قريتي كانت .كانت ..ثم أصبحت
--------------------------------------------------------------------------------
عندما ينسل الفجر من بين ظلام دامس ..كانت تستيقظ قريتي
علي صوت الفلاحين وهم يتجهون الي حقولهم في جد ونشاط .بل
ان صوت الحيوانات كانت كأعذب سيمفونية يسمعها الناس في
ذاك الحين .حيث كانت تعلن عن انتهاء النوم وبداية عمل شاق
ليوم جديد ..كنت أرقب كل ذلك عن كثب وأنا سعيد حتي اذا ما
انبلج الصباح أخرج الي الشارع شأني في ذلك شأن كل
الأطفال .كانت المنازل تري الي مسافات بعيدة لكونها دور واحد لا
أكثر ومبنية بالطوب اللبن ومسقوفة بالخشب .كانت أبواب
البيوت جميعها مفتحة لا تعرف الأقفال ليلا ولا نهارا .كنا نجتمع
علي مائدة واحدة معظم أهل الشارع .أطفال ورجال ونساء
نتشارك طعاما واحدا .لم يكن أحد يحمل هما للحياة فما عند غيرك
هو ملكك ....نفوس محبة متعاضدة .عندما يكون هناك عرس ما
في البلدة الكل يذهب ليبارك ويهنيء أخاه ....اما ان كان هناك
حالة وفاة فوايم الله ان البلدة كانت تغطيها سحابة من
الحزن ...فلا يسمع للراديو صوتا ولا تسمع للناس ضحكا .وكأن
المتوفي في بيتهم وليس أحدا أخر ....
يعود الناس بعد الظهر لتناول الغداء والراحة قليلا والكل يحمل
ابتسامة الرضا علي شفتيه ..ليعود من أراد بعد ذلك للحقل
وليذهب الي بعض شأنه من يشاء .حتي يؤذن لصلاة العشاء
فيهبوا الي الصلاة .ثم يعودوا الي تناول العشاء ..ويخلد معظمهم
الي للنوم ويتسامر من شاء ....حتي ينام الناس في ساعة مبكرة
والأبواب مفتحة لا قفل عليها ليهناوا بنوم عميق نوم لا منغص
فيه ولا كدر ..................حتي تغير وتبدل الحال ........
وفتحت أبواب الخارج وأهملت الأراضي بل بيع معظمها ..والكل
يصبوا الي هناك حيث بلاد البترول ليعودوا فتهدم البيوت
وترتفع المباني ..فما عدت تري أكثر من أمامك .وتناقصت الرقعة
الزراعية ولم تعد تري الحقول الا في أطراف القرية ..وغلقت
الأبواب ببوابات من الحديد ..حتي لم يعد يشعر أحد بجار أو غيره
وصارت القرية مرتعا خصبا للغرور والكبرياء والاستعلاء علي
الفقير فيتنافس الناس فيما بينهم أيهم يشيد أفضل .وما أبريء
نفسي من تعدي علي أرض زراعية بالمباني عليها ......
أما أعراسنا الان حدث ولا حرج اسراف ةتبذير في غير حاجة
حتي أصبح تجهيز البنت يثقل كاهل من يملك فما بالك بمن لا
يملك ؟؟أما عندما يعلن عن حالة وفاة فلان .فلم يعد هناك اكتراث
بل وصلت أن تكون (فرح هنا وهناك قام المأتم ) ولا حساب
لمشاعر الناس بقليل ولا كثير .........
تغيرت معالم القرية كثيرا عن ذي قبل ولم يتبقي من القرية الا
اسمها .ولعلي علي خطأ ورأي غيرنا صواب فغيرنا يري أن
الوضع الان أفضل عن ذي قبل فلم يكن هناك كهرباء ولا أي نوع
من أنواع الخدمات ..ولكنا أصبحنا نعاني منذ بداية الشهر الي
أخره فواتير من كل حدب وصوب ...
ويرون أن العقول تفتحت وتنورت وتثقفت ...فقلت ثقافة هشة
ثقافة التقليد التي جلبت علينا من المدينة وغيرها أشياء ما
عرفتها القرية وصفات لم نراها الا الان ..
الا أنني من الانصاف عندما أذهب الي المدن ثم أعود أحمد الله عز
وجل أن قريتنا مازالت بها بعض الصفات الحميدة التي نأمل ألا
نفرط فيها ...................كان معكم بين الماضي
والحاضر .......................عابر يبحث عن سبيل
--------------------------------------------------------------------------------
عندما ينسل الفجر من بين ظلام دامس ..كانت تستيقظ قريتي
علي صوت الفلاحين وهم يتجهون الي حقولهم في جد ونشاط .بل
ان صوت الحيوانات كانت كأعذب سيمفونية يسمعها الناس في
ذاك الحين .حيث كانت تعلن عن انتهاء النوم وبداية عمل شاق
ليوم جديد ..كنت أرقب كل ذلك عن كثب وأنا سعيد حتي اذا ما
انبلج الصباح أخرج الي الشارع شأني في ذلك شأن كل
الأطفال .كانت المنازل تري الي مسافات بعيدة لكونها دور واحد لا
أكثر ومبنية بالطوب اللبن ومسقوفة بالخشب .كانت أبواب
البيوت جميعها مفتحة لا تعرف الأقفال ليلا ولا نهارا .كنا نجتمع
علي مائدة واحدة معظم أهل الشارع .أطفال ورجال ونساء
نتشارك طعاما واحدا .لم يكن أحد يحمل هما للحياة فما عند غيرك
هو ملكك ....نفوس محبة متعاضدة .عندما يكون هناك عرس ما
في البلدة الكل يذهب ليبارك ويهنيء أخاه ....اما ان كان هناك
حالة وفاة فوايم الله ان البلدة كانت تغطيها سحابة من
الحزن ...فلا يسمع للراديو صوتا ولا تسمع للناس ضحكا .وكأن
المتوفي في بيتهم وليس أحدا أخر ....
يعود الناس بعد الظهر لتناول الغداء والراحة قليلا والكل يحمل
ابتسامة الرضا علي شفتيه ..ليعود من أراد بعد ذلك للحقل
وليذهب الي بعض شأنه من يشاء .حتي يؤذن لصلاة العشاء
فيهبوا الي الصلاة .ثم يعودوا الي تناول العشاء ..ويخلد معظمهم
الي للنوم ويتسامر من شاء ....حتي ينام الناس في ساعة مبكرة
والأبواب مفتحة لا قفل عليها ليهناوا بنوم عميق نوم لا منغص
فيه ولا كدر ..................حتي تغير وتبدل الحال ........
وفتحت أبواب الخارج وأهملت الأراضي بل بيع معظمها ..والكل
يصبوا الي هناك حيث بلاد البترول ليعودوا فتهدم البيوت
وترتفع المباني ..فما عدت تري أكثر من أمامك .وتناقصت الرقعة
الزراعية ولم تعد تري الحقول الا في أطراف القرية ..وغلقت
الأبواب ببوابات من الحديد ..حتي لم يعد يشعر أحد بجار أو غيره
وصارت القرية مرتعا خصبا للغرور والكبرياء والاستعلاء علي
الفقير فيتنافس الناس فيما بينهم أيهم يشيد أفضل .وما أبريء
نفسي من تعدي علي أرض زراعية بالمباني عليها ......
أما أعراسنا الان حدث ولا حرج اسراف ةتبذير في غير حاجة
حتي أصبح تجهيز البنت يثقل كاهل من يملك فما بالك بمن لا
يملك ؟؟أما عندما يعلن عن حالة وفاة فلان .فلم يعد هناك اكتراث
بل وصلت أن تكون (فرح هنا وهناك قام المأتم ) ولا حساب
لمشاعر الناس بقليل ولا كثير .........
تغيرت معالم القرية كثيرا عن ذي قبل ولم يتبقي من القرية الا
اسمها .ولعلي علي خطأ ورأي غيرنا صواب فغيرنا يري أن
الوضع الان أفضل عن ذي قبل فلم يكن هناك كهرباء ولا أي نوع
من أنواع الخدمات ..ولكنا أصبحنا نعاني منذ بداية الشهر الي
أخره فواتير من كل حدب وصوب ...
ويرون أن العقول تفتحت وتنورت وتثقفت ...فقلت ثقافة هشة
ثقافة التقليد التي جلبت علينا من المدينة وغيرها أشياء ما
عرفتها القرية وصفات لم نراها الا الان ..
الا أنني من الانصاف عندما أذهب الي المدن ثم أعود أحمد الله عز
وجل أن قريتنا مازالت بها بعض الصفات الحميدة التي نأمل ألا
نفرط فيها ...................كان معكم بين الماضي
والحاضر .......................عابر يبحث عن سبيل