_____________
أنا بنت عندي 19 سنة، وواقعة في مشكلة؛ بس مش عارفة أعمل إيه؟ أنا مولودة في أسرة متوسطة الحال؛ لكن الحمد لله بابا كبّرنا، وإخواتي بقوا من أحسن الناس؛ ففيهم الدكاترة في الجامعة والمهندس والمحامي؛ لكن أنا بقى عملت مشكلة في الكلية فأخذت مجلس تأديب، وده فيه حرمان سنتين.
ومش بس هي دي المشكلة؛ لكن المشكلة الأكبر إني مش لاقية نفسي بين أهلي، وكل اللي باتمناه إني أخرج من البيت بأي شكل.
أهلي من الناس المتحكمين، وبينظروا للبنت بأنها لازم يتقفل عليها بالقفل والترباس والمفتاح علشان خاطر يتحافظ عليها، أنا شفت ناس كتير خانقين ولادهم، وولادهم كانوا بيشتكوا، وكنت بقول لهم إنكم في نعمة مش عارفين قيمتها.
وأنا والدتي مريضة نفسياً من وأنا صغيرة؛ يعني تقدروا تقولوا إني يتيمة الأم لأني مش حاسة بيها زي باقي أصحابي، وبابا لما بدأت أتمرد افتكر إني بِعت نفسي، ورغم إن الكلام ده كان في إيدي إلا إني ما عملتوش، وده مش علشانهم لأنهم آخر ناس ممكن أفكر فيهم؛ لأن اللي يتعدى على شرفه بنفسه فأنا مستحيل أحفظه.
أنا إخواتي اعتدوا عليّ وأنا صغيرة، والكلام ده لسة بيحصل لغاية دلوقتي؛ بس أنا خايفة إني أقول لحد، وهم كمان بيضربوني وبيهينوني، وعندهم الغريبة أحسن مني.
أنا مشكلتي كبيرة ومش عارفة أختصرها؛ لكن أنا باحمد ربنا إني لقيت حد ممكن ينصحني. وباشكركم جداً.
الاجابه
____________
إذن هو غشيان المحارم من جديد، ويبدو أن عليّ أن أعترف بأن حالات التحرش بين المحارم -والتي تصل للزنا بينهم- في تزايد مع أسفي وألمي، وأن صمت الفتيات وتصوّرهن أنه الأفضل خوفاً من الفضائح، أو من تكذيبهن، أو من إلقاء اللوم على الفتاة كما هو معتاد لدينا؛ هو سبب هام من أسباب زيادة تلك الكارثة!
فتتصوّر الفتاة أنها الأضعف؛ فتصمت أو تقاوم بالهروب والتفادي بطريقة بلهاء؛ مما يزيد المتحرش -الذي هو في الأصل في الموقف الأضعف- قوة!
ونغفل أنه هو الذي ينتهك الحدود، وهو الذي يسرق في الظلام، وهو الذي يخاف الفضح؛ ولكن طريقة تفكير الفتاة وطريقة تفكير المجتمع يصوّر لها العكس تماماً؛ فتنقلب الآية كما يقولون؛ فيصبح القوي ضعيفاً والضعيف قوياً.
ولا تتصوري أن مشكلتك التي أحالتك لمجلس تأديب أو علاقتك المتوترة بوالدك وغياب الأم من حياتك، أمور متفرقة تبتعد عن بعضها البعض؛ فمن آثار التحرشات الجنسية -خاصة بين المحارم- سلوكيات نسميها "سلوكيات تدمير الذات"؛ حيث تتصور الفتاة أنها سبب في حدوث ذلك لها؛ فتفقد ثقتها بنفسها وثقتها بالآخرين تماماً مع تكرار تلك التحرشات؛ فتقوم بالعدوان السلبي الموجّه للذات: ترسب دراسياً، تضع نفسها في مواقف ذلة، تستهين بآدميتها.. إلخ.
ومن آثارها أيضاً تراكم مشاعر الغضب الذي ينتج عنه "عدائية" تجاه أي آخر، واكتئاب وفقد لطعم الحياة؛ لأن التحرش الذي يأتي من المحارم يكون أكثر عمقاً في النفس؛ لأنه أتى ممن يُفْتَرض أن تكون العلاقة معه محلّ الثقة والأمان؛ فحين ينهار ذلك وتجد الفتاة نفسها تدافع عن نفسها في البيت أكثر مما تدافع عن نفسها في الشارع! وصار الأخ ذئباً بدلاً من أن يكون سنداً ومعيناً، وانتهك حرمات الله سبحانه؛ فيحدث حينها للفتاة ارتباك ومرض نفسي لا جدال؛ لذلك يا ابنتي أتمنى أن تعي ما أقول وبقوة حتى تنقذي نفسك من براثن الأمراض النفسية ذات الوزن الثقيل فلتنتبهي لذلك:
- أنت الآن في التاسعة عشرة من عمرك، أي فتاة مكتملة الأهلية، ولديك عقل وإرادة؛ فقد لا يحاسبك الله سبحانه وتعالى على ما ليس لك يد فيه وهو انحراف إخوتك السلوكي والجنسي، الذي يعود لمرض نفسي أو اضطراب أو أي شيء لن أهتم بشرحه؛ لأنك من تعنينني الآن؛ ولكن عدم دفاعك عن نفسك بالطريقة الصحيحة بالخوف؛ هو مبرر زائف وغير مقبول؛ لأن خوف الكثيرات ممن في مثل وضعك -للأسف- تحوّل في عدد غير قليل من تحرش إلى ما لا يحمد عقباه.
لذلك أقترح أن تخفضي جناحك لوالدك قليلاً، وتجعليه أقرب لك؛ فلا يكون تمرّدك من النوع الذي يجعله يشكّ فيك ويتصور ضياع شرفك؛ لأنه في الحقيقة سيكون -إن استطعت أن تقتربي منه- هو من يحميك من إخوتك؛ فلابد لهم من ردع شديد اللهجة والقوة ليفهموا أن الوضع اختلف، وأنك لن تصمتي ولن تهربي منهم بطريقة مائعة تزيد من شهوتهم وليس العكس؛ فمن ضمن الجمل التي كانت تصفها إحدى الفتيات حين كان يتحرش بها عمها أنها كانت تقول له "عيب كده حد يشوفك!!" وما كان ذلك يردعه؛ ولكن كان يزيد رغبته فيها حتى ضاعت بغبائها.
لذلك مهم جداً أن يكون هناك "كبير" له كلمة وله احترام وصاحب حكمة يدخل في الموضوع ليحسمه تماماً؛ فليكن أبوك أولاً لو كان يتمتع بذلك، وإن لم يكن كذلك؛ فليكن جدك، أو أي كبير في عائلتك له وزنه أو حتى خارج عائلتك مادام محترماً وحكيماً وله شأن لديكم، ليكون ذلك أول مؤشر لهم أنك لم تعودي كالسابق معهم، وقد ينال الأمر من سمعتهم ووضعهم.
- تصرفاتك أنت داخل المنزل لابد وأن تكون محسوبة؛ فلا تساهل في لبس ملابس كاشفة، أو ترك حجرتك مفتوحة ليلاً دون غلقها بالمفتاح، أو تميّع في حديث أو اقتراب جسدي من أي منهم، ولا تدعي نفسك مع أحدهم وحدك قدر إمكانك، وإن حدث فلتغلقي بابك عليك من الداخل، وكذلك لو حاول أحدهم أن يفتعل معك مشكلات -تلاكيك- فلتنظري في عينيه بتحدّ وتقولي له وتهدّديه بأنك لن تسكتي؛ لأنه سيخاف هو من الفضح، وتوضّحي لهم في أي مناسبة قريبة أنك قد كشرت عن أنيابك، وأنك لن تسكتي، وسيعلو صوتك حين يحدث أي تجاوز أو الإيقاع بك في مشكلات، وتظهري لهم قوة حسمك لهذا، وإن استمر الحال على ما هو عليه بعد فترة مقبولة؛ فلا مفرّ من الفضح أمام العائلة ليرتدعوا ويكونوا هم من جنوا على أنفسهم.
- خروجك من البيت لابد وأن يكون خروجاً آمناً ومشرفاً في نفس الوقت؛ فلا تتصوري أن خروجك للشارع سيكون أأمن، ولا تتصوري أن زواجك من أي طارق يدقّ بابكم سيكون أفضل شيء يمكن فعله؛ فالأهم هو "بناؤك" لنفسك بالانضباط في الدراسة بعد ذلك، والقرب من الصديقات المحترمات المنضبطات، وبقربك من الله عز وجل بصالح الأعمال، وإشغال وقتك بالهوايات والمفيد الذي يطورك ويزيد ثقتك في نفسك ويُعلي من طموحك؛ فلديك عامان فاستغليهما.
- قد نتعرض لظروف قاسية في ظاهرها نعيش معها؛ ولكننا دوماً نختار كيف نكون؛ فكثيرات وقعن في فخ السقوط والانهيار وزدن مستقبلهن بؤساً وسواداً، وكثيرات كذلك من انتهزن المحنة وحوّلنها لفرصة؛ ليفهمن من خلالها الحياة والبشر ويحفرن لأنفسهن فيها مكاناً يفخرن به؛ فلتكوني إحداهن يا ابنتي، وتذكّري أن حفاظك على نفسك وفهمك لوضعك سيكون سبباً في اعتزازك واحترامك لنفسك أمام نفسك.
سيدتى اشكرك على ثقتك فيناوتابعينا مع الاجابات على زالك المنتدى الجميل منتدى ابناء الصعيد
او على ميل ابن الصعيد واتركى رسالتكى عليه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]