علم القافية:
هو علم يعرف به أحوال أواخر الأبيات الشعرية من حركة وسكون ولزوم وجواز، وفصيح وقبيح، ونحو ذلك. وبهذا العلم يحترز عن الخطأ في القافية، أي في آخر الأبيات الشعرية من حيث ما يعرض لها.
مباحثه:
يبحث في تعريف القافية، وحروفها، وحركاتها، ونوعها من حيث الإطلاق والتقييد، وأقسام كل نوع، وفي ألقابها وعيوبها.
وقد تكلم في هذا العلم الأئمة من قبل الخليل كأبي عمرو بن العلاء، إلا أن لم يدون مفصلاً، إلا على يد الخليل.
تعريف القافية:
عرفها المحدثون بأنها عدة أصوات تتكرر في أواخر الأشطر أو الأبيات من القصيدة. وبهذا تكون جزءا هاما من موسيقا الشعر، فهي بمثابة الفواصل الموسيقية يتوقع السامع تردادها مستمتعًا بها في فترات زمنية منتظمة، وبعد عدد معين من مقاطع ذات نظام خاص يسمى الوزن.
.وعلى ذلك لو أمكن أن تتكرر أصوات نصف شطر دون إخلال بالمعنى ودون تكلف، صح أن تسمى كل تلك الأصوات المكررة قافية
أما القدماء فقد عرفها الأخفش بأنها آخر كلمة في البيت، كما عرفها قطرب بأنها الحرف الذي تبنى القصيدة عليه وهو المسمى رويا. وعرفها ابن كيثان بأنها كل شيء لزمت إعادته في آخر البيت. ولكن الخليل - وهو فارس الحلبة - عرفها بقول: القافية من آخر حرف في البيت إلى أول ساكن يليه - رجوعا - مع الحركة التي قبل الساكن. وهذا التعريف الاصطلاحي للقافية يعتبر أجمع الحدود لها؛ لأنه ينتظم جميع العوارض في القافية من حروف وحركات تراعى أحكامها، ومتى اختل شيء مما شرطه فسدت القافية.
قد يتحرك آخر روى البيت ، فيقال إن القافية مطلقة ، وقد يسكن ، فيقال ، إن القافية مقيدة .
فالأول كقول أبي نواس :
أجارة بيتينا أبوك غيور وميسور ما يرجى لديك عسير
والثاني كقول طرفة :
أصحوت اليوم أم شاقتك هو ومن الحب جنون مستعر
أ_ القوافي المطلقة
ثم إن القوافي المطلقة قد يوصل رويها بحرف مد ألفا أو واوا أو ياء ،وقد يوصل رويها بهاء ، فهذان نوعان :
النوع الأول : قد يأتيك والقافية مؤسسة ، كما في قول عروة بن الورد :
أتهزأ منى أن سمنت وأن ترى على شحوب الحق والحق جاهد
أفرق جسمي في جسوم كثيرة وأحسو قراح الماء والماء بارد
وقد يأتيك والقافية مردوفة كقول ابن زيدون :
ما على ظني باس يجرح الدهر ويأسو
وكذا الدهر إذا ما عز ناس ذل ناس
وقد تأتيك القافية مجردة من التأسيس والردف ، كقول حافظ يعاتب صديقا :
أدلال ذاك أم كســـل أم تناس ذاك أم ملل
أم ـ وقال الله ـ في كدر أم على الأقدار تتكل
والنوع الثاني : قد يأتيك والقافية مؤسسة ، كقول البحتري في مصرع المتوكل :
صـريع تقاضاه السـيوف حشاشة يـجود بها والموت حـمر أظافره
ولو كان سيفى ساعة الفتك في يدي درى الفاتك العجلان كيف أساوره
وقد يأتيك والقافية مردوفة ، كقول الأعشى يصف الساقي وخمره :
فقــام فصب لنا قهوة تسكننا بعد إرعــادها
كميت تكشف عن حمرة إذا صرحت بعد إزبادها
وقد يأتيك والقافية خالية من التأسيس والردف جميعا ، كقول ابن قيس الرقيات :
بكر العوازل في الصبا ح يلمنني وألومهــنه
ويقلن شيـب قد علا ك وقد كبرت فقلت إنه
لا بد من شيب فدعـ ـن ولا تطلن ملا مكنه
ولا يخدعنك السكون في آخر البيت ، فتحسب القافية مقيدة ، فإن هذا الوصف إنما تستحقه القافية ، حيث يكون السكون على حرف الروي لا على هاء الوصل فتدبر .
( ب ) القوافي المقيدة
وهي كذلك تأتي مؤسسة ، كقول أبي الطيب :
أزائر يا خيال أم عائد أم عند مولاك أنني راقد
وتأت مردوفة كقول الشاعر .
أهلا أبـا قردان يا منقذ الفلاح
كلاكما قد هان واستمرأ الأتراح
وتأتي خالية من الردف والتأسيس ، كقوله في أبي قردان أيضا :
تعيش بين الحقول مستأصلا للضرر
بناقر لا يـحول وناظر من شـرر
وليس يفوتنا ههنا أن ننبه إلى أن القوافي المقيدة بعامة أعسر مطلبا من القوافي المطلقة ، وأنها بعد المد أيسر منها دون المد ، ولا تكاد تجدها في البحور الطوال ، حاشا المتقارب والرمل والطويل ، وتفشو في القصار وتحسن والتقاء الساكنين نمط صعب ، لا يركبه إلا قدير ، كما نرى لأبي العلاء في درعيته التي مطلعها :
ما نخلت جارتنا ودها يوم تراءت بكثيف النخل
ولا نرى من ذلك إلا المشطورات القصار .
لزوم ما لا يلزم
عرفت أن لوازم القافية من الحروف خمس : الروي ، والردف ، والتأسيس ، والوصل ، والخروج ، وقد أظهرناك عليها فيما سلف .
وإن لوازم القافية من الحركات أربع : المجرى ، والتوجيه ، والدخيل ، والحذو ، وقد شرحناها لك آنفا .
فإذا التزم الشاعر في قصيدته ، أو مقطوعته هذه اللوازم من حروف وحركات فهو حسبه ، وإن أصر وازداد ، كان ملتزما لما لا يلزم ، وقد أغرم بذلك أبو العلاء تفاصحا وإظهارا للقدرة والتمكن اللغوي فإن ما يلزم في القافية أمر ليس بالسهل تحصيله فإذا تخطاه إلى التزام يتبرع به ونافلة يجود بها ، دل ذلك على سعة محصوله ومواتاة ذهنه .
هو علم يعرف به أحوال أواخر الأبيات الشعرية من حركة وسكون ولزوم وجواز، وفصيح وقبيح، ونحو ذلك. وبهذا العلم يحترز عن الخطأ في القافية، أي في آخر الأبيات الشعرية من حيث ما يعرض لها.
مباحثه:
يبحث في تعريف القافية، وحروفها، وحركاتها، ونوعها من حيث الإطلاق والتقييد، وأقسام كل نوع، وفي ألقابها وعيوبها.
وقد تكلم في هذا العلم الأئمة من قبل الخليل كأبي عمرو بن العلاء، إلا أن لم يدون مفصلاً، إلا على يد الخليل.
تعريف القافية:
عرفها المحدثون بأنها عدة أصوات تتكرر في أواخر الأشطر أو الأبيات من القصيدة. وبهذا تكون جزءا هاما من موسيقا الشعر، فهي بمثابة الفواصل الموسيقية يتوقع السامع تردادها مستمتعًا بها في فترات زمنية منتظمة، وبعد عدد معين من مقاطع ذات نظام خاص يسمى الوزن.
.وعلى ذلك لو أمكن أن تتكرر أصوات نصف شطر دون إخلال بالمعنى ودون تكلف، صح أن تسمى كل تلك الأصوات المكررة قافية
أما القدماء فقد عرفها الأخفش بأنها آخر كلمة في البيت، كما عرفها قطرب بأنها الحرف الذي تبنى القصيدة عليه وهو المسمى رويا. وعرفها ابن كيثان بأنها كل شيء لزمت إعادته في آخر البيت. ولكن الخليل - وهو فارس الحلبة - عرفها بقول: القافية من آخر حرف في البيت إلى أول ساكن يليه - رجوعا - مع الحركة التي قبل الساكن. وهذا التعريف الاصطلاحي للقافية يعتبر أجمع الحدود لها؛ لأنه ينتظم جميع العوارض في القافية من حروف وحركات تراعى أحكامها، ومتى اختل شيء مما شرطه فسدت القافية.
قد يتحرك آخر روى البيت ، فيقال إن القافية مطلقة ، وقد يسكن ، فيقال ، إن القافية مقيدة .
فالأول كقول أبي نواس :
أجارة بيتينا أبوك غيور وميسور ما يرجى لديك عسير
والثاني كقول طرفة :
أصحوت اليوم أم شاقتك هو ومن الحب جنون مستعر
أ_ القوافي المطلقة
ثم إن القوافي المطلقة قد يوصل رويها بحرف مد ألفا أو واوا أو ياء ،وقد يوصل رويها بهاء ، فهذان نوعان :
النوع الأول : قد يأتيك والقافية مؤسسة ، كما في قول عروة بن الورد :
أتهزأ منى أن سمنت وأن ترى على شحوب الحق والحق جاهد
أفرق جسمي في جسوم كثيرة وأحسو قراح الماء والماء بارد
وقد يأتيك والقافية مردوفة كقول ابن زيدون :
ما على ظني باس يجرح الدهر ويأسو
وكذا الدهر إذا ما عز ناس ذل ناس
وقد تأتيك القافية مجردة من التأسيس والردف ، كقول حافظ يعاتب صديقا :
أدلال ذاك أم كســـل أم تناس ذاك أم ملل
أم ـ وقال الله ـ في كدر أم على الأقدار تتكل
والنوع الثاني : قد يأتيك والقافية مؤسسة ، كقول البحتري في مصرع المتوكل :
صـريع تقاضاه السـيوف حشاشة يـجود بها والموت حـمر أظافره
ولو كان سيفى ساعة الفتك في يدي درى الفاتك العجلان كيف أساوره
وقد يأتيك والقافية مردوفة ، كقول الأعشى يصف الساقي وخمره :
فقــام فصب لنا قهوة تسكننا بعد إرعــادها
كميت تكشف عن حمرة إذا صرحت بعد إزبادها
وقد يأتيك والقافية خالية من التأسيس والردف جميعا ، كقول ابن قيس الرقيات :
بكر العوازل في الصبا ح يلمنني وألومهــنه
ويقلن شيـب قد علا ك وقد كبرت فقلت إنه
لا بد من شيب فدعـ ـن ولا تطلن ملا مكنه
ولا يخدعنك السكون في آخر البيت ، فتحسب القافية مقيدة ، فإن هذا الوصف إنما تستحقه القافية ، حيث يكون السكون على حرف الروي لا على هاء الوصل فتدبر .
( ب ) القوافي المقيدة
وهي كذلك تأتي مؤسسة ، كقول أبي الطيب :
أزائر يا خيال أم عائد أم عند مولاك أنني راقد
وتأت مردوفة كقول الشاعر .
أهلا أبـا قردان يا منقذ الفلاح
كلاكما قد هان واستمرأ الأتراح
وتأتي خالية من الردف والتأسيس ، كقوله في أبي قردان أيضا :
تعيش بين الحقول مستأصلا للضرر
بناقر لا يـحول وناظر من شـرر
وليس يفوتنا ههنا أن ننبه إلى أن القوافي المقيدة بعامة أعسر مطلبا من القوافي المطلقة ، وأنها بعد المد أيسر منها دون المد ، ولا تكاد تجدها في البحور الطوال ، حاشا المتقارب والرمل والطويل ، وتفشو في القصار وتحسن والتقاء الساكنين نمط صعب ، لا يركبه إلا قدير ، كما نرى لأبي العلاء في درعيته التي مطلعها :
ما نخلت جارتنا ودها يوم تراءت بكثيف النخل
ولا نرى من ذلك إلا المشطورات القصار .
لزوم ما لا يلزم
عرفت أن لوازم القافية من الحروف خمس : الروي ، والردف ، والتأسيس ، والوصل ، والخروج ، وقد أظهرناك عليها فيما سلف .
وإن لوازم القافية من الحركات أربع : المجرى ، والتوجيه ، والدخيل ، والحذو ، وقد شرحناها لك آنفا .
فإذا التزم الشاعر في قصيدته ، أو مقطوعته هذه اللوازم من حروف وحركات فهو حسبه ، وإن أصر وازداد ، كان ملتزما لما لا يلزم ، وقد أغرم بذلك أبو العلاء تفاصحا وإظهارا للقدرة والتمكن اللغوي فإن ما يلزم في القافية أمر ليس بالسهل تحصيله فإذا تخطاه إلى التزام يتبرع به ونافلة يجود بها ، دل ذلك على سعة محصوله ومواتاة ذهنه .