أبناء الصعيد فن ابداع اصالة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كل ما يهم اهل الصعيد من معلومات و ابداع


    وذهب بعض العلماء إلى جواز القصر في قصير السفر وطويله

    سلام بيه
    سلام بيه
    وسام الرقابة


    الجنس : ذكر
    الابراج : السرطان
    عدد الرسائل : 419
    تاريخ الميلاد : 18/07/1985
    العمر : 38
    الموقع : هتلعبنى هكون زكى معاك هتمشى وتسبنى وتمشى هكون معاك تيت
    المزاج : الله معانا
    نقاط : 650
    تاريخ التسجيل : 03/02/2009

    وذهب بعض العلماء إلى جواز القصر في قصير السفر وطويله Empty وذهب بعض العلماء إلى جواز القصر في قصير السفر وطويله

    مُساهمة من طرف سلام بيه السبت 21 مارس - 16:49:36

    وذهب بعض العلماء إلى جواز القصر في قصير السفر وطويله

    وممن قال بهذا داود الظاهري، قال عنه بعض أهل العلم‏:‏ حتى إنه لو خرج إلى بستان خارج البلد قصر، واحتجّ أهل هذا القول بإطلاق الكتاب والسنة جواز القصر بلا تقييد للمسافة، وبما رواه مسلم في ‏"‏صحيحه‏"‏ عن يحيىا بن يزيد الهنائي قال‏:‏ سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة فقال‏:‏ كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ، شعبة الشَّاك، صلّى ركعتين‏"‏، هذا لفظ مسلم وبما رواه مسلم أيضًا في ‏"‏ الصحيح ‏"‏ عن جبير بن نفير قال‏:‏ ‏"‏ خرجت مع شرحبيل بن السمط إلى قرية على رأس سبعة عشر أو ثمانية عشر ميلاً فصلّى ركعتين فقلت له‏.‏ فقال‏:‏ رأيت عمر صلّى بذي الحليفة ركعتين فقلت له، فقال‏:‏ إنما أفعل كما رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفعل ‏"‏، وأجيب من جهة الجمهور بأنه لا دليل في حديثي مسلم المذكورين؛ لأنه ليس المراد بهما أن تلك المسافة المذكورة فيهما هي غاية السفر، بل معناه أنه كان إذا سافر سفرًا طويلاً فتباعد ثلاثة أميال قصر؛ لأن الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يسافر عند دخول وقت الصلاة إلا بعد أن يصليها فلا تدركه الصلاة الأخرى إلا وقد تباعد من المدينة، وكذلك حديث شرحبيل المذكور‏.‏ فقوله إن عمر رضي اللَّه عنه صلّى بذي الحليفة ركعتين محمول على ما ذكرناه في حديث أنس وهو أنه كان مسافرًا إلى مكة أو غيرها فمر بذي الحليفة وأدركته الصلاة فصلّى ركعتين لا أن ذا الحليفة غاية سفره، قاله النووي وغيره، وله وجه من النظر ولم ينقل عن النبيّ صلى الله عليه وسلم القصر صريحًا فيما دون مرحلتين كما جزم به النووي‏.‏

    قال مقيده عفا اللَّه عنه قال ابن حجر في ‏"‏ تلخيص الحبير ‏"‏‏:‏ وروى سعيد بن منصور عن أبي سعيد قال‏:‏ ‏"‏ كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا سافر فرسخًا يقصر الصلاة وسكت عليه ‏"‏، فإن كان صحيحًا فهو ظاهر في قصر الصلاة في المسافة القصيرة ظهورًا أقوى من دلالة حديثي مسلم المتقدمين‏.‏

    قال مقيده عفا اللَّه عنه‏:‏ هذا الذي ذكرنا هو حاصل كلام العلماء في تحديد مسافة القصر، والظاهر أنه ليس في تحديدها نص صريح، وقد اختلف فيها على نحو من عشرين قولاً، وما رواه البيهقي والدارقطني والطبراني عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏ ياأهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد ‏"‏ ضعيف؛ لأن في إسناده عبد الوهاب بن مجاهد وهو متروك، وكذبه الثوري‏.‏

    وقال الأزدي‏:‏ لا تحل الرواية عنه وراويه عنه إسماعيل بن عياش، وروايته عن غير الشاميين ضعيفة وعبد الوهاب المذكور حجازي لا شامي، والصحيح في هذا الحديث أنه موقوف على ابن عباس رواه عنه الشافعي بإسناد صحيح، ورواه عنه مالك في ‏"‏ الموطأ ‏"‏ بلاغًا، وقد قدمناه‏.‏

    والظاهر أن الاختلاف في تحديد المسافة من نوع الاختلاف في تحقيق المناط، فكل ما كان يطلق عليه إسم السفر في لغة العرب يجوز القصر فيه؛ لأنه ظاهر النصوص ولم يصرف عنه صارف من نقل صحيح ومطلق الخروج من البلد لا يسمى سفرًا، وقد كان صلى الله عليه وسلم يذهب إلى قباء وإلى أُحد ولم يقصر الصلاة، والحديثان اللذان قدمنا عن مسلم محتملان وحديث سعيد بن منصور المتقدم لا نعلم أصحيح هو أم لا ‏؟‏ فإن كان صحيحًا كان نصًّا قويًّا في قصر الصلاة في المسافة القصيرة والطويلة، وقصر أهل مكّة مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في حجّة الوداع دليل عند بعض العلماء على القصر في المسافة غير الطويلة، وبعضهم يقول‏:‏ القصر في مزدلفة، ومنى، وعرفات، من مناسك الحجّ، واللَّه تعالى أعلم‏.‏

    قال مقيده عفا اللَّه عنه‏:‏ أقوى الأقوال فيما يظهر لي حجة، هو قول من قال‏:‏ إن كل ما يسمى سفرًا ولو قصيرًا تقصر فيه الصلاة؛ لإطلاق السفر في النصوص، ولحديثي مسلم المتقدمين، وحديث سعيد بن منصور، وروى ابن أبي شيبة، عن وكيع، عن مسعر، عن محارب، سمعت ابن عمر يقول‏:‏ ‏"‏ إني لأسافر الساعة من النهار فأقصر ‏"‏‏.‏

    وقال الثوري‏:‏ سمعت جبلة بن سحيم، سمعت ابن عمر يقول‏:‏ ‏"‏ لو خرجت ميلاً قصرت الصلاة ‏"‏‏.‏

    قال ابن حجر في ‏"‏ الفتح ‏"‏‏:‏ إسناد كل منهما صحيح‏.‏اهـ والعلم عند اللَّه تعالى‏.‏

    الفرع الثالث‏:‏ يبتدئ المسافر القصر، إذا جاوز بيوت بلده بأن خرج من البلد كله، ولا يقصر في بيته إذا نوى السفر، ولا في وسط البلد، وهذا قول جمهور العلماء منهم الأئمة الأربعة، وأكثر فقهاء الأمصار، وقد ثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قصر بذي الحليفة، وعن مالك أنه إذا كان في البلد بساتين مسكونة أن حكمها حكم البلد، فلا يقصر حتى يجاوزها، واستدل الجمهور؛ على أنه لا يقصر إلا إذا خرج من البلد، بأن القصر مشروط بالضرب في الأرض، ومن لم يخرج من البلد لم يضرب في الأرض، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إن أراد السفر قصر وهو في منزله، وذكر ابن المنذر، عن الحارث بن أبي ربيعة أنه أراد سفرًا فصلىّ بهم ركعتين في منزله وفيهم الأسود بن يزيد، وغير واحد من أصحاب ابن مسعود قال‏:‏ وروينا معناه عن عطاء، وسليمان بن موسى قال‏:‏ وقال مجاهد‏:‏ لا يقصر المسافر نهارًا حتى يدخل الليل، وإن خرج بالليل لم يقصر حتى يدخل النهار، وعن عطاء، أنه قال‏:‏ إذا جاوز حيطان داره فله القصر‏.‏

    قال النووي‏:‏ فهذان المذهبان فاسدان فمذهب مجاهد منابذ للأحاديث الصحيحة في قصر النبيّ صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة، حين خرج من المدينة، ومذهب عطاء، وموافقيه منابذ للسفر‏.‏اهـ‏.‏ منه، وهو ظاهر كما ترى‏.‏

    الفرع الرابع‏:‏ اختلف العلماء في قدر المدة التي إذا نوى المسافر إقامتها لزمه الإتمام، فذهب مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأحمد في إحدىا الروايتين إلى أنها أربعة أيام، والشافعية يقولون‏:‏ لا يحسب فيها يوم الدخول، ولا يوم الخروج، ومالك يقول‏:‏ إذا نوى إقامة أربعة أيام صحاح أتم‏.‏

    وقال ابن القاسم‏:‏ في العتيبة يلغى يوم دخوله ولا يحسبه، والرواية المشهورة عن أحمد، أنها ما زاد على إحدى وعشرين صلاة‏.‏

    وقال أبو حنيفة رحمه اللَّه‏:‏ هي نصف شهر، واحتجّ من قال بأنها أربعة أيام، بما ثبت في الصحيح من حديث العلاء بن الحضرمي رضي اللَّه عنه أنه سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏ ثلاث ليال يمكثهن المهاجر بمكة بعد الصدر‏"‏، هذا لفظ مسلم، وفي رواية له عنه‏:‏ ‏"‏ للمهاجر إقامة ثلاث ليال بعد الصدر بمكة ‏"‏، وفي رواية له عنه‏:‏ ‏"‏ يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثًا ‏"‏، وأخرجه البخاري في المناقب، عن العلاء بن الحضرمي أيضًا بلفظ‏:‏ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ ثلاث للمهاجر بعد الصدر ‏"‏ اهـ‏.‏ قالوا فإذن النبيّ صلى الله عليه وسلم للمهاجرين في ثلاثة أيام يدلّ على أن من أقامها في حكم المسافر، وأن ما زاد عليها يكون إقامة والمقيم عليه الإتمام، وبما أخرجه مالك في ‏"‏ الموطأ ‏"‏ بسند صحيح، عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه أنه أجلى اليهود من الحجاز، ثم أذن لمن قدم منهم تاجرًا أن يقيم ثلاثًا ‏"‏، وأجيب عن هذا الدليل من جهة المخالف، بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم إنما رخص لهم في الثلاث؛ لأنها مظنة قضاء حوائجهم، وتهيئة أحوالهم للسفر، وكذلك ترخيص عمر لليهود في إقامة ثلاثة أيام، والاستدلال المذكور له وجه من النظر؛ لأنه يعتضد بالقياس؛ لأن القصر شرع لأجل تخفيف مشقة السفر، ومن أقام أربعة أيام، فإنها مظنة لإذهاب مشقة السفر عنه، واحتجّ الإمام أحمد، على أنها ما زاد على إحدى وعشرين صلاة بما ثبت في الصحيح من حديث جابر، وابن عباس رضي اللَّه عنهم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ قدم مكة في حجّة الوداع صبح رابعة، فأقام النبيّ صلى الله عليه وسلم اليوم الرابع، والخامس، والسادس، والسابع، وصلّى الفجر بالأبطح يوم الثامن، فكان يقصّر الصلاة في هذه الأيام، وقد أجمع على إقامتها، وهي إحدى وعشرون صلاة؛ لأنها أربعة أيام كاملة، وصلاة الصبح من الثامن ‏"‏، قال‏:‏ فإذا أجمع أن يقيم، كما أقام النبيّ صلى الله عليه وسلم قصّر، وإذا أجمع على أكثر من ذلك أتمّ‏.‏

    وروى الأثرم، عن أحمد رحمه اللَّه أن هذا الاحتجاج كلام ليس يفقهه كل الناس، وحمل الإمام أحمد حديث أنس أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أقام بمكة في حجّة الوداع عشرًا يقصّر الصلاة على هذا المعنى الذي ذكرنا عنه، وأن أنسًا أراد مدة إقامته بمكّة ومنى ومزدلفة‏.‏

    قال مقيده عفا اللَّه عنه‏:‏ وهذا لا ينبغي العدول عنه لظهور وجهه، ووضوح أنه الحق‏.‏

    تنبيــه

    حديث أنس هذا الثابت في الصحيح، لا يعارضه ما ثبت في الصحيح أيضًا، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال‏:‏ ‏"‏أقام النبيّ صلى الله عليه وسلم بمكة تسعة عشر يقصر‏"‏، فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا، وإن زدنا أتممنا؛ لأن حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما في غزوة الفتح، وحديث أنس، في حجة الوداع، وحديث ابن عباس، محمول على أنه صلى الله عليه وسلم، ما كان ناويًا الإقامة؛ والإقامة المجرّدة عن نيْة لا تقطع حكم السفر عند الجمهور، واللَّه تعالى أعلم‏.‏
    سلام بيه
    سلام بيه
    وسام الرقابة


    الجنس : ذكر
    الابراج : السرطان
    عدد الرسائل : 419
    تاريخ الميلاد : 18/07/1985
    العمر : 38
    الموقع : هتلعبنى هكون زكى معاك هتمشى وتسبنى وتمشى هكون معاك تيت
    المزاج : الله معانا
    نقاط : 650
    تاريخ التسجيل : 03/02/2009

    وذهب بعض العلماء إلى جواز القصر في قصير السفر وطويله Empty حدّثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع واللفظ لابن رافع‏

    مُساهمة من طرف سلام بيه السبت 21 مارس - 16:50:46

    الحديث الرابع هو ما أخرجه مسلم في ‏"‏ صحيحه ‏"‏‏:‏ حدّثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع واللفظ لابن رافع‏.‏

    قال إساحق‏:‏ أخبرنا وقال ابن رافع‏:‏ حدّثنا عبد الرزّاق، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس عن أبيه، عن ابن عباس، قال‏:‏ كان الطلاق على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب‏:‏ إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا روح بن عبادة، أخبرنا ابن جريج، وحدثنا ابن رافع واللفظ له، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني ابن طاوس عن أبيه، أن أبا الصهباء قال لابن عباس‏:‏ أتعلم إنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وثلاثًا من إمارة عمر ‏؟‏ فقال ابن عباس‏:‏ نعم‏.‏

    وحدّثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس، أن أبا الصهباء قال لابن عباس‏:‏ هات من هناتك، ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر واحدة ‏؟‏ فقال‏:‏ قد كان ذلك، فلما كان في عهد عمر تتايع الناس في الطلاق فأجازه عليهم، هذا لفظ مسلم في ‏"‏ صحيحه ‏"‏‏.‏

    وهذه الطريق الأخيرة أخرجها أبو داود ولكن لم يسمّ إبراهيم بن ميسرة‏.‏

    وقال بدله عن غيره واحد، ولفظ المتن أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدرًا من إمارة عمر ‏؟‏‏.‏

    قال ابن عباس‏:‏ بلى، كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدرًا من إمارة عمر، فلما رأى الناس يعني عمر، قد تتايعوا فيها، قال‏:‏ أجيزوهن عليهم، وللجمهور عن حديث ابن عباس هذا عدة أجوبة‏:‏

    الأول‏:‏ أن الثلاث المذكورة فيه التي كانت تجعل واحدة، ليس في شىء من روايات الحديث التصريح بأنها واقعة بلفظ واحد، ولفظ طلاق الثلاث لا يلزم منه لغة ولا عقلاً ولا شرعًا أن تكون بلفظ واحد، فمن قال لزوجته‏:‏ أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، ثلاث مرات، في وقت واحد، فطلاقه هذا طلاق الثلاث؛ لأنه صرح بالطلاق فيه ثلاث مرات، وإذا قيل لمن جزم بأن المراد في الحديث إيقاع الثلاث بكلمة واحدة، من أين أخذت كونها بكلمة واحدة ‏؟‏

    فهل في لفظ من ألفاظ الحديث أنها بكلمة واحدة ‏؟‏ وهل يمنع إطلاق الطلاق الثلاث على الطلاق بكلمات متعددة ‏؟‏ فإن قال‏:‏ لا، يقال له طلاق الثلاث إلا إذا كان بكلمة واحدة، فلا شك في أن دعواه هذه غير صحيحة، وإن اعترف بالحق وقال‏:‏ يجوز إطلاقه على ما أوقع بكلمة واحدة، وعلى ما أوقع بكلمات متعددة، وهو أسّد بظاهر اللفظ، قيل له‏:‏ وإذن فجزمك بكونه بكلمة واحدة لا وجه له، وإذا لم يتعين في الحديث كون الثلاث بلفظ واحد سقط الاستدلال به من أصله في محل النزاع‏.‏ ومما يدلّ على أنه لا يلزم من لفظ طلاق الثلاث في هذا الحديث كونها بكلمة واحدة، أن الإمام أبا عبد الرحمان النسائي مع جلالته وعلمه وشدة فهمه، ما فهم من هذا الحديث إلا أن المراد بطلاق الثلاث فيه، أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، بتفريق الطلقات؛ لأن لفظ الثلاث أظهر في إيقاع الطلاق ثلاث مرات‏.‏ ولذا ترجم في ‏"‏ سننه ‏"‏، لرواية أبي داود المذكورة في هذا الحديث‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏ باب طلاق الثلاث المتفرقة قبل الدخول بالزوجة ‏"‏ ثم قال‏:‏ أخبرنا أبو داود سليمان بن سيف قال‏:‏ حدّثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه‏:‏ أن أبا الصهباء جاء إلى ابن عباس رضي اللَّه عنهما فقال‏:‏ يا ابن عباس، ألم تعلم أن الثلاث كانت على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدرًا من خلافة عمر ترد إلى الواحدة ‏؟‏ قال‏:‏ نعم، فترى هذا الإمام الجليل صرح بأن طلاق الثلاث في هذا الحديث ليس بلفظ واحد بل بإلفاظ متفرقة، ويدل على صحة ما فهمه النسائي رحمه اللَّه من الحديث ما ذكره ابن القيم في ‏"‏ زاد المعاد ‏"‏، في الردّ على من استدل لوقوع الثلاث دفعة، بحديث عائشة‏:‏ أن رجلاً طلق امرأته ثلاثًا فتزوجت‏.‏ الحديث‏.‏ فإنه قال فيه ما نصّه‏:‏ ولكن أين في الحديث أنه طلق الثلاث بفم واحد ‏؟‏ بل الحديث حجّة لنا فإنه لا يقال فعل ذلك ثلاثًا وقال ثلاثًا، إلا من فعل وقال مرة بعد مرة، وهذا هو المعقول في لغات الأمم عربهم وعجمهم‏.‏ كما يقال قذفه ثلاثًا وشتمه ثلاثًا وسلم عليه ثلاثًا‏.‏ اهـ منه بلفظه‏.‏

    وهو دليل واضح لصحة ما فهمه أبو عبد الرحمان النسائي رحمه اللَّه، من الحديث؛ لأن لفظ الثلاث في جميع رواياته أظهر في أنها طلقات ثلاث واقعة مرة بعد مرة، كما أوضحه ابن القيم في حديث عائشة المذكور آنفًا‏.‏

    وممن قال‏:‏ بأن المراد بالثلاث في حديث طاوس المذكور، الثلاث المفرقة بألفاظ نحو أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، ابن سريج فإنه قال‏:‏ يشبه أن يكون ورد في تكرير اللفظ، كأن يقول أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق‏.‏ وكانوا أولاً على سلامة صدورهم، يقبل منهم أنهم أرادوا التأكيد، فلما كثر الناس في زمن عمر وكثر فيهم الخداع ونحوه؛ مما يمنع قبول من ادعى التأكيد، حمل عمر اللفظ على ظاهر التكرار، فأمضاه عليهم‏.‏ قاله ابن حجر في ‏"‏ الفتح ‏"‏، وقال‏:‏ إن هذا الجواب ارتضاه القرطبي، وقواه بقول عمر‏:‏ إن الناس استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة‏.‏

    وقال النووي في ‏"‏ شرح مسلم ‏"‏، ما نصّه‏:‏ وأما حديث ابن عباس فاختلف الناس في جوابه وتأويله، فالأصح أن معناه أنه كان في أول الأمر إذا قال لها‏:‏ أنت طالق، أن طالق، أنت طالق، ولم ينوِ تأكيدًا، ولا استئنافًا، يحكم بوقوع طلقة؛ لقلة إرادتهم الاستئناف بذلك، فحمل على الغالب الذي هو إرادة التأكيد‏.‏ فلما كان في زمن عمر رضي اللَّه عنه وكثر استعمال الناس لهذه الصيغة، وغلب منهم إرادة الاستئناف بها، حملت عند الإطلاق على الثلاث؛ عملاً بالغالب السابق إلى الفهم في ذلك العصر‏.‏

    قال مقيده عفا اللَّه عنه‏:‏ وهذا الوجه لا إشكال فيه؛ لجواز تغير الحال عند تغير القصد؛ لأن ‏"‏ الأعمال بالنيات،

    ‏"‏ولكل امرىء ما نوى‏"‏، وظاهر اللفظ يدل لهذا كما قدمنا‏.‏

    وعلى كل حال، فادعاء الجزم بأن معنى حديث طاوس المذكور أن الثلاث بلفظ واحد ادعاء خال من دليل كما رأيت، فليتّق اللَّه من تجرأ على عزو ذلك إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، مع أنه ليس في شىء من روايات حديث طاوس كون الثلاث المذكورة بلفظ واحد، ولم يتعين ذلك من اللغة، ولا من الشرع، ولا من العقل كما ترى‏.‏

    قال مقيده عفا اللَّه عنه‏:‏ ويدلّ لكون الثلاث المذكورة ليست بلفظ واحد ما تقدم في حديث ابن إسحاق عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن أحمد، وأبي يعلى، من قوله‏:‏ طلّق امرأته ثلاثًا في مجلس واحد وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏كيف طلقتها‏"‏ ‏؟‏ قال‏:‏ ثلاثًا في مجلس واحد؛ لأن التعبير بلفظ المجلس يفهم منه أنها ليست بلفظ واحد، إذ لو كان اللفظ واحدًا لقال بلفظ واحد ولم يحتج إلى ذكر المجلس، إذ لا داعي لذكر الوصف الأعم وترك الأخص بلا موجب، كما هو ظاهر الجواب الثاني، عن حديث ابن عباس هو‏:‏ أن معنى الحديث أن الطلاق الواقع في زمن عمر ثلاثًا كان يقع قبل ذلك واحدة؛ لأنهم كانوا لا يستعملون الثلاث أصلاً، أو يستعملونها نادرًا‏.‏ وأما في عهد عمر فكثر استعمالهم لها‏.‏

    ومعنى قوله‏:‏ فأمضاه عليهم، على هذا القول، أنه صنع فيه من الحكم بإيقاع الطلاق ما كان يصنع قبله، ورجّح هذا التأويل ابن العربي ونسبه إلى أبي زرعة الرازي‏.‏ وكذا أورده البيهقي بإسناده الصحيح إلى أبي زرعة أنه قال‏:‏ معنى هذا الحديث عندي إنما تُطَلِّقون أنتم ثلاثًا، كانوا يُطَلِّقُون واحدة‏.‏ قال النووي‏:‏ وعلى هذا فيكون الخبر وقع عن اختلاف عادة الناس خاصة، لا عن تغيير الحكم في المسألة الواحدة، وهذا الجواب نقله القرطبي في تفسير قوله تعالى‏:‏ ‏{‏الطَّلَـاقُ مَرَّتَانِ‏}‏، عن المحقق القاضي أبي الوليد الباجي، والقاضي عبد الوهاب، والكيا الطبري‏.‏

    قال مقيّده عفا اللَّه عنه‏:‏ ولا يخفى ما في هذا الجواب من التعسف، وإن قال به بعض أجلاء العلماء‏.‏

    الجواب الثالث‏:‏ عن حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما، هو القول بأنه منسوخ، وأن بعض الصحابة لم يطلع على النسخ إلا في عهد عمر، فقد نقل البيهقي في ‏"‏ السنن الكبرى ‏"‏، في باب من جعل الثلاث واحدة عن الإمام الشافعي ما نصّه‏:‏ قال الشافعي‏:‏ فإن كان معنى قول ابن عباس أن الثلاث كانت تحسب على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واحدة، يعني أنه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فالذي يشبه واللَّه أعلم أن يكون ابن عباس علم أن كان شيئًا فنسخ، فإن قيل‏:‏ فما دل على ما وصفت ‏؟‏ قيل‏:‏ لا يشبه أن يكون ابن عباس يروي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئًا ثم يخالفه بشىء لم يعلمه كان من النبيّ صلى الله عليه وسلم فيه خلاف‏.‏ قال الشيخ‏:‏ ورواية عكرمة عن ابن عباس، قد مضت في النسخ وفيها تأكيد لصحة هذا التأويل‏.‏ قال الشافعي‏:‏ فإن قيل‏:‏ فلعل هذا شىء روي عن عمر، فقال فيه ابن عباس بقول عمر رضي اللَّه عنه، قيل‏:‏ قد علمنا أن ابن عباس رضي اللَّه عنهما يخالف عمر رضي اللَّه عنه في نكاح المتعة، وفي بيع الدينار بالدينارين، وفي بيع أُمهات الأولاد وغيره، فكيف يوافقه في شىء يروى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم فيه خلافه ‏؟‏ اهـ محل الحاجة من البيهقي بلفظه‏

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء 7 مايو - 4:57:56