إن الذي يتتبع أخبار المحاكم الشرعية ويهتم لمعرفة ما تحويه دورها لا يكاد يجد شيئًا يستنفد وقت القضاء أكثر من إثبات زوجية يدعى صاحب الغرض منها أنها نتيجة عقد عرفي وينكر عليه الطرف الآخر مدعاه، وإنه ليدهش جدًا حينما يرى هذا العنصر قد تغلب على بقية العناصر الشرعية التي طرح النزاع فيها بين يدي القضاء ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه.
ولقد تعددت مع ذلك شعب هذا العنصر وتنوعت أفراده فطورًا يدعي الزوجية شاب وضيع امتلأ قلبه طمعًا في جاه أسرة عريقة المجد عالية الشرف، رفيعة الحسب عز عليه أن ترضى تلك الأسرة بمصاهرته وترغب في زواجه ترفعًا بشرفها عن أن يلوث وابتعادًا بكرامتها من أن ينال منهما مثل هذا الدعي فزينت له نفسه أن يلجأ إلى القضاء يدعي زوجيته بفتاة من هذه الأسرة الرفيعة ويطلب الحكم له عليها بدخولها في طاعته، فإذا ما كلف إثبات الزواج ادعى حصوله بواسطة عقد عرفي بينه وبين الفتاة، والله يعلم أن لا زواج ولا لقاء وإنما الأمر مجرد اختلاق وافتراء، ثم يختم طوافه بادعاء المراسلات التي تحمل أرق عبارات الغزل بينه وبين هذه الطاهرة العفيفة ولم يخجل من التصريح يمثل هذه المخازي التي لم يدرك قيمة ألم النفوس الأبية من وقعها وبذلك ينهار شرف الأسرة ويتقوض بناء كرامتها على يد هذا الغر الأحمق ثم لا يلبث أن يظهر كذبه فيخر صريعًا في ميدان العدالة ولكن لم يصبه من الألم ما أصاب الفتاة وأسرتها النبيلة، وما أقسى هذا النوع الذي لا تكاد تحصى حوادثه وما نشر منها بالصحف على كثرته ليس إلا نزرًا يسيرًا مما هو مخبوء بين جدران المحاكم ودور القضاء.
وهناك نوع آخر هو دون الأول خطورة وأبعد عنه أثرًا ذلك أن تعمد فتاة خليعة إلى ادعاء الزوجية من رجل ثري عالي الحسب كبير الجاه طمعًا في ماله ورغبةً في أن ينالها شيء من ترائه وما بينهما من عقدة نكاح ولكن هي الأغراض تلقي بالشخص في مكان لا يعرف كنه قراره، والآمال تطوح به إلى حيث لا تحمد العاقبة ثم نأخذ القضية طريقها من الإثبات فما هي إلا جلسات قليلة حتى تصعق أمام العدالة وتخفق بين يدي القضاء وترجع في غزواتها بخفي حنين ويظهر كذبها في مدعاها.
ويا ألم النفس الشريفة إذا كانت تحمل مولودًا تدعي بنوته لذلك الرجل الذي أظهر القضاء براءته من زواجها.
ولا يفوتني أن أذكر هذا النوع الآخر الذي تسرب إلى نفوس الشباب فوجد فيها مرتعًا خصبًا ونما نموًا سريعًا وشغل المحاكم كثيرًا وكانت نتائجه مخزية محزنة ذلك أن يتفق شاب وفتاة على عقد نكاح عرفي بينهما لأغراض في نفسيهما لا تخرج عن الرغبة في عدم انتشار هذا الزواج وأمر آخر يكنه الزوج في نفسه ويخفيه على قرينته ذلك هو سهولة التنصل من الزوجية إذا نشب نزاع بينهما أو حدث حادث يكدر صفوهما، ويظلان كذلك زوجين متحابين ينعمان بالبنين والبنات حتى إذا ما دب دبيب الشقاق بينهما توترت العلاقات وتقطعت الأسباب فلم تجد الزوجة بدًا من أن تلجأ إلى القضاء تحمل الرضيع وتجر الفطيم مستصرخة بعدله طامعة في رحمته ولم يلبثا أن يجتمعا أمام العدالة حتى يسارع الزوج إلى إنكار الزوجية وبنوة الأولاد له وكأنه قد ألقى على الزوجة صاعقة صيرتها جثة هامدة وشبحًا لا حراك ب وليس أضر بالعفيفة من أن تصاب في عرضها وتُهان في عفافها ولم يستحِ الزوج من قولة السوء التي لا تكاد تفارق لسانه حتى تلوثه بقاذوراتها وتلطخه بدمائها فيطلب القضاء من الزوجة أن تقدم إليها وثيقة عقد الزواج فتقول والنفس حسيرة إن الزواج حصل بعقد عرفي وهنا الطامة الكبرى فتارة تستطيع إثباته فتثبت نزاهتها من هذه الوصمة التي وصمها بها زوجها الأثيم وتقدس شرفها الذي عبث به هذا الطاغية الزنيم وتحفظ لأولادها نسبهم رغم ما أصيبوا به من العار وما لحقهم من المسبة والشنار، وتارة تخفق في مسعاها فلا تجد من القضاء نصيرًا وترجع ضاربة إحدى يديها بالأخرى ناعية عفافها الذي مزقه هذا الوحشي الإنساني، باكية عرضها الذي عبث به هذا المغرض الدنيء ناظرة إلى هذه الصبية التي جنى عليهم والدهم وقضى على كرامتهم وحياتهم فلا يكاد يرجع بصرها حتى ترى الحياة لهم عارًا والموت لهم عزًا وانتصارًا وللنفس هواجسها وخواطرها فيا ضيعة الأنساب ويا للمسبة والعار.
تلك وغيرها يا أولي الرأي مساوي العقد العرفي الذي انتشر في البلاد ووجد مرتعًا خصبًا بين الفتيان والفتيات، وإنه لشر مستطير وعذاب أليم، وعبث بالآداب والأغراض يجب أن توصد أبوابه وتسد منافذه حفظًا للأنساب واستبقاءً للشرف، وانتصارًا للفضيلة وفي يقيني أن أفضل علاج لهذا الداء المتفشي في البلاد أن تضع ولاة الأمور تشريعًا جديدًا يقضي بعدم سماع دعاوى الزوجية إذا كان سببها عقدًا عرفيًا، وذلك ليس بدعًا فإن لولي الأمر تخصيص قضاته بالحادثة والزمان والمكان ولقد أصبحت العقود الرسمية سهلة الحصول لكثرة عدد المأذونين كثرة تحقق الغرض المقصود منها، وبواسطتها لا يستطيع أحد الزوجين إنكار الزوجية وبها أيضًا تحفظ الأنساب ويُصان العفاف وتسلم الأعراض.
فإلى ولاة الأمور أتقدم بكلمتي هذه وما فيها سوى الشيء القليل من تلك المساوئ وما لم تحوه أكثر، طالبًا وضع تشريع جديد يقضي بعدم سماع دعاوى الزوجية إذا كان سببها عقدًا عرفيًا وإني لعلى يقين من أن هذا التشريع سيقضي على هذا الداء المتفشي بين أعضاء الأمة وأفراد الأسر لأن الزوجة إذا كانت تعلم أنها إذا تزوجت بواسطة العقد العرفي سيكون مصيرها أمام القضاء إذا نزل بها الشقاق أن تترك وشأنها لا تسمع لها دعوى ولا يقضي لها بشيء فإنها ترى خيرًا لها أن لا تركن إلى هذا الزواج العرفي ولا تلتفت إليه يومًا، بل تراه مهلكتها وفيه عذابها وبذلك يقل العمل به حتى لا يكاد يكون شيئًا مذكورًا أو يصبح بعد قليل شيئًا معدومًا فيسلم شرف الأسر ويحفظ النسب الذي به فخر الحياة وما أريد بذلك إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله.
ولقد تعددت مع ذلك شعب هذا العنصر وتنوعت أفراده فطورًا يدعي الزوجية شاب وضيع امتلأ قلبه طمعًا في جاه أسرة عريقة المجد عالية الشرف، رفيعة الحسب عز عليه أن ترضى تلك الأسرة بمصاهرته وترغب في زواجه ترفعًا بشرفها عن أن يلوث وابتعادًا بكرامتها من أن ينال منهما مثل هذا الدعي فزينت له نفسه أن يلجأ إلى القضاء يدعي زوجيته بفتاة من هذه الأسرة الرفيعة ويطلب الحكم له عليها بدخولها في طاعته، فإذا ما كلف إثبات الزواج ادعى حصوله بواسطة عقد عرفي بينه وبين الفتاة، والله يعلم أن لا زواج ولا لقاء وإنما الأمر مجرد اختلاق وافتراء، ثم يختم طوافه بادعاء المراسلات التي تحمل أرق عبارات الغزل بينه وبين هذه الطاهرة العفيفة ولم يخجل من التصريح يمثل هذه المخازي التي لم يدرك قيمة ألم النفوس الأبية من وقعها وبذلك ينهار شرف الأسرة ويتقوض بناء كرامتها على يد هذا الغر الأحمق ثم لا يلبث أن يظهر كذبه فيخر صريعًا في ميدان العدالة ولكن لم يصبه من الألم ما أصاب الفتاة وأسرتها النبيلة، وما أقسى هذا النوع الذي لا تكاد تحصى حوادثه وما نشر منها بالصحف على كثرته ليس إلا نزرًا يسيرًا مما هو مخبوء بين جدران المحاكم ودور القضاء.
وهناك نوع آخر هو دون الأول خطورة وأبعد عنه أثرًا ذلك أن تعمد فتاة خليعة إلى ادعاء الزوجية من رجل ثري عالي الحسب كبير الجاه طمعًا في ماله ورغبةً في أن ينالها شيء من ترائه وما بينهما من عقدة نكاح ولكن هي الأغراض تلقي بالشخص في مكان لا يعرف كنه قراره، والآمال تطوح به إلى حيث لا تحمد العاقبة ثم نأخذ القضية طريقها من الإثبات فما هي إلا جلسات قليلة حتى تصعق أمام العدالة وتخفق بين يدي القضاء وترجع في غزواتها بخفي حنين ويظهر كذبها في مدعاها.
ويا ألم النفس الشريفة إذا كانت تحمل مولودًا تدعي بنوته لذلك الرجل الذي أظهر القضاء براءته من زواجها.
ولا يفوتني أن أذكر هذا النوع الآخر الذي تسرب إلى نفوس الشباب فوجد فيها مرتعًا خصبًا ونما نموًا سريعًا وشغل المحاكم كثيرًا وكانت نتائجه مخزية محزنة ذلك أن يتفق شاب وفتاة على عقد نكاح عرفي بينهما لأغراض في نفسيهما لا تخرج عن الرغبة في عدم انتشار هذا الزواج وأمر آخر يكنه الزوج في نفسه ويخفيه على قرينته ذلك هو سهولة التنصل من الزوجية إذا نشب نزاع بينهما أو حدث حادث يكدر صفوهما، ويظلان كذلك زوجين متحابين ينعمان بالبنين والبنات حتى إذا ما دب دبيب الشقاق بينهما توترت العلاقات وتقطعت الأسباب فلم تجد الزوجة بدًا من أن تلجأ إلى القضاء تحمل الرضيع وتجر الفطيم مستصرخة بعدله طامعة في رحمته ولم يلبثا أن يجتمعا أمام العدالة حتى يسارع الزوج إلى إنكار الزوجية وبنوة الأولاد له وكأنه قد ألقى على الزوجة صاعقة صيرتها جثة هامدة وشبحًا لا حراك ب وليس أضر بالعفيفة من أن تصاب في عرضها وتُهان في عفافها ولم يستحِ الزوج من قولة السوء التي لا تكاد تفارق لسانه حتى تلوثه بقاذوراتها وتلطخه بدمائها فيطلب القضاء من الزوجة أن تقدم إليها وثيقة عقد الزواج فتقول والنفس حسيرة إن الزواج حصل بعقد عرفي وهنا الطامة الكبرى فتارة تستطيع إثباته فتثبت نزاهتها من هذه الوصمة التي وصمها بها زوجها الأثيم وتقدس شرفها الذي عبث به هذا الطاغية الزنيم وتحفظ لأولادها نسبهم رغم ما أصيبوا به من العار وما لحقهم من المسبة والشنار، وتارة تخفق في مسعاها فلا تجد من القضاء نصيرًا وترجع ضاربة إحدى يديها بالأخرى ناعية عفافها الذي مزقه هذا الوحشي الإنساني، باكية عرضها الذي عبث به هذا المغرض الدنيء ناظرة إلى هذه الصبية التي جنى عليهم والدهم وقضى على كرامتهم وحياتهم فلا يكاد يرجع بصرها حتى ترى الحياة لهم عارًا والموت لهم عزًا وانتصارًا وللنفس هواجسها وخواطرها فيا ضيعة الأنساب ويا للمسبة والعار.
تلك وغيرها يا أولي الرأي مساوي العقد العرفي الذي انتشر في البلاد ووجد مرتعًا خصبًا بين الفتيان والفتيات، وإنه لشر مستطير وعذاب أليم، وعبث بالآداب والأغراض يجب أن توصد أبوابه وتسد منافذه حفظًا للأنساب واستبقاءً للشرف، وانتصارًا للفضيلة وفي يقيني أن أفضل علاج لهذا الداء المتفشي في البلاد أن تضع ولاة الأمور تشريعًا جديدًا يقضي بعدم سماع دعاوى الزوجية إذا كان سببها عقدًا عرفيًا، وذلك ليس بدعًا فإن لولي الأمر تخصيص قضاته بالحادثة والزمان والمكان ولقد أصبحت العقود الرسمية سهلة الحصول لكثرة عدد المأذونين كثرة تحقق الغرض المقصود منها، وبواسطتها لا يستطيع أحد الزوجين إنكار الزوجية وبها أيضًا تحفظ الأنساب ويُصان العفاف وتسلم الأعراض.
فإلى ولاة الأمور أتقدم بكلمتي هذه وما فيها سوى الشيء القليل من تلك المساوئ وما لم تحوه أكثر، طالبًا وضع تشريع جديد يقضي بعدم سماع دعاوى الزوجية إذا كان سببها عقدًا عرفيًا وإني لعلى يقين من أن هذا التشريع سيقضي على هذا الداء المتفشي بين أعضاء الأمة وأفراد الأسر لأن الزوجة إذا كانت تعلم أنها إذا تزوجت بواسطة العقد العرفي سيكون مصيرها أمام القضاء إذا نزل بها الشقاق أن تترك وشأنها لا تسمع لها دعوى ولا يقضي لها بشيء فإنها ترى خيرًا لها أن لا تركن إلى هذا الزواج العرفي ولا تلتفت إليه يومًا، بل تراه مهلكتها وفيه عذابها وبذلك يقل العمل به حتى لا يكاد يكون شيئًا مذكورًا أو يصبح بعد قليل شيئًا معدومًا فيسلم شرف الأسر ويحفظ النسب الذي به فخر الحياة وما أريد بذلك إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله.