طعم السمك الطازج !
تبلغ مساحة اليابان حوالي سبعة عشرة بالمائة من مساحة المملكة العربية السعودية، ويبلغ عدد سكان اليابان حوالي مائة وثلاثين مليون نسمة، بكثافة مقدارها ثلاثمائة وسبع وثلاثين نسمة في الكيلومتر المربع . وحوالي ثلاثة أرباع المساحة هي غابات جبلية لا تصلح للزراعة، لذا يكثر السكان على الشواطئ ، ومن هنا كان السمك طعاماً رئيسياً في اليابان .
ولمعرفة مدى اهتمام اليابانيين بالسمك فقد أحصيت حوالي أربعين مجلة علمية ( معظمها باللغة اليابانية " تنشر أبحاثاً عن السمك والثروة السمكية . وتكاد لا تخلو جامعة في اليابان من كلية أو قسم لدراسة هذا الموضوع . بل هناك جامعة متخصصة بالدراسات السمكية . إضافة إلى وجود عدة جهات تمول أبحاث هذه الثروة . ولا عجب في هذا فاليابانيون يصطادون حوالي خمسة عشر بالمائة من الثروة السمكية في العالم " في المرتبة الثانية بعد الصينيين " .
وقد قرأت في موقع الجيش السنغافوري هذه القصة عن اليابانيين وحبهم للسمك الطازج فأحببت أن أنقلها لكم .
إنه منذ عقود لم يعد السمك يقترب من الشواطئ اليابانية . وقد حل اليابانيون هذه المشكلة فصاروا يصطادون في عرض البحر والمحيط بعيداً عن السواحل . ومع الزمن كبرت قوارب الصيد وأصبحت تبتعد أكثر عن الشاطئ . لكن هذا يؤخر وصول السمك إلى البر مما يعني أن السمك لن يكون طازجاً !
لحل هذه المشكلة صارت سفن الصيد تحمل معها الثلاجات والمجمِّدات التي يوضع فيها السمك فور اصطياده . وهذا أدى إلى ازدياد حجم السفن وأصبحت تبتعد عن السواحل أكثر فأكثر، وبالتالي زاد زمن بقائها بعيداً عن الشاطئ . فهل في هذا مشكلة؟
نعم !
السمك الآن لم يعد طازجاً !
لأنه موضوع في الثلاجات والمجمِّدات، أي صار الناس ينظرون إليه على أنه مجمَّد وليس طازجاً !
فانخفض سعر السمك الذي يتم صيده وتجميده بهذه الطريقة !
ما المشكلة في هذا؟
المشكلة واضحة فالسعر المنخفض يؤدي إلى عدم الرغبة في جلب المزيد من السمك إلى السوق ! فما الحل؟
اليابانيون دوماً عندهم حل !
فقد صاروا يحملون معهم في سفن الصيد أحواضاً كبيرة مملوءة بالماء، يضعون فيها السمك، فيبقى حياً إلى أن يصل إلى الشاطئ فيخرجونه للبيع !
إنها فكرة ذكية ولا شك . لكن ما الذي حصل بعد ذلك؟
لقد اكتشفوا أن السمك يصل إلى الشاطئ وهو يشعر بالكسل والخمول !
لأن السمك يزدحم في الحوض فلا يتحرك كما كان يتحرك في البحر ! وبالتالي فإن طعمه يختلف عن طعم السمك الطازج !
ما لهؤلاء اليابانيين؟
إنهم لا يعجبهم العجب ولا الصيام في شهر رجب كما يقول العامة .
وكيف يستطيع الصيادون إرضاءهم؟
والحل دوماً موجود عند اليابانيين .
فقد وضعوا فرخاً صغيراً من سمك القرش في الحوض !
ولماذا ؟
حتى لا يتوقف السمك في الحوض عن الحركة هرباً من سمك القرش ! .
تعليقي على القصة هو أن التحدي الذي وُضع فيه السمك جعله في حركة دائمة وسريعة من أجل أن يبقى على الحياة !
وهذا ما يريده الصيادون الذي يصلون به إلى الشاطئ وهو يشعر بالحيوية ويبقى طعمه لذيذاً لأنه طازج بالفعل !
ولاشك أن القرش يأكل بعضاً من السمك لكن ما يأكله نسبة ضئيلة لا تُذكر .
هل ما أصاب السمك من خمول وكسل في الحوض هو ما يصيبنا - نحن البشر - عندما لا نعيش أمام تحديات؟
وهل التحديات التي تواجهنا تجعلنا نشيطين في أعمالنا ؟
وهل التحديات تبقينا في نشاط دائم ؟
إن النجاح لا يتم في الحياة السهلة التي ليس فيها تحديات !
فلنستخدم كل ما وهبنا الله من مهارات وإمكانات ومصادر لنعمل شيئاً مختلفاً عما يعمله الكسالى والخاملون .
ليضع أحدنا فرخاً من سمك القرش خلفه ...
ولينظر إلى أي مدى سيتقدم في هذه الحياة ...