرسية أمامهم.(1)
الأسباب النفسية للخجل:
1. الشعور بعدم الامن: إن الاطفال الذين يشعرون بقلة الامن لا يستطيعون المغامرة ولا يستطيعون تعريض أنفسهم للاخرين . تنقصهم الثقة و الاعتماد على النفس , إن عملية نموهم وشعورهم بالاذى والمجازفة في مخاطر اجتماعية يخيفهم, انهم مغمورين مسبقا بعدم الشعور بالامن وبالابتعاد عن المربكات . انهم لا يعرفون ما يدور حولهم بسبب موقفهم الخائف. ولا يمارسون المهارات الاجتماعية , ممايؤدي الى تراكم الخجل لديهم وذلك بسبب قلة التدريب والحاجة الى التغذية الراجعة من الاخرين.
2. الحماية الزائدة: إن الاطفال الذين تقدم لهم الحماية الزائدة من والديهم غالب ما يصبحون غير نشطين ومعتمدين . ويرجع ذلك بسبب الفرص المحددة لديهم في المغامرة. وبذلك يصبحوا سلبيين وخجولين, وهذا النمط من تربية الاطفال غالبا ما يقود الى الخوف وذلك لانهم لم يتعلموا الثقة بالنفس وبالتعامل بنجاح مع البئة والاخرين.
3. عدم الاهتمام(الاهمال) : إن بعض الاباء يظهرون قلة اهتمامهم بأطفالهم وبالتالي يشعر أطفالهم بالدونية والنقص وتولد لديهم شخضية خائفة وخجولة وانهم لا يستحقون الاحترام. كما تصبح عندهم عدم الثقة الداخلية الضرورية للمخاطرة في المجتمع.
4. النقد: فالأباء الذين ينتقدون أطفالهم علانية يساعدون على وجود الخوف لديهم لانهم يتلقون استجابات سالبة من الراشدين . وانهم يصبحون مترددين وغير متأكدين وخجولين, وقد يعتقد الاباء أن النقد هو اسلوب او طريقة جيدة وضرورية لتعليم الاطفال كيف يتصرفون. وفي الاخير نتيجة النقد المتزايد طفل خائف وخجول.
5. المضايقة: إن الاطفال الذين يضايقون او يسخرون بهم سوف يصبحون خجولين , وقد يسخر الاباء والاخوان من الاطفال الذين يجرهم النقد والذين يستجيبون من الانسحلب من امام الاخرين.
6. عدم الثبات: إن اسلوب التناقض وعدم الثبات في معاملة الطفل وتربيته يساعده على وجود الخجل , قد يكون الوالدين حازمين جدا في بعض الةقت وقد يكونا متساهلين في بعض الاوقات . والنتيجة اطفال غير أمنين ولا يعرفون.
7. التهديد: يهدد الاباء اطفالهم وقد لا ينفذون تهديداتهم او غالبا مايهدد بها اباء وينفذوها احيانا . وقدلا يتقيل الاباء الطفل وذلك بعدم اظهار الحب له, لذلك يصبح عند الطفل رد فعل على التهديدات المستمرة بالخوف والخجل. ولذلك موقفهم نحو الناس دفاعيا.
8. تدليل المعلم: يصبح بعض الاطفال معتمدين على المعلم ويعزز هذا السلوك فيهم لانه يحب الاطفال الجميلين والخجولين . وبالتالي اعتمادهم على الكبار وفي الاخير يصبحون خجولين من اصدقائهم واقرانهم. ...............................
(1) المشكلات السلوكية عند الاطفا ل –د/احمد علي بديوي
9. اللقب بالخجل: يتقبل بعض الاطفال انفسهم بانهم خجولين كصفة ملازمة لهم وانهم لا يعتقدون بان أي طرإ او مديح لهم يمكن ان يكون حقيقيا وانهم دوما يشعرون بالدونية. وان التحدث السلبي مع النفس هو شيء مألوف عندهم.
10. المزاج او الاعاقة الجسدية: بعض الاطفال يبدون خجولين منذ الولادة. والخجل في هذه الحالة يكون وراثيا, بعض الاطفال مزعجين ومنسجمين والبعض الاخر هادئين راضين عن انفسهم. والاعاقات الجسدية غالبا ما تسبب الخجل. كصعوبات التعلم او مشاكل اللغة تقود صاحبها للانسحاب اجتماعيا.
11. النموذج الأبوي: إن الاب الخجول غالبا ما يكون لديه اطفال خجولين وهناك ارتباط بين الخجل الوراثي والعيش مع نماذج خجولة من الناس, وقد يرقب الاطفال ان يعيشوا اسلوب حياة الخجل. كما يراه والده . وان اتصالاتهم الاجتماعية قليلة جدا, وقد يسمع الاطفال ابائهم وهم ينتقدون الاخرين وبذلك يشجعون ابنائهم عن هؤلاء وعدم الثقة بهم.(1)
طرائق علاج الخجل:
1. شجع وكافئ ان يكون الاطفال اجتماعيون: ويكون هذا منذ الطفولة المبكرة, قدم لهم خبرات سارة وسعبدة بقدر الامكان, وزيارةالذين عندهم اطفال من نفس العمر شيء مفيد ونافع . وكذلك الرحلات الخاصة مع طفل او طفلين. واذا كان الطفل خجولا فانه ينصح بذهاب طفلين متفتحين معه, وعلينا ان نعزز الطفل اجتماعيا. فعندما يلعب الاطفال او يتحدثون بلاطفة علينا ان نبتسم ونعلق على المشهد ونقدم لهم هدايا عندما يتصرفون بشكل جيد. وان كل محاولة يقوم بها الاطفال لكي يكونوا اجتماعيين يجب مكافأتها.
2. تشجيع الثقة بالنفس: يجب ان يشجع الاطفال وان يمتدحوا بكونهم واثقين من انفسهم وعلينا احترامهم. ويجبوا ان يتعلوا انه ليس من الضروري ان ينسجموا مع كل شخص. وشيء طبيعي ان يحبهم البعض ويكرههم البعض الاخر, وفي البيت يجب ان يتعلم الاطفال كيف يتحملوا مضايقة الاخرين دون رد فعل بل يجب معالجة الصراعات والضيق وعدم التهرب منها. وان الثقة بالنفس لا تبنى بواسطة اتخاذ القرارات بالنيابة عن الاطفال .
3. تشجيع السيادة ومهارات النمو: إن احترام الطفل لذاته متعلق يقدرته على السيطرة على البئة . ويجب ان تقدم له اعمالا يمكن تحديدها بشكل لطيف كي يشعر دائما بالنجاح. وتشجيعه على انجاز الشيء الذي يرغب فيه , ويجب تقديم التدريب المبكر بشكل فردي للاطفال او على شكل مجموعات. لانها تعلمهم مهارات يستطيعون من خلالها اشباع ميولهم وتجعلهم اكثر تفاعلا مع الاخرين .
4. تقديم جو دافئ ومتقبل: إنالحب والانتباه لا يفسدان الطفل . وكلماكان الطفل متقبلا كلما كان افضل ويجب ان نترك للطفل الحرية للتعبير عن مواقفه واستقلاله. ويجب احترامه حتى اذا لم يتفق معك. ويشعر الطفل بالحب والتقبل والامن عندما يمارس الاحترام الايجابي غير المشروط .
5. توفير الفرص الطفل ليعبر عن نفسه بشتى الوسائل: فهذا ما ينتزعه من انطوائيته ويسمح له بتوثيق علاقاته مع المحيط الخارجي, ومن وسائل هذا التعبير عن الذات . كالرسم والاشغال اليدوية على انواعها والتي تسمح بمواجهة الواقع المادي وبالتفاعل معه بغية تحسين تصورات الفكر فيه. والرياضة على انواعها, والتي تساعده على ضبط النفس والسيطرة على انفعلاتها. وكما انها تكسب البدن المرونة وتسهل تفاعلاتها مع المحيط الاجتماعي, وكذلك الرقص الفلكلوري الذي يتيح فرصة التعبير عن الذات وضبط الجسد من خلال الحركات ولامح الوجه ونبرات الصوت. وكما ان التمثيل يدمج الطفل في مواقف اجتماعية رمزية متنوعة يحددها سياق المسرحية. ...............................
(1) الامراص النفسية والعصبية – إعداد :محمد رفعت
الخاتمة:
من خلال بحثنا تبين ان ظاهرة الخجل هي سلوك يسبب للطفل الكثير من المعاناة والارتباك والعزلة والفشل الذي يحول بينه وبين اظهار مواهبه وامكاناته على حقيقتها. والذي يعرضه بين اقرانه للنبذ والسخرية, وان سلوك الخجل لا يؤلم الطفل فحسب , بل اهاه ايضا . فهم يتضايقون لرؤية طفلهم عاجزا مكبلا منطويا على نفسه . ويعتبر الخجل استجابة ترتكز غالبا الى استعداد مزاجي لنمط من العلاقات يسود الاسرة . ويساهم الابوان بشكل بارز في انشائه وتغذيته. وعلينا ان نعود اطفالنا منذ صغرهم على مخالطة الاخرين . وكسب صداقتهم وودهم, وان ننصحهم بزيارة الاهل والاقارب , وان نشجعهم على الحديث امام غيرهم, والاسلام دين الشجاعة والثقة بالنفس .
المراجع:
1. سيكولوجية الطفولة والمراهقة - تأليف: شيفر وملمان
2. الأمراض النفسية والعصبية - اعداد: محمد رفعت
3. طفلك ومشكلاته النفسية - د أحمد علي بديوي
4. المشكلات السلوكية عند الاطفال - د/ أحمد علي بديوي
دراسة حالة:
وقفنا على حالة لتلميذ يدرس في السنة السادسة, يبلغ من العمر 12 سنة منزوي على نفسه صامت أكثرالوقت حتى في الاوقات التي يمارس فيها الاطفال نشاطات عفوية. سألنا المعلم عن هذه الحالة وهو معلم يدرس التلميذ لمدة 3 سنوات. فأخبرنا انه تلميذ متوسط في الدراسة صامت أكثر الوقت هادئ يعرف الأجوبة لأسئلة في بعض الاحيان, إلا أنه لا يتكلم إلا عندما أثير للكلام فأكتشف أنه يعرف الجواب الصحيح . حاولت أن أدفعه إلى الامام وأقربه مني لكنه الخجل ظل يلازمه .
وعندما سألنا الوالدين عن هذه الحالة أخبرنا أن هذا الخلو يلازمه منذ الصغر . وأ نهما لا يقيدانه حريته. وانهما يعاملانه بلطف وحنان الابوة.
ولكن عندما اقتربنا من الجيران نظرا لأن الحالة ظلت غامضة لدينا. فأكتشفنا أشياء أخرى جانب فيها الوالدان الصواب وهي أن والده يمنحه حماية زائدة حيث وصلت إلى قطع العلاقات مع الجيران , حتى مع أخواله وأعمامه فأصبح الناس يتجنبون هذا الولد ومعاملته والتعامل مع أبنائه خوفا من شره , فوجد الطفل نفسه في عزلة حتي في المدرسة.
ونظرا لصعوبة المعالجة خارج المدرسة بسبب تسلط الوالد من جهة والامية من جهة أخرىو فإننا قدمنا نصائح لمعلمه تتمثل في مشاركة الطفل في الاعمال الجماعية وتكليفه بالإشراف على أنشطة مع زملائه تتطلب منه المبادرة الذاتية. وتكسر حواجز الصمت والانزواء عنده .
عناصر البحث :
- مقدمة
- مفهوم الخجل
- المظاهر النفسية للخجل
- أسباب الخجل
- طرائق علاج الخجل
- درا سة حالة
- خاتمة
مقدمة:
إ ن الطفل الخجول دائما يتجنب الأخرين وهو دائما خائفا غير واثق ومتواضع ومهزوم, ومتردد لا يعرض نفسه للمواقف , إنه ينكمش من الألفة أومن الإتصال مع الاخرين , وفي المواقف الاجتماعية لا يبدأ أو يتطوع, وهو غالب ساكت يتكلم بلطف ويتجنب النظر في وجوه الاخرين. يعتبرهم قاسين ويحب إجتنابهم وهذا يقوده الى مزيد من الخجل , ونادرا ما يسبب الطفل الخجول مشاكل في المدرسة . ولا يلاحظه أحد, وبعض تصرفات الراشدين تعزز الخجل عنده.
إن الطفل قبل ذهابه الى المدرسة وفي سن المدرسة يجد صعوبة في الاشتراك مع الاخرين , وقد حدد العلماء فترة الخجل من سن 5 الى 6 سنوات, فما هو يا ترى الخجل وكيف نتخلص منه ؟.
مفهوم الخجل:
إن الخوف من التقييم السالب غالبا ما يكون مصحوبا بالسلوك الاجتماعي غير المتكيف, ويمكن أن نقول أن السبب الرئيسي لحدوث الخجل هو فقدان الثقة بالنفس مع عدم القدرة على التعبير في مواقف محددة, وقد يشعر الطفل بالخجل عند عجزه على مواجهة التحديات , فمثلا الطفل المنطوي على نفسه يرفض الاندماج في أي مجتمع ويعجز عن القيام بأبسط العلاقات المألوفة, كالردعلى الاسئلة ورد السلام. وهو صامت دائما, من الصعب أن يبعد عن والديه ولا يأمن لغيرهم.
في حين نرى أن الأطفال المنطلقين في الحديث يستجيبون لأي مداعبة مع الغرباء أو الأقرباء.
فالطفل الذي يفتح عينيه على إجراءات متزمة من الوالدين يحاط بمثالية زائدة تبعده عن الاندماج بالمجتمع وتكون النتيجة في الاخير الخجل, أما خلفيات هذا السلوك(الخجل) فيوضحها الدكتور ألفرد ألدر كما يلي : إن عبارة الخجل تشير إلى إنتقاص في تقدير الشخص لنفسه أو في التقدير المفرط للأخرين .(1)
مظاهر الخجل:
إذا حاولنا أن نحدد مظاهر الخجل لوجدنا مجموعة من الصور تتكرر بشكل أو باخر وتتفاوت في شدتها بين الأشخاص, هناك إحمرار الوجه والأذنين عند الاحساس بالخجل أو التعلثم في الكلام او العرق الذي يغطي الوجه, وحتى الاطراف يمكن أن تتأثر بالخجل فترتعش اليدان وتزداد ضربات القلب , وتكتمل الصورة بهذا الاحساس بأن الشخص على وشك الاغماء من الخجل (الكسوف) وهناك إحساس داخلي للمكسوف يصعب تصويره بالكلمات .
وكذلك إضطرابات في الاحاسيس والنطق والذاكرة , قد يعاني الولد الخجول من إضطرابات في الاحاسيس والنطق والذاكرة . من شأنها أن تعيق علاقاته الاجتماعية وتحصيله المدرسي , فقد يقوده اضطرابه النفسي إلى التأتأة خاصة عندما يخاطب أ شخاص يخشى حكمهم عليه, وقد لا يسمع السؤال الموجه إليه من أحد معلميه بسبب ما يعتريه من طنين الأذنين في تلك اللحظة . بفعل قلقه الشديد وقد يشكو من حجاب ينتصب أمام عينيه ويحلول دون رؤيته للمتحدث إليه, أمابشأن اضطرابات الذاكرة فكثيرا ما يشكو أهل الأولاد الخجولين مما شكت منه تلك الوالدة التي واجهت المعلم بشأن تقصسر ولدها في دروسه فأخبرته بأنه يحفظ دروسه يشكل سريع وجيد وأنه يسمعها لها صباحا ويعيدها مساءا, فتساءلت الأم ما الذي يدهي ولدها بين المنزل و المدرسة ويحول دون معرفته للدرس إذا سئل عنه في الصف , بحيث يحصل أحيانا على علامة صفر. والجواب أن وضع الولد في البيت يختلف عن وضعه في المدرسة, ففي البيت يجد أما تتلأنى عليه وتصبر وتليه إهتماما خاصا وقد تبدي له إعجابها , أما في المدرسة فيرى الولد نفسه أمام أولاد لن يوفروا عليه إلا النقد والسخرية إذا ما أخطأ أو قصر , فعندئذ يعتريه شك بقدرته الذاتيه فيتردد وينسى كل ما كان يعرفه , وإذا به يوصم بالصفر.
العجز عن التعبير عن حاجته : قد يتحكم الخجل في الطفل إلى حد أنه لا يجرأ على التعبير للمعلم عن عدم فهمه للدرس أو حتى عن حاجاته البيولوجية.
التهرب من العلاقات الاجتماعية: ومن مظاهر الخجل تهرب الطفل من العلاقات الاجتماعية فتراه يتوارى إذا ما أتى زائر إلى المنزل , وبشكل عام يتجنب الاتصالات الاجتماعية لأنها بالنسبة إليه شاقة ومكلفة وبهذا ينعزل عن الاخرين. فيتوهمون أنه متعجرف.
تجنب الألعاب الجماعية: فالطفل الخجول ينفر من الالعاب الجماعية التي تقتضي النشاط المشترك, إذ يخشى أن لا يصل فيها إلى المستوى اللائق ومثل هؤلاء الاطفال يدعون بأنهم لا يحبون سوى المطالعة
...........................
(1) سيكولوجية الطفولة و المراهقة - تأليف : شيفر ولمان –طفلك ومشكلاته النفسيه –د/ احمد علي بديوي
وأن اللعب لم يعد لا ئقا بسنهم . وكثيرا ما تكون مطالعتهم موجهة بشكل تعويضي نحو روايات المغامرات والاستكشافات والأسفار.
السعي إظهور بمظهر أقوى: لكي يتسنى للطفل الخجول التعويض عن فشله في العلاقات الاجتماعية تراه يسعى الى الأوضاع التي يضمن فيها إمكانية الظهور بمظهر أقوى كأن يأتلى الأوضاع التي تضمن له الي بأطفال أقل منه سنا يسمعون لاوامره بسهولة أو أطفال أقل منه ثراءا يتباهى أمامهم بوضعه الاجتماعي أو
تلاميذ أدنى منه ذكاءا يظهر تفوقه في المعلومات المدرسية أمامهم.(1)
الأسباب النفسية للخجل:
1. الشعور بعدم الامن: إن الاطفال الذين يشعرون بقلة الامن لا يستطيعون المغامرة ولا يستطيعون تعريض أنفسهم للاخرين . تنقصهم الثقة و الاعتماد على النفس , إن عملية نموهم وشعورهم بالاذى والمجازفة في مخاطر اجتماعية يخيفهم, انهم مغمورين مسبقا بعدم الشعور بالامن وبالابتعاد عن المربكات . انهم لا يعرفون ما يدور حولهم بسبب موقفهم الخائف. ولا يمارسون المهارات الاجتماعية , ممايؤدي الى تراكم الخجل لديهم وذلك بسبب قلة التدريب والحاجة الى التغذية الراجعة من الاخرين.
2. الحماية الزائدة: إن الاطفال الذين تقدم لهم الحماية الزائدة من والديهم غالب ما يصبحون غير نشطين ومعتمدين . ويرجع ذلك بسبب الفرص المحددة لديهم في المغامرة. وبذلك يصبحوا سلبيين وخجولين, وهذا النمط من تربية الاطفال غالبا ما يقود الى الخوف وذلك لانهم لم يتعلموا الثقة بالنفس وبالتعامل بنجاح مع البئة والاخرين.
3. عدم الاهتمام(الاهمال) : إن بعض الاباء يظهرون قلة اهتمامهم بأطفالهم وبالتالي يشعر أطفالهم بالدونية والنقص وتولد لديهم شخضية خائفة وخجولة وانهم لا يستحقون الاحترام. كما تصبح عندهم عدم الثقة الداخلية الضرورية للمخاطرة في المجتمع.
4. النقد: فالأباء الذين ينتقدون أطفالهم علانية يساعدون على وجود الخوف لديهم لانهم يتلقون استجابات سالبة من الراشدين . وانهم يصبحون مترددين وغير متأكدين وخجولين, وقد يعتقد الاباء أن النقد هو اسلوب او طريقة جيدة وضرورية لتعليم الاطفال كيف يتصرفون. وفي الاخير نتيجة النقد المتزايد طفل خائف وخجول.
5. المضايقة: إن الاطفال الذين يضايقون او يسخرون بهم سوف يصبحون خجولين , وقد يسخر الاباء والاخوان من الاطفال الذين يجرهم النقد والذين يستجيبون من الانسحلب من امام الاخرين.
6. عدم الثبات: إن اسلوب التناقض وعدم الثبات في معاملة الطفل وتربيته يساعده على وجود الخجل , قد يكون الوالدين حازمين جدا في بعض الةقت وقد يكونا متساهلين في بعض الاوقات . والنتيجة اطفال غير أمنين ولا يعرفون.
7. التهديد: يهدد الاباء اطفالهم وقد لا ينفذون تهديداتهم او غالبا مايهدد بها اباء وينفذوها احيانا . وقدلا يتقيل الاباء الطفل وذلك بعدم اظهار الحب له, لذلك يصبح عند الطفل رد فعل على التهديدات المستمرة بالخوف والخجل. ولذلك موقفهم نحو الناس دفاعيا.
8. تدليل المعلم: يصبح بعض الاطفال معتمدين على المعلم ويعزز هذا السلوك فيهم لانه يحب الاطفال الجميلين والخجولين . وبالتالي اعتمادهم على الكبار وفي الاخير يصبحون خجولين من اصدقائهم واقرانهم. ...............................
(1) المشكلات السلوكية عند الاطفا ل –د/احمد علي بديوي
9. اللقب بالخجل: يتقبل بعض الاطفال انفسهم بانهم خجولين كصفة ملازمة لهم وانهم لا يعتقدون بان أي طرإ او مديح لهم يمكن ان يكون حقيقيا وانهم دوما يشعرون بالدونية. وان التحدث السلبي مع النفس هو شيء مألوف عندهم.
10. المزاج او الاعاقة الجسدية: بعض الاطفال يبدون خجولين منذ الولادة. والخجل في هذه الحالة يكون وراثيا, بعض الاطفال مزعجين ومنسجمين والبعض الاخر هادئين راضين عن انفسهم. والاعاقات الجسدية غالبا ما تسبب الخجل. كصعوبات التعلم او مشاكل اللغة تقود صاحبها للانسحاب اجتماعيا.
11. النموذج الأبوي: إن الاب الخجول غالبا ما يكون لديه اطفال خجولين وهناك ارتباط بين الخجل الوراثي والعيش مع نماذج خجولة من الناس, وقد يرقب الاطفال ان يعيشوا اسلوب حياة الخجل. كما يراه والده . وان اتصالاتهم الاجتماعية قليلة جدا, وقد يسمع الاطفال ابائهم وهم ينتقدون الاخرين وبذلك يشجعون ابنائهم عن هؤلاء وعدم الثقة بهم.(1)
طرائق علاج الخجل:
1. شجع وكافئ ان يكون الاطفال اجتماعيون: ويكون هذا منذ الطفولة المبكرة, قدم لهم خبرات سارة وسعبدة بقدر الامكان, وزيارةالذين عندهم اطفال من نفس العمر شيء مفيد ونافع . وكذلك الرحلات الخاصة مع طفل او طفلين. واذا كان الطفل خجولا فانه ينصح بذهاب طفلين متفتحين معه, وعلينا ان نعزز الطفل اجتماعيا. فعندما يلعب الاطفال او يتحدثون بلاطفة علينا ان نبتسم ونعلق على المشهد ونقدم لهم هدايا عندما يتصرفون بشكل جيد. وان كل محاولة يقوم بها الاطفال لكي يكونوا اجتماعيين يجب مكافأتها.
2. تشجيع الثقة بالنفس: يجب ان يشجع الاطفال وان يمتدحوا بكونهم واثقين من انفسهم وعلينا احترامهم. ويجبوا ان يتعلوا انه ليس من الضروري ان ينسجموا مع كل شخص. وشيء طبيعي ان يحبهم البعض ويكرههم البعض الاخر, وفي البيت يجب ان يتعلم الاطفال كيف يتحملوا مضايقة الاخرين دون رد فعل بل يجب معالجة الصراعات والضيق وعدم التهرب منها. وان الثقة بالنفس لا تبنى بواسطة اتخاذ القرارات بالنيابة عن الاطفال .
3. تشجيع السيادة ومهارات النمو: إن احترام الطفل لذاته متعلق يقدرته على السيطرة على البئة . ويجب ان تقدم له اعمالا يمكن تحديدها بشكل لطيف كي يشعر دائما بالنجاح. وتشجيعه على انجاز الشيء الذي يرغب فيه , ويجب تقديم التدريب المبكر بشكل فردي للاطفال او على شكل مجموعات. لانها تعلمهم مهارات يستطيعون من خلالها اشباع ميولهم وتجعلهم اكثر تفاعلا مع الاخرين .
4. تقديم جو دافئ ومتقبل: إنالحب والانتباه لا يفسدان الطفل . وكلماكان الطفل متقبلا كلما كان افضل ويجب ان نترك للطفل الحرية للتعبير عن مواقفه واستقلاله. ويجب احترامه حتى اذا لم يتفق معك. ويشعر الطفل بالحب والتقبل والامن عندما يمارس الاحترام الايجابي غير المشروط .
5. توفير الفرص الطفل ليعبر عن نفسه بشتى الوسائل: فهذا ما ينتزعه من انطوائيته ويسمح له بتوثيق علاقاته مع المحيط الخارجي, ومن وسائل هذا التعبير عن الذات . كالرسم والاشغال اليدوية على انواعها والتي تسمح بمواجهة الواقع المادي وبالتفاعل معه بغية تحسين تصورات الفكر فيه. والرياضة على انواعها, والتي تساعده على ضبط النفس والسيطرة على انفعلاتها. وكما انها تكسب البدن المرونة وتسهل تفاعلاتها مع المحيط الاجتماعي, وكذلك الرقص الفلكلوري الذي يتيح فرصة التعبير عن الذات وضبط الجسد من خلال الحركات ولامح الوجه ونبرات الصوت. وكما ان التمثيل يدمج الطفل في مواقف اجتماعية رمزية متنوعة يحددها سياق المسرحية. ...............................
(1) الامراص النفسية والعصبية – إعداد :محمد رفعت
الخاتمة:
من خلال بحثنا تبين ان ظاهرة الخجل هي سلوك يسبب للطفل الكثير من المعاناة والارتباك والعزلة والفشل الذي يحول بينه وبين اظهار مواهبه وامكاناته على حقيقتها. والذي يعرضه بين اقرانه للنبذ والسخرية, وان سلوك الخجل لا يؤلم الطفل فحسب , بل اهاه ايضا . فهم يتضايقون لرؤية طفلهم عاجزا مكبلا منطويا على نفسه . ويعتبر الخجل استجابة ترتكز غالبا الى استعداد مزاجي لنمط من العلاقات يسود الاسرة . ويساهم الابوان بشكل بارز في انشائه وتغذيته. وعلينا ان نعود اطفالنا منذ صغرهم على مخالطة الاخرين . وكسب صداقتهم وودهم, وان ننصحهم بزيارة الاهل والاقارب , وان نشجعهم على الحديث امام غيرهم, والاسلام دين الشجاعة والثقة بالنفس .
المراجع:
1. سيكولوجية الطفولة والمراهقة - تأليف: شيفر وملمان
2. الأمراض النفسية والعصبية - اعداد: محمد رفعت
3. طفلك ومشكلاته النفسية - د أحمد علي بديوي
4. المشكلات السلوكية عند الاطفال - د/ أحمد علي بديوي
دراسة حالة:
وقفنا على حالة لتلميذ يدرس في السنة السادسة, يبلغ من العمر 12 سنة منزوي على نفسه صامت أكثرالوقت حتى في الاوقات التي يمارس فيها الاطفال نشاطات عفوية. سألنا المعلم عن هذه الحالة وهو معلم يدرس التلميذ لمدة 3 سنوات. فأخبرنا انه تلميذ متوسط في الدراسة صامت أكثر الوقت هادئ يعرف الأجوبة لأسئلة في بعض الاحيان, إلا أنه لا يتكلم إلا عندما أثير للكلام فأكتشف أنه يعرف الجواب الصحيح . حاولت أن أدفعه إلى الامام وأقربه مني لكنه الخجل ظل يلازمه .
وعندما سألنا الوالدين عن هذه الحالة أخبرنا أن هذا الخلو يلازمه منذ الصغر . وأ نهما لا يقيدانه حريته. وانهما يعاملانه بلطف وحنان الابوة.
ولكن عندما اقتربنا من الجيران نظرا لأن الحالة ظلت غامضة لدينا. فأكتشفنا أشياء أخرى جانب فيها الوالدان الصواب وهي أن والده يمنحه حماية زائدة حيث وصلت إلى قطع العلاقات مع الجيران , حتى مع أخواله وأعمامه فأصبح الناس يتجنبون هذا الولد ومعاملته والتعامل مع أبنائه خوفا من شره , فوجد الطفل نفسه في عزلة حتي في المدرسة.
ونظرا لصعوبة المعالجة خارج المدرسة بسبب تسلط الوالد من جهة والامية من جهة أخرىو فإننا قدمنا نصائح لمعلمه تتمثل في مشاركة الطفل في الاعمال الجماعية وتكليفه بالإشراف على أنشطة مع زملائه تتطلب منه المبادرة الذاتية. وتكسر حواجز الصمت والانزواء عنده .