تحتفل مصر الخميس بمرور 57 عاما على ثورة 23 يوليو 1952 .. ذلك الحدث التاريخي الذي ، لا يزال ، يشكل علامة بارزة فى تاريخ مصر ونقطة تحول أساسية فى مسارها الوطني، بل أنه يمثل واحدا من أهم أحداث التاريخ الإنساني وأكثره تأثيرا فى المحيط الاقليمى والدولي.
وثورة يوليو ، تندرج ضمن الثورات العظيمة فى تاريخ الشعوب بالنظر الى ما أحدثته من تغييرات جذرية فى المجتمع المصري ونظامه السياسي والاقتصادي والعلاقات الاجتماعية بين أبنائه، وهي أيضا ثورة استقلال وطنى ضد الاحتلال الاجنبى وشكلت قاعدة دعم لحركات التحرر الوطنى فى كل من افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ، ورفض الأحلاف الدولية فى زمن صراعات الدول الكبرى .. كل ذلك كله شكل شهادة كبرى لعظمة الثورة ولمصر ولقائد هذه الثورة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وقد عكست ثورة يوليو "البيضاء" بصدق روح شعب مصر الذى ينبذ العنف ويحترم حق الحياة ،كما كانت ثورة يوليو استجابة تاريخية لمتطلبات عصر تغيرت مفاهيمه الأساسية وبقيت ثوابتها صامدة وخالدة وهى قيم الحرية والعدل والكرامة .
وكما قال الرئيس حسنى مبارك ، فان هذه القيم لايمكن ان تفنى أو تندثر لأنها قيم عظيمة جاهد الإنسان المصري على طول تاريخه من أجل تحقيقها، ورغم الفارق الزمنى منذ قيام ثورة يوليو وتولى الرئيس حسنى مبارك مسئولية الحكم الا ان القيم الثلاث باقية كمنهج عمل وأهداف وطنية نسعى لتحقيقها دون توقف أو جمود فى عالم سمته الرئيسية الحركة السريعة والتغير المتواصل .
وتميزت ثورة يوليو بأن حباها الله بثلاث زعامات متتالية .. جمال عبد الناصر ، وأنور السادات ، وحسنى مبارك .. وجسد كل منهم مرحلة مهمة عبرت عن أمال وهموم المواطن المصري، وهم ضحوا بالكثير من أجل رفاهية شعبهم.
والاحتفال بذكرى الثورة يعكس مشاعر الاعتزاز بالوطنية المصرية القادرة على صناعة المستقبل المشرق لأجيال تنعم بحياة كريمة وديمقراطية وقيم راسخة ومبادىء سامية ، وهكذا ستظل ثورة يوليو باقية فى أعماق الشعب المصري .
ويرى المؤرخون أن ثورة 23 يوليو تختلف عن غيرها من الثورات لأنها جمعت بين الثورة على الحكام من أبناء أسرة محمد على ، وعلى الوجود البريطانى فى البلاد ، وانهاء مجتمع النصف فى المائة .. فقد كان كل شىء فى مصر يطالب بالثورة وينتظرها بدليل تجاوب الشعب المصرى بجميع طبقاته معها لأنها وضعت حدا لسوء توزيع الثروات والجهل المستشرى فى البلاد .. كما كانت تحكم البلاد ثلاث سلطات .. سلطة الاحتلال البريطانى وسلطة القصر وعلى رأسها الملك ، وسلطة وطنية تمثلها المظاهرات الطلابية والحركات الشعبية.
وكان من أهم عوامل نجاح الثورة -كما يرى المراقبون- اعلانها ستة مبادىء عبرت جميعها عن طموحات ومطالب الشعب وهى القضاء على الاستعمار وأعوانه،والقضاء على الأقطاع،والقضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال ،واقامة عدالة اجتماعية ،واقامة جيش وطنى قوى ، واقامة حياة ديمقراطية سليمة.
وبدأت الثورة خطواتها الأولى بعزل الملك فاروق عن العرش وتنازله لابنه الطفل أحمد فؤاد ، وفى 18 يونيو 1953 أعلنت الثورة الغاء الملكية وقيام أول جمهورية فى التاريخ المصرى وتولى اللواء محمد نجيب رئاسة الجمهورية وحلت الاحزاب السياسية بعد أن عجزت عن المقاومة أمام النظام الجديد.
ثم بدأت الثورة باتخاذ مجموعة من الاجراءات للقضاء على الإقطاع وإعادة توزيع الأراضي على الفلاحين بإصدار قوانين الإصلاح الزراعي وتمليك الاراضى للفلاحين ليحصد الفلاح ، لأول مرة فى حياته ، مايقوم بزراعته .
ولم تغفل الثورة الدور الرائد لمصر كدولة زراعية حيث بدأت مجموعة من المشروعات منها مشروع مديرية التحرير ..كما جسدت الثورة حلم المصريين فى وطن مرفوع الرأس فوقعت اتفاقية الجلاء فى 20 أكتوبر عام 54 بعد 74 عاما من الاحتلال.
وواصلت الثورة تحقيق أهدافها فخاضت معارك كثيرة من أهمها معركة تأميم قناة السويس فى 26 يوليو عام 56 ، ردا على قرار المؤامرة الدولية برفض تمويل مشروع السد العالي .
وحرصت الثورة على القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال من خلال قوانين يوليو الاشتراكية عامى 1961 ، و1964 لتأميم قطاعات واسعة من الاقتصاد المصرى فى المجالات الصناعية والتجارية والخدمية وإشراك العمال فى مجالس ادارتها، وكانت قرارات التأميم الصادرة هى حجر الزاوية فى تغيير النظام الاقتصادي.
واتجهت الثورة بعد ذلك لتمصير البنوك الاجنبية ، واقامة قاعدة صناعية ضخمة،وتحقيق العدالة الاجتماعية وصدر دستور عام 1956 ليؤكد ذلك وهو أول دستور مصرى يتضمن نصوصا بضرورة تحقيق هذا المبدأ.
وكان بناء جيش وطنى قوى من أهم اهداف الثورة وبدأت جهود قادة الثورة بمحاولة احياء اتفاق 1950 بين الحكومتين المصرية والبريطانية بشأن بيع الاسلحة الثقيلة الا ان بريطانيا رفضت وجاء رد مصر بعقد صفقة الاسلحة مع تشيكوسلوفكيا عام 1955 ثم تنوعت مصادر الاسلحة بعد ذلك من الاتحاد السوفيتى والصين ومعظم دول اوروبا الشرقية .
ثم جاءت سنوات مابعد هزيمة 67 والتى شهدت عمليات اعادة بناء القوات المسلحة ، ولاشك ان حرب اكتوبر 73 فتحت الباب لمرحلة تطوير جديدة فى القوات المسلحة .
وفى نفس الوقت سعت الثورة الى تحقيق حياة ديمقراطية بوسائل عديدة ففى عام 56 صدر الدستور الذى نص على اقامة تنظيم جديد هو الاتحاد القومى الذى استمر ست سنوات وحل محله الاتحاد الاشتراكى الذى اعيد تشكيله ثلاث مرات وبعد نكسة 67 صدر بيان 30 مارس عام 68 الذى نص على تحويل مصر الى مجتمع مفتوح وقبول الرأى والرأى الأخر .
وفى عهد الرئيس السادات صدر قرار المنابر الثلاثة .. وفى عام 1977 أعلن قيام الاحزاب مما أثرى الحياة الحزبية .. ومع تولى الرئيس مبارك المسئولية عرفت مصر العمل الحزبى الحقيقى واتساع مساحة الحريات وترسيخ الممارسة الديمقراطية .
أما على الصعيد الدولى فقد تزامن قيام الثورة مع مجموعة من الظروف الاقليمية والدولية ساعدتها على القيام بدور فعال على الساحة الدولية ، وأتاحت لمصر قيادة معارك عديدة ضد الاستعمار وظهورها على المسرح الدولى كنموذج يحتذى للحركات الثورية .
فقد واكب قيام الثورة انشاء العديد من المنظمات الدولية على رأسها الأمم المتحدة التى قامت على مبدأ المساواة بين كل الدول ودعا ميثاقها الى احترام مبدأ تساوى الشعوب وحقها فى تقرير المصير مما اعتبر بداية لبزوغ عصر التحرر الوطنى .
وصادف عصر الثورة فترة الحرب الباردة فى بداية الخمسينات من القرن العشرين وحلول قطبين جديدين هما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى محل القوى الأوروبية التقليدية مماكان يسمح بالمناورة السياسية بين القطبين .
كما تزامن قيام الثورة مع تزايد موجة التحرر الوطنى التى خاضها عديد من شعوب العالم الثالث ، وقد دعم كل هذه الظروف عامل آخر مهم هو شخصية الرئيس جمال عبد الناصر الطموحة ذات التوجه الاستقلالى والتى مكنته من الظهور كزعيم قومى وسط قادة العالم الثالث نتيجة المعارك السياسية التى خاضها .
وانطلاقا من كل هذه العوامل اتخذت مصر منذ عام 52 سياسة خارجية طموحة ومتحررة استندت على تاريخ مصر وموقعها الجغرافى ..وكانت فلسفة الثورة عام 54 أول وثيقة مصرية حاولت رصد ثلاث دوائر رئيسية للتحرك الخارجى هى العالم العربى والقارة الأفريقية والعالم الاسلامى والدائرة الأفرو اسيوية .
وكان التركيز على الدائرة العربية حيث اهتمت الثورة بقضية فلسطين التى كانت فى مقدمة قضايا التحرر الوطنى ، كما قدمت العديد من اشكال الدعم لحركات التحرر الوطنى فى الجزائر ، وتونس والمغرب واليمن والعراق والسودان وليبيا ، والتقت الحركات الوطنية فى العالم العربى مع الثورة المصرية وتجاوبت مع فكرها .
أما على الصعيد الأفريقى والعالم الثالث ، وقفت الثورة مع الدول التى كانت تناضل من أجل تحرير ارادتها ايمانا منها بحق الشعوب فى تقرير مصيرها وبوحدة النضال فى مواجهة الاستعمار ، فساندت الثورة فى كينيا ، وثورة الكاميرون ، وثورة الكونغو ، ثم ثورات أنجولا وموزمبيق وغينيا بيساو ووقفت مع شعب روديسيا "زيمبابوى" كما أيدت حركات التحرر بجنوب افريقيا.
كما فتحت مصر أبوابها لتدريب حركات التحرر الأفريقية والتزمت فى جميع مراحل تعاملها مع الحركات والتنظيمات الوطنية بعدم التدخل فى شئونها الداخلية كما كان لمصر دور رئيسى فى تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية "سابقا" 1963 وساعدتها على تحقيق اهدافها فى النهوض بالقارة الافريقية ومساندة شعوبها فى مسيرة التحرير والتنمية.
أما على صعيد دول العالم الثالث فقد ساهمت مصر فى نشأة حركة التضامن بين قارتى اسيا وافريقيا حيث عقد مؤتمر باندونج فى عام 1955 ومن مؤتمر باندونج شاركت مصر فى تأسيس حركة عدم الانحياز وعقد المؤتمر الأول للحركة عام 1962 .
ورغم مرور 57 عاما على قيام الثورة ورغم كل المتغيرات التى شهدتها على الساحتين الإقليمية والدولية فثورة يوليو لم تعزل نفسها عن متغيرات هذا العصر بل تواصلت واستثمرت إمكاناته ومتغيراته من تكنولوجيا واتصالات ومعلومات تفيد وتستفيد لأن حركة التاريخ مستمرة ولكل مرحلة ظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتحدياتها المتجددة .
ولهذا عاشت ثورة يوليو 57 عاما لأنها أدركت ضرورة التعامل بالمرونة والتخطيط العلمى والتقدير السليم لمتطلبات العمل الوطنى فى كل مرحلة .. وصان الشعب ثوابت الثورة وصحح مسارها حين يصبح التصحيح امرا لازما لسلامة المسيرة الوطنية .
وثورة يوليو ، تندرج ضمن الثورات العظيمة فى تاريخ الشعوب بالنظر الى ما أحدثته من تغييرات جذرية فى المجتمع المصري ونظامه السياسي والاقتصادي والعلاقات الاجتماعية بين أبنائه، وهي أيضا ثورة استقلال وطنى ضد الاحتلال الاجنبى وشكلت قاعدة دعم لحركات التحرر الوطنى فى كل من افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ، ورفض الأحلاف الدولية فى زمن صراعات الدول الكبرى .. كل ذلك كله شكل شهادة كبرى لعظمة الثورة ولمصر ولقائد هذه الثورة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وقد عكست ثورة يوليو "البيضاء" بصدق روح شعب مصر الذى ينبذ العنف ويحترم حق الحياة ،كما كانت ثورة يوليو استجابة تاريخية لمتطلبات عصر تغيرت مفاهيمه الأساسية وبقيت ثوابتها صامدة وخالدة وهى قيم الحرية والعدل والكرامة .
وكما قال الرئيس حسنى مبارك ، فان هذه القيم لايمكن ان تفنى أو تندثر لأنها قيم عظيمة جاهد الإنسان المصري على طول تاريخه من أجل تحقيقها، ورغم الفارق الزمنى منذ قيام ثورة يوليو وتولى الرئيس حسنى مبارك مسئولية الحكم الا ان القيم الثلاث باقية كمنهج عمل وأهداف وطنية نسعى لتحقيقها دون توقف أو جمود فى عالم سمته الرئيسية الحركة السريعة والتغير المتواصل .
وتميزت ثورة يوليو بأن حباها الله بثلاث زعامات متتالية .. جمال عبد الناصر ، وأنور السادات ، وحسنى مبارك .. وجسد كل منهم مرحلة مهمة عبرت عن أمال وهموم المواطن المصري، وهم ضحوا بالكثير من أجل رفاهية شعبهم.
والاحتفال بذكرى الثورة يعكس مشاعر الاعتزاز بالوطنية المصرية القادرة على صناعة المستقبل المشرق لأجيال تنعم بحياة كريمة وديمقراطية وقيم راسخة ومبادىء سامية ، وهكذا ستظل ثورة يوليو باقية فى أعماق الشعب المصري .
ويرى المؤرخون أن ثورة 23 يوليو تختلف عن غيرها من الثورات لأنها جمعت بين الثورة على الحكام من أبناء أسرة محمد على ، وعلى الوجود البريطانى فى البلاد ، وانهاء مجتمع النصف فى المائة .. فقد كان كل شىء فى مصر يطالب بالثورة وينتظرها بدليل تجاوب الشعب المصرى بجميع طبقاته معها لأنها وضعت حدا لسوء توزيع الثروات والجهل المستشرى فى البلاد .. كما كانت تحكم البلاد ثلاث سلطات .. سلطة الاحتلال البريطانى وسلطة القصر وعلى رأسها الملك ، وسلطة وطنية تمثلها المظاهرات الطلابية والحركات الشعبية.
وكان من أهم عوامل نجاح الثورة -كما يرى المراقبون- اعلانها ستة مبادىء عبرت جميعها عن طموحات ومطالب الشعب وهى القضاء على الاستعمار وأعوانه،والقضاء على الأقطاع،والقضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال ،واقامة عدالة اجتماعية ،واقامة جيش وطنى قوى ، واقامة حياة ديمقراطية سليمة.
وبدأت الثورة خطواتها الأولى بعزل الملك فاروق عن العرش وتنازله لابنه الطفل أحمد فؤاد ، وفى 18 يونيو 1953 أعلنت الثورة الغاء الملكية وقيام أول جمهورية فى التاريخ المصرى وتولى اللواء محمد نجيب رئاسة الجمهورية وحلت الاحزاب السياسية بعد أن عجزت عن المقاومة أمام النظام الجديد.
ثم بدأت الثورة باتخاذ مجموعة من الاجراءات للقضاء على الإقطاع وإعادة توزيع الأراضي على الفلاحين بإصدار قوانين الإصلاح الزراعي وتمليك الاراضى للفلاحين ليحصد الفلاح ، لأول مرة فى حياته ، مايقوم بزراعته .
ولم تغفل الثورة الدور الرائد لمصر كدولة زراعية حيث بدأت مجموعة من المشروعات منها مشروع مديرية التحرير ..كما جسدت الثورة حلم المصريين فى وطن مرفوع الرأس فوقعت اتفاقية الجلاء فى 20 أكتوبر عام 54 بعد 74 عاما من الاحتلال.
وواصلت الثورة تحقيق أهدافها فخاضت معارك كثيرة من أهمها معركة تأميم قناة السويس فى 26 يوليو عام 56 ، ردا على قرار المؤامرة الدولية برفض تمويل مشروع السد العالي .
وحرصت الثورة على القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال من خلال قوانين يوليو الاشتراكية عامى 1961 ، و1964 لتأميم قطاعات واسعة من الاقتصاد المصرى فى المجالات الصناعية والتجارية والخدمية وإشراك العمال فى مجالس ادارتها، وكانت قرارات التأميم الصادرة هى حجر الزاوية فى تغيير النظام الاقتصادي.
واتجهت الثورة بعد ذلك لتمصير البنوك الاجنبية ، واقامة قاعدة صناعية ضخمة،وتحقيق العدالة الاجتماعية وصدر دستور عام 1956 ليؤكد ذلك وهو أول دستور مصرى يتضمن نصوصا بضرورة تحقيق هذا المبدأ.
وكان بناء جيش وطنى قوى من أهم اهداف الثورة وبدأت جهود قادة الثورة بمحاولة احياء اتفاق 1950 بين الحكومتين المصرية والبريطانية بشأن بيع الاسلحة الثقيلة الا ان بريطانيا رفضت وجاء رد مصر بعقد صفقة الاسلحة مع تشيكوسلوفكيا عام 1955 ثم تنوعت مصادر الاسلحة بعد ذلك من الاتحاد السوفيتى والصين ومعظم دول اوروبا الشرقية .
ثم جاءت سنوات مابعد هزيمة 67 والتى شهدت عمليات اعادة بناء القوات المسلحة ، ولاشك ان حرب اكتوبر 73 فتحت الباب لمرحلة تطوير جديدة فى القوات المسلحة .
وفى نفس الوقت سعت الثورة الى تحقيق حياة ديمقراطية بوسائل عديدة ففى عام 56 صدر الدستور الذى نص على اقامة تنظيم جديد هو الاتحاد القومى الذى استمر ست سنوات وحل محله الاتحاد الاشتراكى الذى اعيد تشكيله ثلاث مرات وبعد نكسة 67 صدر بيان 30 مارس عام 68 الذى نص على تحويل مصر الى مجتمع مفتوح وقبول الرأى والرأى الأخر .
وفى عهد الرئيس السادات صدر قرار المنابر الثلاثة .. وفى عام 1977 أعلن قيام الاحزاب مما أثرى الحياة الحزبية .. ومع تولى الرئيس مبارك المسئولية عرفت مصر العمل الحزبى الحقيقى واتساع مساحة الحريات وترسيخ الممارسة الديمقراطية .
أما على الصعيد الدولى فقد تزامن قيام الثورة مع مجموعة من الظروف الاقليمية والدولية ساعدتها على القيام بدور فعال على الساحة الدولية ، وأتاحت لمصر قيادة معارك عديدة ضد الاستعمار وظهورها على المسرح الدولى كنموذج يحتذى للحركات الثورية .
فقد واكب قيام الثورة انشاء العديد من المنظمات الدولية على رأسها الأمم المتحدة التى قامت على مبدأ المساواة بين كل الدول ودعا ميثاقها الى احترام مبدأ تساوى الشعوب وحقها فى تقرير المصير مما اعتبر بداية لبزوغ عصر التحرر الوطنى .
وصادف عصر الثورة فترة الحرب الباردة فى بداية الخمسينات من القرن العشرين وحلول قطبين جديدين هما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى محل القوى الأوروبية التقليدية مماكان يسمح بالمناورة السياسية بين القطبين .
كما تزامن قيام الثورة مع تزايد موجة التحرر الوطنى التى خاضها عديد من شعوب العالم الثالث ، وقد دعم كل هذه الظروف عامل آخر مهم هو شخصية الرئيس جمال عبد الناصر الطموحة ذات التوجه الاستقلالى والتى مكنته من الظهور كزعيم قومى وسط قادة العالم الثالث نتيجة المعارك السياسية التى خاضها .
وانطلاقا من كل هذه العوامل اتخذت مصر منذ عام 52 سياسة خارجية طموحة ومتحررة استندت على تاريخ مصر وموقعها الجغرافى ..وكانت فلسفة الثورة عام 54 أول وثيقة مصرية حاولت رصد ثلاث دوائر رئيسية للتحرك الخارجى هى العالم العربى والقارة الأفريقية والعالم الاسلامى والدائرة الأفرو اسيوية .
وكان التركيز على الدائرة العربية حيث اهتمت الثورة بقضية فلسطين التى كانت فى مقدمة قضايا التحرر الوطنى ، كما قدمت العديد من اشكال الدعم لحركات التحرر الوطنى فى الجزائر ، وتونس والمغرب واليمن والعراق والسودان وليبيا ، والتقت الحركات الوطنية فى العالم العربى مع الثورة المصرية وتجاوبت مع فكرها .
أما على الصعيد الأفريقى والعالم الثالث ، وقفت الثورة مع الدول التى كانت تناضل من أجل تحرير ارادتها ايمانا منها بحق الشعوب فى تقرير مصيرها وبوحدة النضال فى مواجهة الاستعمار ، فساندت الثورة فى كينيا ، وثورة الكاميرون ، وثورة الكونغو ، ثم ثورات أنجولا وموزمبيق وغينيا بيساو ووقفت مع شعب روديسيا "زيمبابوى" كما أيدت حركات التحرر بجنوب افريقيا.
كما فتحت مصر أبوابها لتدريب حركات التحرر الأفريقية والتزمت فى جميع مراحل تعاملها مع الحركات والتنظيمات الوطنية بعدم التدخل فى شئونها الداخلية كما كان لمصر دور رئيسى فى تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية "سابقا" 1963 وساعدتها على تحقيق اهدافها فى النهوض بالقارة الافريقية ومساندة شعوبها فى مسيرة التحرير والتنمية.
أما على صعيد دول العالم الثالث فقد ساهمت مصر فى نشأة حركة التضامن بين قارتى اسيا وافريقيا حيث عقد مؤتمر باندونج فى عام 1955 ومن مؤتمر باندونج شاركت مصر فى تأسيس حركة عدم الانحياز وعقد المؤتمر الأول للحركة عام 1962 .
ورغم مرور 57 عاما على قيام الثورة ورغم كل المتغيرات التى شهدتها على الساحتين الإقليمية والدولية فثورة يوليو لم تعزل نفسها عن متغيرات هذا العصر بل تواصلت واستثمرت إمكاناته ومتغيراته من تكنولوجيا واتصالات ومعلومات تفيد وتستفيد لأن حركة التاريخ مستمرة ولكل مرحلة ظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتحدياتها المتجددة .
ولهذا عاشت ثورة يوليو 57 عاما لأنها أدركت ضرورة التعامل بالمرونة والتخطيط العلمى والتقدير السليم لمتطلبات العمل الوطنى فى كل مرحلة .. وصان الشعب ثوابت الثورة وصحح مسارها حين يصبح التصحيح امرا لازما لسلامة المسيرة الوطنية .